إلى الواجهة مجدداً، يفرض "التحطيب" نفسه على أسلوب الحياة اليومية على الأسر في قطاع غزة، مع نفاذ غاز الطهي، ومواصلة الاحتلال اغلاق معابر قطاع غزة.
فعلى قارعة الطريق، يبيع الأربعيني أبو ماهر المجدلاوي الأخشاب المتعددة الأصناف والأحجام للمارة سعياً منه للحصول على كسب مالي يمكنه من تأمين مستلزمات أسرته النازحة من مدينة غزة وتقطن حاليا في خيمة في دير البلح وسط القطاع.
المجدلاوي كان يعمل قبل شن الاحتلال حربه على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي موزعا للأدوات الكهربائية على المحال والشركات المتخصصة وكانت حياته تسير على ما يرام.
يقول المجدلاوي لـ "فلسطين أون لاين:" مدة الحرب طالت، والمال الذي بحوزتي نفذ، فاضطررت وأبنائي وبعض الأقارب الى بيع وشراء الأخشاب".
وأضاف:" العمل في التحطيب مجهد جدا مقارنة بعملي السابق لكن هذه احكام الحياة، لا تدوم الأشياء كما نريد ولا يستطيع الأب أن يبقى مكتوف اليدين أمام متطلبات أطفاله".
وأشار المجدلاوي إلى، أن الأخشاب يحصل عليها من بساتين زيتون وحمضيات جرفها الاحتلال الإسرائيلي في توغلاته.
وتتفاوت أسعار بيع الأخشاب من وقت لآخر حيث أنها ترتفع في وقت يشح فيه السوق من الوقود، وأشار المجدلاوي إلى أن كيلو جرام الخشب يبيعه من شيقل ونصف إلى2 شيقل. ولفت إلى أن البيع زاد عقب شح الوقود في القطاع.
ويأخذ المشترى الأخشاب كوقود بديل عن الغاز لأغراض الطهي المنزلي والخبيز، ويستخدمه محال وبسطات بيع الفلافل.
وتحتاج عملية التحطيب إلى جهد كبير لتقطيع الخشب بمقاسات محددة، البعض الذي يعمل في هذا المجال يستخدم أدوات بسيطة متاحة من منشار يدوي، ومطارق حديدة وغيرها وآخر يلجأ الى استئجار منشار خشبي يعمل بالسولار وهو أسرع واوفر في الوقت لكنه مكلف مالياً.
ويجد الأطفال في جمع الحطب وبيعها وسيلة لكسب قوت يومهم حيث يضطر الأطفال لأن يجوبوا الشوارع والطرقات ونبش المخلفات والهدم بحثاً عن الأخشاب والاتيان بها الى بائع الحطب حيث أنهم يبيعون الكيلو جرام بنحو سبع اغورات. كما يقول الطفل مؤيد أبو ناموس.
وتضطر الأسر العاجزة عن الحصول على غاز الطهي لشحة او ارتفاع ثمنه او عدم امتلاكها موقد الى استخدام الحطب كبديل.
حيث يبين رب الأسرة أبو ياسر عويضة الذي يمكث خمسة أشهر تقريباً في مخيم للنازحين في دير البلح وسط القطاع أنه كان في بادئ الأمر يستخدم غاز الطهي لكن بعد نفاذه لم يتمكن من التعبئة، وإن سنحت له الفرصة يكون سعر الأسطوانة غالي جداً، فيضطر الى جمع الحطب وشراءه لعملية الطهي.
وتعد عملية تأمين الأسر لغاز الطهي مجهدة للغاية، في أعقاب سيطرة الاحتلال على معابر القطاع واستمرار عملياته العسكرية المكثفة.
ورغم تفهم الظروف التي أدت بالناس إلى التحطيب إلا أن البعض يتعمد قطع أشجار قائمة في البساتين الخاصة والطرقات العامة، ما يسبب في تدمير البيئة، كما أن الاستخدام المتكرر لحرق الخشب في أعمال الطهي ينجم عنه غازات تسبب أمراضاً للجهاز التنفسي مما يتطلب من المجتمع الدولي التحرك السريع لوقف الحرب وفتح المعابر وإدخال كافة احتياجات السكان من مأكل ومشرب ووقود وأدوية قبل استفحال الأزمات.