"الإصابة والخوف والجوع" ثالوث الأوجاع التي اجتمعت على ظهر الجريح فوزي التوم (40 عاماً) الذي يرقد حالياً على أحد أسرّة المرض داخل مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا شمال قطاع غزة.
بدأت حكاية الألم مع "التوم" التي ترويها زوجته "سوزان التوم، في الرابع عشر من شهر مارس/ آذار (3 رمضان) الماضي، حينما اضطر للتوجه إلى دوار الكويت جنوب شرق مدينة غزة ليُطفأ جوع أطفاله في ظل المجاعة التي تعصف بمحافظتي غزة وشمال القطاع.
كان السبب الأهم لمجازفة "التوم" والدخول في غمار الخطر هو طفله الذي يعاني من "متلازمة داون"، حيث تقول زوجته "إن طفلهما لا يعرف معنى الجوع ويريد الأكل باستمرار".
في تلك الليلة، انطلق "التوم" برفقة أصدقائه إلى منطقة "دوار الكويت" الذي تمر عبره شاحنات المساعدات القادمة من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، ولم تمضِ بضع ساعات حتى وقع الحدث المؤلم، بعدما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي تجمعات المواطنين هناك بصواريخها الثقيلة.
وليس هذا فحسب بل دأبت طائرات الاحتلال من نوع "كواد كابتر" بإطلاق رصاصاتها صوب تلك التجمعات، فأوقعت عددًا من الشهداء والجرحى وكان من بينهم "التوم" الذي تقول زوجته عن ذلك الحدث "فوزي نجا من الموت بأعجوبة بعدما استشهد جميع رفاقه".
تناثرت شظايا الصاروخ ورصاصات طائرة "كواد كابتر" في مختلف أنحاء جسد "التوم" والتي استقرت واحدة منها بجانب قلبه، وهي ما وصفتها زوجته بأنها "الأخطر وكادت أن تقتله"، ثم تضيف "الحمدلله الناس أسعفوا زوجي وتم تحويله إلى مجمع الشفاء الطبي في حينها".
وتُكمل الزوجة المكلومة تفاصيل أخرى من الوجع خلال لقائها مع مراسل "فلسطين أون لاين"، أن زوجها فوزي مكث في المستشفى لمدة يومين، ثم عاودت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مجمع الشفاء الطبي للمرة الثالثة في شهر مارس/ آذار الماضي، الأمر الذي ضاعف من حالة فوزي الصحية.
"كان وضع زوجي مأساوي وصعب جدا لا يوصف وحدث معه انخفاض في الدم و أصبح بحاجة إلى وحدات دم إضافية" بهذه الكلمات وصفت "التوم" حالة زوجها الصحية خلال فترة حصار مجمع الشفاء.
ولم تجد كلمات تسعف ذاكرتها المنهكة للحديث عن زوجها الذي لا يزال يعيش آثار الصدمة النفسية التي عاشها بفعل الجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال بحق المرضى "الاحتلال ارتكب مجازر بشعة ونفذ إعدامات ميدانية لمرضى ومرافقين لهم وأطباء".
وتوضح أن قوات الاحتلال أبعدت مرافق زوجها "ابن عمه" إلى جنوب قطاع غزة وأصبح وحيدا بلا مرافق، الأمر الذي فاقم من حالته الصحية، خاصة أنه لا يستطيع الحركة والتنقل.
٤١ يوماً أثقل من جبال الأوهام عاشها "التوم" وحيداً خلال حصار مجمع الشفاء حيث أمضاها بلا طعام أو شراب، عدا عن اعتداء جيش الاحتلال عليه وتقطيع أنابيب العلاج التي كانت موصولة بجسده المنهك، وفقًا لزوجته.
وزادت بالقول أن حالة زوجها "فوزي" الصحية ازدادت سوءًا حيث ظهرت على ظهره تقرحات وتسمم دمه، بالإضافة إلى تعفن الجروح الناجمة عن انتشار الشظايا في أنحاء جسده.
وبعد انتهاء حصار مجمع الشفاء جرى تحويل "التوم" إلى مستشفى كمال عدوان في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، حيث كان يعاني من حالة صحية ونفسية صعبة جدا وجرى تحويله إلى قسم العناية المركزة، حسب زوجته.
وتتابع أن زوجها كان يعاني أيضا من سوء تغذية حاد نتيجة عدم تناوله الطعام والشراب فترة الحصار الاسرائي حتى أصبح كـ "الهيكل العظمي".
ولا يزال "التوم" يعني من آثار الصدمة التي حلت به من ثالوث "الإصابة والخوف والجوع" رغم التحسن الطفيف الذي طرأ على حالته الصحية منذ تحويله إلى مستشفى كمال عدوان.
ويحتاج "التوم" وفق زوجته، إلى إجراء عملية جراحية في الرئتين نتيجة الالتهابات الحادة التي أصابته خلال فترة حصاره في مجمع الشفاء، حيث قرر الأطباء تحويله للعلاج خارج قطاع غزة.
وتوجه الزوجة المكلومة صرخة لكل العالم علها تخترق أسماعهم بضرورة تحويل زوجها لخارج القطاع لإجراء العملية الجراحية.