قائمة الموقع

حياة الخيام.. معيشةٌ ضنكة ومهامٌ لا تنتهي

2024-05-15T13:18:00+03:00

تبدو الحياة داخل خيام النازحين بسيطة وبدائية وغير مكلفة، ولكن في واقع الحال هي حياة معقدة ممتلئة بالمآسي والمعاناة، ومثقلة بالمهام التي تشغل الآباء والأمهات من طلوع الشمس حتى غروبها من أجل توفير احتياجات أسرهن الأساسية.

وأكثر ما يقتل سكان هذه الخيم هو الروتين اليومي القاهر في توفير هذه الاحتياجات. ويعد النزوح المتكرر أحد أسوء الأمور الروتينية التي قتلت الأمل في نفوس النازحين.

وكان جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قد هدّد سكان الجزء الشرقي من مدينة رفح، وأجبرهم على إخلاء مناطق مخيماتهم ومنازلهم ومراكز إيوائهم نحو الشمال وليس أبعد من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.

الزوجان خالد وكاميليا البرقوني، وصلا قبل يومين فقط من شرق رفح، ووسط الازدحام الشديد بالنازحين عثرا على مكان داخل مخيم إيواء غير منظم وسط دير البلح لوضع خيمتهما ومنح أطفالهما الأربعة شيء من الاستقرار.

قال خالد لموقع "فلسطين أون لاين": "كنا نتوقع أن تحدث تهدئة، لقد جهزت ألعاب نارية لإطلاقها في السماء، ولم أكن أتوقع نزوح جديد".

والآن، يتوجب على الزوجين القيام بمهام روتينية معقدة لتوفير احتياجات أسرتهما الأساسية، مثل عشرات الآلاف من الأسر النازحة.

وأهم الأعمال الروتينية التي يقوم بها النازحون، البحث عن مياه الغسيل المالحة ومياه الشرب العذبة، وصنع الخبز، والاصطفاف في طوابير لا تنتهي.

وما إن استيقظت كاميليا البرقوني من نومها حتى بدأت بمشاركة العديد من النساء النازحات داخل المخيم، في التجهيز لصنع الخبز.

انقسمت تلك النساء إلى مجموعات من أجل إتمام هذا العمل بشكل جماعي لتوفير الجهد والوقت، جزء منهن يجمعن القش ويشعلن فرن الطين، وجزء آخر يجهزن العجين، وأخريات يقمن بالخبيز.

ويعد فرن الطين أو ما يعرف شعبيًا باسم الطابون، بديلًا رئيسيًا لإعداد الطعام والخبز، عن غاز الطهي الذي لا يتوفر بكميات تكفي احتياجات السكان.

وقالت كاميليا التي كانت تعمل محاسبة في شركة تجارية بغزة قبل الحرب: "كان ثمن تعبئة جرة الغاز قبل الحرب لا يتجاوز 64 شيكلًا، الآن يبلغ ثمن تعبئتها 800 شيكلًا. لذلك يعد الطابون بديلًا جيدًا عن غاز الطهي".

أما خالد والذي كان يملك محلًا تجاريًا في حي النصر غرب مدينة غزة، فيبدأ يومه بحثًا عن المياه المالحة لغسل الأواني والمياه العذبة للشرب، إذ يصطحب قوارير بلاستيكية إلى محطة مياه تبعد عن مخيمه نحو 400 مترا لتعبئتها.

يقول خالد: "إن القائمين على مخيم الإيواء الذي نقيم فيه حاليًا من أهل الخير والمتبرعين يوفرون المياه داخل المخيم، لكن تنفد هذه المياه بعد ساعات قليلة ولا تكفي لتلبية احتياجات النازحين جميعهم".

وعند الظهيرة، تنتهي كاميليا من الخبيز، تتنفس الصعداء بعد هذه المهمة الشاقة لتحبس أنفاسها من جديد لأداء المهمة الثانية، وهي غسل ملابس أطفالها.

تجلس كاميليا أمام خيمتها وأمامها جبل من الملابس المتسخة، وقالت: "لقد أعادتنا الحرب 50 عامًا للوراء على الأقل، حيث أصبحنا نغسل الملابس يدويًا. لقد أصبحت يداي شاحبتين ومجعدتين".

كما يقطع خالد وكاميليا كل يوم نحو 300 مترًا بحثا عن محال تجارية مخصصة لشحن هاتفيهما والبطارية الخاصة بإنارة خيمتهم، بمقابل مادي.

وقال خالد: "أحرص على شحن هاتفي من أجل الاطلاع على ما يدور حولي من أحداث، فنحن ننتظر بفارغ الصبر الإعلان عن وقف إطلاق النار والسماح لنا بالعودة إلى منازلنا في مدينة غزة".

ولكن خالد أشار إلى أن العثور على الانترنت في دير البلح هو بحد ذاته مهمة مستحيلة وتحتاج لقطع مسافات طويلة للعثور عليه في مكان ما، وفي أيام كثيرة يفشل بالحصول عليه الأمر الذي يبقيه منعزلًا عن ما يدور حوله.

بين ثنايا أشكال المعاناة التي لم يعش مثلها الفلسطينيون في أي حرب سابقة، هناك من يحاول التخفيف عن النازحين وأطفالهم ومنحهم بعض الأمل. حيث شكل مجموعة من الشبان فرقة اسموها "يافا" لتقديم العروض البهلوانية التي تشبه فعاليات السيرك في محاولة لرسم البسمة على وجوه النازحين.

وتزور هذه الفرقة تجمعات الإيواء في ساعات المساء، ويجمعون الأطفال النازحين حولهم ويبدئون بتأدية العروض الاستعراضية مثل نفخ النار وإلقاء النكات وإشراك الأطفال في الغناء.

"إضحاك الناس هي مهمة صعبة للغاية في أوقات الحروب والمآسي" بحسب ما يرى رامي بدر مدير الفرقة.

وأوضح بدير أن شبان الفرقة هم متطوعون ونازحون أيضا "ويعرفون ماذا تعني حياة الخيام، لذلك هم يبذلون أقصى جهد من أجل التخفيف من تداعيات الحرب على النازحين".

اخبار ذات صلة