قائمة الموقع

محمد أبو سمور.. طفل ضحية لـ"زجاجة عطر" مُلَغَّمة !

2024-05-01T20:42:00+03:00
محمد أبو سمور.. طفل ضحية لـ"زجاجة عطر" مُلَغَّمة !

بدمع منساب وصرخات ينطق بها قلبه، يتأوه الطفل محمد أبو سمور على سرير المستشفى، متجرعًا ألمًا لا يطيقه في أنحاء جسده النحيل، بعدما انفجرت به ما ظنها "زجاجة عطر".

يحرك طبيبه ساقيه اللتين غرس فيهما "البلاتين" المستخدم في جراحة العظام والمفاصل، تمهيدا لعملية يأمل أن تحول دون بترهما، ويعاني  الطفل كأنما يستقبل سهام الألم من كل اتجاه.

"ما الذي أتى بي إلى هنا؟"، كأنما تطرح نظرات محمد ذاك السؤال بإلحاح، وتعود ذاكرته إلى بضع ساعات خلت عندما سارع إلى البحث عن ابن عمه للعب معه ليس إلا، حيث يقطنان في بني سهيلا شرق خانيونس.

عاد محمد (14 عامًا) برفقة عائلته إلى بني سهيلا قبل أسبوعين بعد رحلة نزوح قسري أجبر الاحتلال الإسرائيلي الأهالي عليها، مشتاقًا لمنطقة سكنه، ولبيته الذي لن يقطنه مجددًا إلا بعد إعادة بنائه من الصفر، نتيجة تدميره كليًا.

لكنها ليست معادلة بناء منزل من الحجارة فقط، بل سيل من الذكريات التي لن ينساها تعز عليه.

رحلة ملغمة للملاذ الوحيد !

بأسى يرتب والده ياسر أوراق الزمن، وقد ظهرت عليه علامات الصدمة، وقسوة الشعور، قائلا لـ"فلسطين أون لاين": إن جيش الاحتلال ضرب منطقة سكننا في بني سهيلا بأحزمة نارية عدة وهي هجمات صاروخية جوية متتالية في أكتوبر/ تشرين الأول، وهددنا أيضًا مجبرًا إيانا على النزوحذلك قبل أن يحول منزل العائلة إلى أثر بعد عين.

كانت هذه بداية رحلة شاقة في التوجه نحو رفح التي تحولت إلى المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، تحت وطأة حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة.

وكمئات آلاف الغزيين، تحمل أبو سمور تداعيات انعدام مقومات الحياة بفعل العدوان المستمر، وهو ما تؤكد المنظمات الدولية أنه بلغ حد الكارثة الإنسانية.

وعندما اندحر جيش الاحتلال من منطقة سكنه أقام أبو سمور خيمة لا تتجاوز مساحتها أربعة مترات طولا وثلاثة مترات عرضًا على أطلال منزله.

اعترى الأمل رب الأسرة على أن تكون تلك نقطة انطلاق نحو إعادة بناء البيت قريبًالكن ذلك الحلم تحول إلى كابوس في 28 أبريل.

حين عاد محمد إلى الخيمة حاملا جسما تهيأ له أنه "زجاجة عطر".

يتنهد أبوه، ويأخذ شهيقًا وزفيرًا، محاولًا لملمة جراحاته: "كنا جالسين نتناول طعام الغداء، وأحضر محمد ذلك الجسم، الذي عثر عليه في الأرض المحيطة بنا، قلت له: ارمه، ولكنه سرعان ما انفجر".

فزع الأب ومعه زوجته وابنتاه إلى جانب محمد بصوت الانفجار القوي الذي أصابهم بجراح مختلفة.

وأبلغ محمد أباه بأن ثمة أجسامًا مشابهة خلفها الاحتلال موجودة في المنطقة.

"فتحتها انفجرت.. صوتها كان بيلمس لمس (شديد) وهز المكان"، هكذا يصف محمد قوة الانفجار بكلمات بالكاد يقوى على نطقها.

هو لعب "محرم" لمحمد وأقرانه في قاموس الاحتلال، دفع الطفل ثمنه غاليًا ببتر أصابع يده اليسرى وأصبعين من يده اليمنى، بينما سيخضع لعملية جراحية في ساقيه في محاولة لعلاجهما.

والدته أيضًا خضعت لعملية جراحية في إثر إصابتها بالأجزاء العلوية من جسدها.

أما حسام شقيق محمد فيرقب المشهد على مقربة من سريره، وتختنق كلماته، حائرًا بأي لفظ يعبر عما جرىلكنه يؤكد أن الاحتلال يترك مثل هذه الأجسام متعمدا لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية.

تأمل العائلة في أن يتمكن محمد من السفر لتلقي فرصة علاج مناسبة في ظل الهجمة الوحشية التي يشنها الاحتلال على المنظومة الصحية في القطاع.

لم يكن محمد يفكر إلا في دراسته وألعابه، وكيف سيشتري دراجة هوائية ربما لن يتمكن من ركوبها بعد اليوم.

هكذا أراد له الاحتلال أن يودع طفولته، وهو الذي قتل أكثر من 34 ألف غزي في بضعة أشهر، معظهم أطفال ونساء.

وكانت منظمات دولية حذرت، من أن 6 آلاف قنبلة على الأقل من أصل 45 ألفا أطلقتها "إسرائيل" على قطاع غزة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر ومنتصف كانون الثاني/ يناير، لم تنفجر، مما سيشكل خطرًا على حياة المدنيين بالقطاع.

وقالت صحيفة "إنفورماسيون" الدنماركية، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط، تم إلقاء نحو 45 ألف قنبلة على غزة، مما يعادل حوالي 500 قنبلة يومياً أو 21 قنبلة في الساعة. 

وحذرت الصحيفة من عواقب وخيمة ستسببها آلاف القنابل غير المنفجرة في قطاع غزة، وسط تقديرات أن تكون لها تأثيرات طويلة المدى على الفلسطينيين وعلى جهود تعافيهم بعد انتهاء الحرب.

وأوضحت، أنّ عملية التخلص من هذه القنابل والصواريخ مهمة صعبة ستستغرق سنوات وقد تؤثر على جهود إعادة الإعمار لأسباب تتعلق بالأمان خاصة وأن قطاع غزة يتكون من مجتمعات سكنية مكتظة بالسكان.

 

اخبار ذات صلة