قائمة الموقع

لماذا أعدتُّم جنودنا إلى معارك شمال غزة؟ إليكم الصورة "القاتمة" التي يخفيها الإعلام العبري عن "إسرائيل"

2024-05-14T10:37:00+03:00

7 أشهر متتالية والاحتلال يتكبّد خسائر فادحة في قطاع غزة عامةً وفي حي الزيتون وجباليا بشكل خاص، وهذا ما يراه عدد كبير من المحللين في الآونة الأخيرة بعد قرار حكومة الاحتلال عودة الاجتياح البري لحي الزيتون وجباليا وبدئها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

كشف تحليل تفصيلي لصحيفة "هآرتس" العبرية، بعض الخسائر التي وصفتها بـ"القاتمة" داخل "إسرائيل" جرّاء عودة بعض الأمور إلى نقطة البداية.

ما أشبه اليوم بالبارحة

انطلق تحليل الصحيفة العبرية، بمقارنات محدودة بين حال الاحتلال "الإسرائيلي" اليوم في حربه على غزة وحجم الخسائر الكبيرة التي يتكبّدها بمعارك شرسة مع المقاومة الفلسطينية، وبين الحال قبل 20 عامًا، في الوقت الذي قرر فيه رئيس وزراء الاحتلال إرييل شارون، الانسحاب من غزة بشكل نهائي.

في تلك الفترة، كانت عملية الاحتلال في حي الزيتون هي العنوان الرئيسي الذي يتسطر في الصحف العبرية والدولية، حين قُتل 6 من أفراد لواء غيفاتي بلغم انفجر في عربتهم المدرعة. وبعد يوم واحد، قتل 5 جنود من "كتيبة الأنفاق" التي تم تشكيلها ضمن فرقة غزة، وذلك في انفجار مشابه في ممر فيلادلفيا مقابل رفح في الجنوب.

وفي نفس الأسبوع، قُتل جنديان آخران من لواء غيفاتي عندما كانت دورية من اللواء تقوم بحماية عمليات البحث عن جثث القتلى في ممر فيلادلفيا.

وعلى وقع تلك الخسائر، أُجبرت "إسرائيل" في العام التالي على الانسحاب بشكل كامل من قطاع غزة.

وفي مقارنة "الأمس مع اليوم" مع ما يشهده القطاع اليوم رغم مرور ما يقرب من 8 أشهر على اندلاع الحرب الصهيونية على غزة، وعلى الرغم من الإعلانات المتتالية من جانب حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن حسم الجيش للأمور في شمال القطاع ووسطه والاستعداد لاجتياح رفح في الجنوب لإنهاء الحرب بشكل كامل.

أكدت نتائج الصحيفة أن العبرية أن مواصلة الاحتلال "الإسرائيلي" للحرب يعني دفع ثمن باهظ في الأرواح بسبب استمرارها في "الحرب على حماس"كما تتجه حكومة الاحتلال لتوصيف الحرب داخليًا وخارجيًا. ورغم أن النتائج واضحة "للأعمى"، فحصاد الحرب تمثّل في التدمير الكامل للبنية التحتية وارتقاء عشرات الآلاف من المدنيين، وبخاصة النساء والأطفال.

وأضافت: "الأمر ليس بعيدًا عن الكارثة التي تحدث على الحدود الشمالية مع لبنان، حيث الوضع شبه مستقر وسط قواعد اشتباك محددة مع حزب الله، إلا أنه من وقت لآخر يسقط عدد أكبر من الجنود".

وبالمثال، تقول "هآرتس" "في الأسبوع الماضي، قتل 3 جنود من الجيش واشتعلت نيران ضخمة في كريات شمونة (أكبر المستوطنات الإسرائيلية) بسبب سقوط صاروخ ضخم أطلقه حزب الله.

وفي الحقيقة، إن هذا هو التوصيف الحقيقي للحرب التدميرية التي يخوضها الاحتلال "الإسرائيلي"، دون أن تكون هناك أي بوادر على قرب انتهاء هذه الحرب.

وتابعت: "ليس من الضروري أبداً "ذكر وعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالانتصار التام، فالموقف الحقيقي واضح لأي شخص عاقل".

لماذا أرسلتم جنودنا إلى الشمال مرةً أخرى؟

قال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، لصحيفة "هآرتس"، "رصدنا في الأسابيع الماضية محاولات من حماس لإعادة تأهيل قدراتها العسكرية في جباليا. ننفذ عملياتنا هناك لإجهاض تلك المحاولات".

وتعود الصحيفة إلى تصريحات هاغاري نفسه في الأسبوع الأول من يناير/كانون الثاني الماضي، عندما قال إن "المرحلة الجديدة من الحملة ستشهد خفضاً لأعداد القوات والغارات الجوية".

وأضاف هاغاري وقتها أن "شدة العمليات في شمال غزة بدأت تتراجع بالفعل، مع تحول الجيش نحو شن غارات قصيرة محددة، بدلاً من الاستمرار في مناورات واسعة النطاق".

