نموت واقفين ولن نركع، هذه كانت أخر كلمات الطبيب الإنسان عدنان عطية البرش (50 عامًا)، قبل أن تعتقله قوات الاحتلال غدرًا من مستشفى العودة شمالي قطاع غزة، ويعلن عن استشهاده اليوم داخل قسم الأسرى الغزيين في سجن عوفر نتيجة التعذيب والتنكيّل والإهمال الطبي.
ذاع صيت الشهيد الطبيب عدنان البرش إبان حصار الاحتلال مستشفى الشفاء في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث أجبرت قوات الاحتلال الطواقم الطبية على ترك المكان تحت تهديد السلاح، بعد أن عاثت قتلا واعتقالا في صفوف الجرحى والطاقم الطبي والنازحين على حد سواء.
وفي مقابلة بتاريخ 18 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد خروجه من مستشفى الشفاء، بكى الدكتور الشهيد عدنان البرش بحرقة خلال اتصال مع قناة الجزيرة، لأنه أجبر على النزوح، وترك مرضاه وجرحاه دون رعاية، وقال حينها "أدينا الرسالة وأجرنا على الله".
لم يستسلم الدكتور البرش، بل واصل رسالته الإنسانية في علاج الجرحى في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، ليصاب أيضا بجروح خلال قصف لقوات الاحتلال.
وحين داهم الاحتلال المستشفى الإندونيسي، اضطر البرش للنزوح للمرة الثالثة صوب مستشفى العودة القريب، بمنطقة تل الزعتر، ليلقى هناك بعد فترة قصيرة مصيره معتقلا، بعد أن اقتحم الاحتلال المستشفى واعتقل وجرح من فيه، فضلا عن قتل عدد كبير من الجرحى والنازحين.
منذ ذلك الحين، انقطعت أخبار الطبيب البرش، رغم كل المحاولات لكشف مصيره، ليعلن الخميس عن استشهاده تحت التعذيب في معتقل عوفر الإسرائيلي.
رحيل الطبيب الإنسان، كان فاجعًا على قلوب شعبه وأحبته، ونعاه الكثيرون عبر منصات التواصل الاجتماعي، مرددين أخر كلماته ومواقفه وصوره داخل غرف العمليات في إنقاذ حياة الجرحى خلال العدوان المستمر على القطاع المحاصر.
استمعوا إلى الطبيب الإنسان عدنان البرش @DrBursh ابن مدينة جباليا ورئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء، هذا العالم العظيم قتلته إسرائيلي داخل سجونها بعد اعتقاله من مستشفى العودة خلال الاجتياح.. إلى رحمة الله يا دكتور pic.twitter.com/dVvvwInMNp
— Yasser (@Yasser_Gaza) May 2, 2024
دكتورنا الحبيب البروفيسور عدنان البرش صاحب الأيادي البيضاء التي كانت ممتدة بالخير والعطاء لجميع أهالي غزة
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) May 2, 2024
فضله عليَّ شخصيًّا لا أنساه أبدًا.
فلقد كان المشرف على حالة ابنتي شام منذ الولادة، حيث كانت تعاني من خلع بسيط وبقي يتابع حالتها لسنوات، فنحن مدينون لهذا الرجل الشهم الكريم… pic.twitter.com/z1PiL9pZQK
في الجنة لا كسور، ولا رضوض..
— يوسف الدموكي (@yousefaldomouky) May 2, 2024
في الجنة جبرٌ دون شرائح ولا مسامير..
انتهى التكليف يا دكتور، واليوم تشريفٌ أبديّ.
وداعًا دكتورنا الشهيد عدنان البرش. pic.twitter.com/gcCFMaVTsb
رحم الله البروفيسور عدنان البرش، ابن جباليا البار، ورئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء وأحد أمهر جراحي العظام في فلسطين.
— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) May 2, 2024
هذا الطبيب الإنسان والعالم الكبير، اغتالته إسرائيل داخل سجونها بعد أن اختطفته جريحاً من مستشفى العودة أثناء اجتياح شمال غزة نهاية العام الماضي. pic.twitter.com/x4uAa1FLvA
من هو الطبيب عدنان البرش؟
عدنان أحمد عطية البرش هو رئيس قسم العظام في مستشفى الشفاء في قطاع غزة، ورئيس الدائرة الطبية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
ينحدر البرش من مدينة جباليا شمال قطاع غزة، والتي ولد فيها عام 1974، وفي مدارسها تلقى دراسته الإبتدائية والإعدادية والثانوية قبل أن ينتقل إلى دراسة الطب خارج البلاد.
تقول مصادر عائلية لـ"عربي21"، إن عدنان البرش سافر ليكمل مسيرته العلمية في رومانيا، حيث درس هناك الطب العام، وحصل على شهادة البكالوريوس، ثم تمكن لاحقا من الحصول على البورد الأردني والفلسطيني في جراحة العظام والمفاصل، والزمالة البريطانية في جراحة الكسور المعقدة في لندن، وأخيرا درس الماجستير في العلوم السياسية من جامعة الأزهر بغزة.
وأعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، اليوم الخميس، استشهاد اثنين من معتقلي غزة، أحدهما رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي الدكتور عدنان أحمد عطية البرش (50 عاما) من جباليا.
وقالت الهيئة والنادي في بيان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتقل الطبيب البرش في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، خلال وجوده في مستشفى العودة إلى جانب مجموعة من الأطباء.
ووفقا للمعلومات المتوفرة، فقد استُشهد البرش في معتقل "عوفر" في 19 نيسان/ أبريل الماضي، ولا يزال جثمانه محتجزا، علما أنه كان قد تعرض للإصابة خلال وجوده في المستشفى الإندونيسي قبل نحو 5 أشهر.