بدأت عشرات الشاحنات التابعة لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، صباح الجمعة، بتفريغ حمولة أول سفينة مساعدات إنسانية تصل إلى الرصيف العائم على شاطئ بحر قطاع غزة.
وانطلقت عشرات الشاحنات من مناطق جنوبي قطاع غزة، ووصلت إلى الميناء العائم جنوبي مدينة غزة، وبدأت بنقل حمولة أول سفينة مساعدات إنسانية تصل إلى الميناء.
وذكر أن الشاحنات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، ورافقتها طواقم من المنظمة في طريقها إلى الميناء.
موضوع ذي صلة: "ممزوج ببقايا بشرية".. صحيفة: "رصيف غزة العائم" يثير المخاوف لهذه الأسباب !
وبحسب مصادر محلية فلسطينية، فإن الشاحنات ستعمل على نقل حمولة سفينة المساعدات إلى مناطق جنوبي القطاع لتوزيعها على مئات آلاف النازحين خاصة في منطقة المواصي، غربي خانيونس ودير البلح.
ويوم أمس الخميس، أعلنت القيادة المركزية للجيش الأمريكي (CENTCOM)، عن الانتهاء من إنشاء الرصيف البحري على شواطئ غزة، وأن المساعدات الإنسانية ستبدأ بالمرور عبره خلال الأيام المقبلة، مشددة على أن أي قوات أميركية لن تدخل إلى غزة.
وعن التفاصيل، في المرحلة الأولى، ستدخل عبر "الرصيف العائم" يومياً مساعدات تعادل 90 شاحنة، ومن المتوقع أن يرتفع العدد إلى 150 شاحنة يومياً.بحسب ما نشرته تقارير عبرية وأمريكية صادرة عن الجيش الأمريكي.
وأوضح مسؤولون في القيادة المركزية أن الطريقة ستكون على النحو التالي: أولًا، ستصل المساعدات إلى قبرص عن طريق الجو أو البحر، حيث سيتم تفتيشها بشكل صارم وشامل من قبل مسؤولي الجمارك القبرصيين والطواقم الإسرائيلية والأمريكية وممثلي الأمم المتحدة.
وبعد مرحلة التفتيش الأمني، سيتم تحميل شحنات المساعدات على متن سفن تجارية، وستبحر بها لمسافة حوالي 320 كيلومترًا إلى منصة عائمة قبالة سواحل غزة، وهناك، سيتم نقل البضائع إلى الشاحنات، وسيتم تحميلها على نوعين من السفن الصغيرة القادرة على الرسو في الرصيف العائم.
وهنا، ستقوم سفن الجيش الأمريكي بدفع الرصيف العائم إلى مكانه حتى يتم توصيله بالشاطئ، حيث سيتم تثبيته وتأمينه من قبل قوات الجيش الإسرائيلي، وستخرج الشاحنات من السفن وتتوجه إلى منطقة آمنة على الأرض، حيث ستقوم بتفريغ الشحنات وتعود على الفور إلى السفينة.
وستتسلم منظمات الإغاثة الشحنات لتوزيعها في منشأة قريبة من الساحل جنوب غرب مدينة غزة، وسيتم توزيع المساعدات داخل غزة من قبل الأمم المتحدة.
رصيف مشيّد على ركام منازل مهدمة معجون بـ "دماء الشهداء" "
وفي السابع من مارس/آذار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن جيش بلاده سيبني ميناء مؤقتا على ساحل القطاع لإيصال مزيد من المساعدات الإنسانية.
ووفق مصادر محلية فلسطينية، فإن الرصيف الذي يتم بناؤه على شاطئ غزة من ركام المنازل التي دمرتها إسرائيل خلال الحرب المتواصلة منذ أكثر من نصف عام، ستكون مهمته استقبال شحنات المساعدات التي توصلها السفن إلى الميناء الأميركي.