"المرحلة الجديدة" التي تحدث عنها هاغاري، وأعلنها وزير الحرب يوآف غالانت وغيره من قيادات جيش الاحتلال هي "المرحلة الثالثة من الحرب على غزة" وقالوا إنها بدأت مع مطلع العام الجاري. لكنهم عادوا لإرسال الجيش مرة أخرى إلى شمال غزة، كما أضاف هاغاري نفسه أن القوات الإسرائيلية "تنفذ عمليات في حي الزيتون في مدينة غزة".

وقالت الصحيفة، إن قوات الاحتلال توغلت في عمق مخيم جباليا أكثر من المرة الأولى، والأمر نفسه في حركة التّوغل في حي الزيتون.

وفي الوقت نفسه، عادت صفارات الإنذار للانطلاق مرةً أخرى في مدينة عسقلان الأحد نتيجة إطلاق صواريخ من غزة، ما يشير إلى أن المقاومة هناك لا تزال قادرة على شن هجمات صاروخية بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على بداية الحرب. والمفاجأة الكبرى أن تلك الصواريخ انطلقت من جباليا، أي من مناطق توغل جنود الاحتلال.

ترى الصحيفة أن هذا العام هو الأصعب والأكثر حزناً في تاريخ  الشعب "الإسرائيلي". ومع حلول ذكرى النكبة الفلسطينية، سيحاول نتنياهو تقليل الظهور علناً وحضور "الاحتفالات" خوفاً من التعرض "للإهانة العلنية"، عكس الأعوام الماضية التي كان ينجح فيها  بتحويل احتفالات ذكرى الاستقلال إلى مكاسب سياسية شخصية.

ووفق رصد أعدته "هآرتس"، فإن الجمهور "الإسرائيلي" أوضح أسبابًا مختلفة، جعلت هذا العام هو الأكثر صعوبة بالنسبة لهم، ولعل أهم الأسباب ما يرتبط بمفاوضات الهدنة الهادفة لإطلاق سراح الأسرى، والتي يرى "الإسرائيليون" أن نتنياهو جعلها تصل إلى طريق مسدود بعد انهيار جولة أخرى من المحادثات في العاصمة المصرية القاهرة.

السبب الآخر هو أن موقف حماس أصبح أكثر قوة في ظل الخلافات بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إضافة إلى "تبخر إنجازات القتال"، وبالتالي لن تقدم المقاومة على الأرجح أي تنازلات، بعد تعنت ورفض نتنياهو المقترح الأخير الذي قدّمه الوسطاء مصر وقطر، ووافقت عليه حركة حماس.

وبحسب تحليل الصحيفة، فإن الشارع "الإسرائيلي" يعتبر موقف نتنياهو أكثر صعوبة هذه المرة؛ حيث لا يمكنه تحمل إظهار أي قدر من المرونة خشية غضب حلفائه اليمينيين المتطرفين، الذي سعوا في الأسبوع الماضي إلى تمرير قرار يحظر بدء مفاوضات جديدة من خلال التصويت في المجلس الوزاري الأمني، لكن تم رفض الأمر. لكن يظل نتنياهو محاصراً ولا يملك هامشاً للمناورة بين حلفائه وبين أهالي الأسرى والجنود.

ومن جانب آخر، هناك غياب تام لأي سيناريوهات تتعلق باليوم التالي للحرب، وما كشفته بعض وسائل الإعلام حول نية "إسرائيل" بإدارة القطاع من خلال حكومة احتلال عسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى سنة أخرى كارثية وتعقيد غير مسبوق للموقف ككل، لتتضاعف الفاتورة البشرية والاقتصادية للحرب، وربما تتطور الأمور إلى مواجهة إقليمية شاملة.

علاقات "إسرائيل" الدولية تعقّدت

 

خلص تحليل "هآرتس" فيما بتعلق بمستوى العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، إلى أن الأزمة الحالية بين الحليفين أكثر خطورة مما يتم تصويره في الإعلام "الإسرائيلي"، فالأمر يتخطى جهود بايدن للفوز بفترة رئاسية ثانية عن طريق مغازلة الناخبين التابعين للتيار التقدمي في الحزب الديمقراطي.

وفي الخلفية هناك أيضا خطر مزدوج يحدق بإسرائيل؛ الدعوى أمام محكمة العدل الدولية واحتمالات إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى من بينهم نتنياهو، والقرارات الأممية لإسرائيل بوقف الحرب.

وترى هآرتس، أن هناك خطر كبير يلتف حول "إسرائيل" مرتبطًا بالدعوى أمام محكمة العدل الدولية واحتمالات إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين "إسرائيليين" رفيعي المستوى من بينهم نتنياهو، والقرارات الأممية "لإسرائيل" بوقف الحرب. مشيرةً إلى أن هذا الموقف يمثل مخاطر من الصعب التقليل منها، فجنوب أفريقيا على وشك تقديم طلب آخر لوقف الحرب فوراً أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولاحقاً قد يعود الأمر إلى مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على الدولة العبرية.

اخبار ذات صلة