كبّدت فصائل المقاومة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في الجنود والضباط والعتاد والآليات العسكرية، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من مايو/أيار الحالي، وأثناء المعارك الضارية في منطقتي رفح وجباليا ومدينة غزة وشمالي القطاع.
واعترف جيش الاحتلال بمقتل 23 جنديا وضابطا منذ مطلع الشهر الجاري، بينما أعلنت الأجهزة الأمنية كذلك مقتل 13 مدنيا إسرائيليا بينهم 4 أسرى زعم الجيش الإسرائيلي أنه استعاد جثامينهم من قطاع غزة.
ومنذ انطلاق "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل 1534 إسرائيليا، بينهم 631 جنديا وضابطا، منهم 283 قتلوا خلال التوغل البري بالقطاع. كما أصيب 3535 جنديا منذ بداية الحرب، بينهم 1747 أصيبوا خلال العملية البرية، ومن بين الجرحى 543 منهم إصابتهم خطيرة، وذلك بحسب معطيات الجيش الإسرائيلي.
تُظهر بيانات رسمية من وزارة الصحة الإسرائيلية، أن المستشفيات الإسرائيلية استقبلت أعلى معدل من الإصابات خلال الشهرين الفائتين، منذ أن بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي معارك رفح وجباليا بقطاع غزة، بدءاً من تاريخ 7 مايو/أيار 2024، وحتى يوم 20 من الشهر نفسه.
هذا الارتفاع اللافت في الإصابات خلال مايو/أيار 2024، يتزامن أيضاً مع تسجيل أعلى عدد قتلى من جنود الاحتلال خلال الشهرين الماضيين، بحسب ما تظهره قاعدة بيانات قتلى الجيش منذ بدء الحرب على غزة.
كذلك فإن ما تظهره الأرقام الرسمية من ارتفاع في أعداد الإصابات خلال الفترة بين 7 و20 مايو/أيار 2024، يتماشى مع إقرار جيش الاحتلال رسمياً بإصابة أعداد كبير من جنوده خلال هذه الفترة.
وتدرج وزارة الصحة الإسرائيلية أعداد الإصابات في قاعدة بيانات أنشأتها منذ بدء الحرب، وتقول إنها خاصة بالجرحى الذين أدخلوا إلى المستشفيات خلال فترة "حرب السيوف الحديدية"، وهي التسمية الإسرائيلية للحرب على غزة.
ولا تفرق بيانات الوزارة بشكل واضح بين إصابات المدنيين والعسكريين، بسبب الرقابة العسكرية الإسرائيلية على ما يُنشر حول الخسائر المتعلقة بالجيش الإسرائيلي خلال الحرب، إذ تؤكد تقارير إسرائيلية أن الجيش يتعمد إخفاء الأرقام الحقيقية لإصابات جنوده حفاظاً على الروح المعنوية للإسرائيليين.
ورغم ذلك، فإن أعداد الإصابات المُعلنة في قاعدة بيانات وزارة الصحة الإسرائيلية ضمن فترات زمنية مُحددة، تعطي مؤشرات تتعلق بالمصابين من الجيش، لا سيما في حالة المقارنة بين أعداد الإصابات مع الفترة الزمنية التي بدأ فيها جيش الاحتلال معارك جديدة في القطاع.
صدمة أدت إلى تقويض قدرة المجتمع على الصمود
وفي الإطار، توافقت قراءات المحللين السياسيين، أن المجتمع الإسرائيلي لم يتعافَ بعد من "الصدمة الجماعية" التي سببتها أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقدرت أن هجوم حماس أدى إلى تقويض قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود بشكل كبير.
وتحت عنوان "بعد مرور 7 أشهر على الحرب، تتراجع قدرة إسرائيل على الصمود بشكل واضح" أصدر معهد لأبحاث الأمن في جامعة تل أبيب تقدير موقف بشأن سير الحرب ومسألة ما يسمى اليوم التالي.
وتحدث المعهد عن تراجع مستمر فيما سماها "حصانة وصمود المجتمع الإسرائيلي" خصوصا في الحرب المتعثرة بالقطاع، ومصير الأسرى، والوضع الصعب الذي يواجهه الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات بالجنوب والشمال، والعمليات المتواصلة ضد حزب الله والجبهة الناشئة ضد إيران.
وقالت شبيرا التي شاركت في صياغة تقدير الموقف "الصورة الحالية للمرونة والصمود في إسرائيل معقدة. ورغم أنه لا تزال هناك بعض العلامات المشجعة، فإنه مع استمرار الحرب وتعاظم الخسائر الاجتماعية، والاقتصادية والعسكرية، تتزايد العلامات التي تشير لتراجع واضح في صمود إسرائيل".
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن "ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي لا تزال عالية، بيد أن العلامات المثيرة للقلق تتعلق بانخفاض كبير بالثقة في قدرة الجيش على النصر وتحقيق أهداف الحرب المعلنة".
وأشارت الباحثة الإسرائيلية إلى تعاظم انعدام الثقة بأداء حكومة نتنياهو، والتراجع في دعم أهداف الحرب، التي قد ينظر إليها اليوم على أنها بعيدة المنال تماما، وسط تراجع التضامن المجتمعي والشعور بالتفاؤل والأمل.
من جانبه، يرى المراسل العسكري لموقع "والا" الإخباري الإسرائيلي أمير بوخبوط أن الخسائر التي تكبدها الجيش مؤخرا تلزم المستوى السياسي الإسرائيلي بتحديد المراحل الجديدة من العملية البرية في رفح.