وفي وقت سابق، قالت صحيفة لوتان السويسرية إن ميناء غزة العائم الجديد المكلف والمعقد، الذي يعمل مئات الجنود الأميركيين بجد لإكماله، والذي يفترض أنه سيسمح بإيصال المساعدات الطارئة إلى مليونين من السكان، يثير مخاوف من سيطرة إسرائيلية إضافية على القطاع المدمر.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم لوي ليما- أن مسؤولين عسكريين أميركيين قالوا إن الأمر لن يستغرق سوى بضعة أيام قبل أن يصبح الميناء الجديد الذي تم بناؤه من الصفر بطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن، "جاهزا للعمل". وتساءل الكاتب "هل حان الوقت لإنجاز أعمال كبرى في غزة؟".
وذكر الكاتب أن الجيش الإسرائيلي قام بتسوية حوالي 28 هكتارا بالأرض، وبتجريف المناطق السكنية المتضررة للسماح بالعمل وتوفير المواد اللازمة لبناء الميناء.
إلا أن فلسطينيين، كما يقول ليما، أشاروا إلى احتمال وجود بقايا بشرية ممزوجة بالجسر الذي ستمر عليه المساعدات الإنسانية، حيث تقدر وزارة الصحة الفلسطينية أن حوالي 10 آلاف جثة لا تزال مدفونة تحت أنقاض المنازل المدمرة في مختلف أنحاء قطاع غزة.
ويقول فلسطينيون نزحوا مؤخرًا من مدينة غزة إلى جنوب القطاع عبر شارع الرشيد المحاذي لشاطئ البحر، إنهم شاهدوا عشرات الشاحنات تنقل ركام المنازل التي قصفتها "إسرائيل" في مناطق متفرقة من مدينة غزة إلى منطقة الميناء الجديد.
ويؤكد شهود عيان في شهادات أدلوا بها لوكالات، أن مئات المنازل التي دمرتها غارات الجيش الإسرائيلي ما زالت تحت أنقاضها جثث لشهداء لم تتمكن طواقم الإنقاذ من انتشالها بسبب ضعف الإمكانيات، ومن المؤكد أن كميات الركام الكبيرة التي يتم نقلها إلى الرصيف العائم على سواحل غزّة، ممزوجة بأشلاء ودماء ضحايا الحرب.
يثير شكوكًا من قبل المنظمات الإنسانية
ووفق تقرير أممي، حول الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فإن آلاف الأشخاص ما زالوا مفقودين جراء الحرب "الإسرائيلية" على غزة، مبينًا أن كثيرًا من المفقودين مطمورون تحت منازلهم المدمرة.
ومن الجانب الأخر، أكد المسؤولون العسكريون الأميركيون أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات على الأرض أثناء العمل ولا بعده، ولذلك على الجيش الإسرائيلي ضمان أمن المنشآت، مع أن هناك "خلية متكاملة" بين الجيشين الإسرائيلي والأميركي لتنسيق العمليات.
ومن جانبها رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، هذا التعاون -حسب الصحيفة- وأكد عضو بارز معارضتها لأي وجود غير فلسطيني في غزة "سواء كان في البحر أو البر"، معتبرة إياه "قوة احتلال".
ومع ذلك تستمر القوات الأميركية في تجميع منصة عائمة ضخمة على بعد حوالي 10 كيلومترات من الساحل، يفترض أن يقوم الإسرائيليون بفحص جميع البضائع الواصلة إليها قبل شحنها من قبرص، وبعد الوصول يتولى أسطول من السفن الصغيرة، نقل المساعدات إلى الميناء الجديد، ومنه تنقل على الشاحنات.
غير أن تنفيذ مثل هذا العمل -حسب الصحيفة- يثير شكوكا هائلة من جانب المنظمات الإنسانية، خاصة أن كمية المساعدات التي تتمكن من دخول غزة تتزايد منذ عدة أسابيع عبر معبري رفح وكرم أبو سالم في الجنوب، إضافة إلى معبر إيريز– بيت حانون الذي تستخدمه القوافل منذ يوم الأربعاء، مع أن العاملين في المجال الإنساني ينددون بالعدد الكبير من القوافل التي يرفض الإسرائيليون السماح بدخولها حاليا.
