فلسطين أون لاين

وأخيرًا جاء هذا اليوم.. أهالي القطاع يتذوقون "حلوى المصالحة"

...
غزة - يحيى اليعقوبي


كم انتظر الغزيون يومًا يُعلن فيه عن طيّ صفحةٍ سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني الناصع بالبطولاتِ والتضحيات، الجميع بلا استثناء عاشوا حالة الابتهاج باتفاق المصالحة الذي تم أمس بين حركتي حماس وفتح برعاية مصرية.

امتلأت جنبات ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة بعشرات المواطنين، واتحدت الأعلام الفلسطينية والمصرية ورايات الفصائل، تجهش قلوبهم بالفرحة مُرددين شعارات تؤكد الوحدة الفلسطينية، على وقع الأناشيد، وأصوات المفرقعات النارية ابتهاجًا بفرحة لطالما انتظرها المواطنون الفلسطينيون، وزّعت خلالها حلوى تذوقوا فيها حلاوة المصالحة معلنين توديع مرارة الانقسام.

فرحة غامرة

كانت علامات السعادة والفرحة غامرة على وجه الحاج مروان أبو بكر، وهو يتحدث عن شعوره في المشاركة باحتفالات الابتهاج بالمصالحة، قائلًا: "هذه فرحة كبيرة للمواطنين، بعد سنوات من الانقسام والكآبة التي تأثر بها الصغير والكبير في القطاع"، فقد كان اتفاق المصالحة بالنسبة للحاج أبو بكر إنجازًا عظيمًا لإسعاد الشعب الفلسطيني، آملًا أن تُحل أزمات المعابر والبطالة بأسرع وقت.

كانت هويدا الدريملي زوجة أسامة عطا الله إحدى ضحايا أحداث الانقسام، تمسك علم فلسطين بيديها، وترسم لوحة من السعادة ربما أخفت خلفها مرارة الحزن، جاءت لتشارك في هذه الاحتفالات، قائلة: "منذ عشر سنوات وأنا أطالب بإنهاء الانقسام، لأن فلسطين أكبر منا جميعًا، ولن يتحقق حلمنا بالتحرير إلا في ظل وحدة وطنية".

"أعلنت عن تنازلي عن حقي في سبيل تحقيق المصالحة حتى دون المصالحة المجتمعية أو أية استفادة مادية، لأن ما فُقد أغلى من كل أموال الأرض"، قالتها الدريملي معبرة عن موقفها الثابت، وأضافت قائلة: "سعيدة اليوم لأن مستقبل أبنائي سيكون أفضل في ظل الوحدة، ولن يعيشوا المأساة التي عشتها".

لم تنتهِ من حديثها بعد: "اليوم نطوي صفحة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني الذي لطالما كان مُشرفًا ومقاومًا، ويجب طيها بلا رجعة لأن الجميع يلوموننا عليها، وأن نؤسس لمرحلة تنمية وتحرير فلسطين"، فيما عبر كذلك الشاب طالب أبو سيدو عن شكره وتقديره لدور مصر في تحقيق المصالحة، مطالبًا بتوفير فرص عمل للشباب الذين أرهقهم الانقسام الفلسطيني وأدى لانضمام الآلاف منهم لجيش البطالة.

انتصار للقضية

لم تخلُ الاحتفالات من توحّد الأعلام المصرية والفلسطينية وأعلام حركتي فتح وحماس، إذ شاركت الجالية المصرية بغزة أهالي القطاع فرحتهم، ويقول رئيس المركز الثقافي للجالية المصرية بغزة عادل عبد الرحمن لصحيفة "فلسطين": "إن مصر اليوم تنتصر للقضية الفلسطينية، وتقول إنها الراعي الأساسي للقضية، نتيجة الضغط الذي مارسته مصر على الفرقاء الفلسطينيين من أجل تحقيق المصالحة، وإيصال رسالة أن القضية الفلسطينية هي العمق الأمني القومي لمصر".

ما أهمية أن تكون مصر الضامن للاتفاق؟ سؤال وجهته "فلسطين" لعبد الرحمن، فرد قائلا: "هي رسالة مفادها أن فلسطين ومصر جزء لا يتجزأ من الشراكة الأساسية بالشرق الأوسط، ونحن فخورون بما قدمته مصر لصالح القضية".

في حين لم يخفِ إبراهيم الغلبان (موظف بالسلطة بقطاع غزة) الذي اصطحب زوجته للمشاركة باحتفالات المصالحة، سعادته باتفاق المصالحة، قائلًا: "الانقسام قتلنا، وفرّق الوطن والآن تعود اللحمة للوطن والأرض والشعب"، مضيفًا: "سعيد لأني سأعود إلى عملي بعد سنوات من الجلوس في المنزل (..) ولو فتحت المعابر لن يفكر أحد بالهجرة للخارج".

وخلال مراسم الاحتفالات التي شهدت أهازيج ودبكة فلسطينية، مع أصوات المفرقعات النارية، كانت جهاد جرادة وخالتها الزائرة المصرية للقطاع مريم بدر ترقبان تلك الاحتفالات بفرح وسرور، فتقول جرادة لـ"فلسطين": "نأمل أن تنتهي المرحلة السابقة، وتحل مشكلتا الكهرباء والمعابر؛ لنخرج ونسافر ونزور أهلنا بمصر ونعود دون مضايقات".

قاطعتها خالتها بدر وتسللت بابتسامة مصرية لحديثنا، مردفةً: "جئتُ إلى غزة لزيارة أقاربي هنا لمدة عشرة أيام، ولكن بسبب إغلاق معبر رفح مكثت ستة شهور، عشتُ معاناة الكهرباء ونقص العلاج في غزة، ولم أستطع العودة لمصر رغم محاولاتٍ كثيرة باءت بالفشل".

على عربتها الكهربائية المتحركة قطعت باسمة منية طريقها من منطقة الشجاعية إلى ساحة الجندي المجهول، لتعبر لنا عن فرحتها: "هذا هو أسعد يوم بحياتي، لنطوي صفحة من الانقسام الذي استمر 10 سنوات، وتحل كل المشاكل التي ألقت بظلالها على واقع القطاع".

وإلى جانبها كان يحمل حسام صبيح ابنته التي يأمل أن تعيش حياة سعيدة في ظل المصالحة، فقال: "كنا متشوقين لهذا اليوم، بأن تنتهي هذه الغُمة حتى يعيش الشعب الفلسطيني حياةً أفضل، فهذا انتصار لنا جميعًا، انتصرنا على الفقر والحصار وعلى كل من لا يريد تحقيق المصالحة"، معربًا عن أمله بأن تبادر الحكومة بحل مشاكل الموظفين والمياه والكهرباء والمعابر.