وعبر رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، عن احتمال وجود صلة بين فتح هذا الممر البحري والهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أعلنته إسرائيل على رفح في جنوب قطاع غزة، حيث يقيم مليون ونصف مليون فلسطيني الآن.
وأشار ليكس تاكنبرغ، المسؤول السابق في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) إلى أنه "في ظل الظروف العادية، لو كان الغرض من هذا الميناء الجديد إنسانيًا بحتًا، لتركت للأمم المتحدة مسؤولية إدارته بما في ذلك أمنه"، ولكن بذريعة تأمين هذه المنشأة الأميركية، فسيكون لإسرائيل أن تبني قاعدة عسكرية من شأنها أن تكمل نظام ممر نتساريم.
وفي السياق، يقول المهندس المدني الفلسطيني فتحي رياض، إن بناء الرصيف البحري يحتاج إلى مئات آلاف الأطنان من ركام المنازل المدمرة وهذا يعني جمعه من جميع مناطق مدينة غزة باعتبارها الأقرب للميناء الجديد.
من جهته، يقول المحلل السياسي الفلسطيني أسامة عبد الهادي إن "الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل تتذرعان بالإنسانية فيما يتعلق ببناء الميناء الجديد على شاطئ بحر غزة وبالواقع هم بعيدون عن الإنسانية".
ويضيف عبد الهادي "لو كانوا صادقين لقاموا بإدخال الشاحنات والجرافات العملاقة التي دخلت غزة لبناء الميناء، من أجل إنقاذ آلاف الجرحى الذين ظلوا ينزفون حتى الموت تحت أنقاض المنازل التي دمرتها دولة الاحتلال".
ويتابع "هذه الآليات والمعدات دخلت غزة من أجل بناء ميناء يحقق مصالح إسرائيل بالسيطرة على شاطئ غزة ومحاولة تهميش معبر رفح البري على الحدود مع مصر وانتزاع السيادة الفلسطينية عليه، إضافة لتشجيع الفلسطينيين على الهجرة عبر الرصيف الجديد".
ويعتقد عبد الهادي أن الترحيب "الإسرائيلي" بإنشاء الميناء وتفعيل الممر البحري يثير شكوكًا، فـ "إسرائيل" تحاصر غزة وتغلق معابرها وتعرقل دخول المساعدات ومن غير المعقول أن تقدم على هذه الخطوة إلا إذا كانت تحقق لها مصلحة خفية ويبدو أنها مرتبطة فعلاً بتشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع.
ويعزز هذا الحديث، تصريحات نتنياهو بأن "الميناء يمكن أن يسهل إخراج الفلسطينيين من غزة"، مضيفًا أنه "لا يوجد أي عائق أمام مغادرة الفلسطينيين لقطاع غزة، باستثناء عدم رغبة الدول الأخرى في قبولهم".
وكان المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري، ندد في وقت سابق خلال الشهر الجاري بالمبادرة الأميركية ببناء الرصيف البحري.وقال "إنها المرة الأولى التي أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفًا بحريًا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني".
ووصف فخري الاقتراح الأميركي، بأنه "خبيث وجاء استجابة لمصالح انتخابية"، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعمًا ماليًا لإسرائيل في حربها على غزة
وفي خطاب "حالة الاتحاد" في 8 مارس/ آذار الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه أصدر تعليماته للجيش بإنشاء ميناء مؤقت قرب ساحل غزة، مبينًا أن المزيد من المساعدات الإنسانية ستدخل إلى غزة بحرًا عبر الميناء دون أن تطأ أقدام الجنود الأمريكيين أرض القطاع.
وتشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا في البنى التحتية، مما أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".