في سرير أحد المستشفيات شمال قطاع غزة، تعتني الطفلة الفلسطينية آيات زيادة بشقيقها الطفل محمد الذي يعاني من مرض السكري الذي أدخله قسم العناية المركزة قبل أن يطرأ تحسن نسبي على حالته الصحية قبل أيام.
بجانب محمد (9 سنوات) تجلس آيات (11 عاما) التي لم تتركه لحظة واحدة منذ دخوله المستشفى قبل 4 شهور بسبب وعكة صحية خطيرة كادت أن تودي بحياته بسبب سوء التغذية ونقص العلاج.
وبسبب الحصار الإسرائيلي المُستمر والحروب المتكررة على قطاع غزة، يواجه شمال القطاع نقصًا في الأدوية والمستلزمات الطبية والغذائية، مما يزيد من صعوبات المرضى، ومنهم محمد.
قبل الحرب، كانت عائلة زيادة تعتني بصحة طفلها حيث كان يتناول الطعام المناسب كالخضراوات والفواكه، ويتبع برنامجًا غذائيًا محددًا.
غير أن الحرب الإسرائيلية دمرت كل شيء في غزة، وقلبت حياة محمد رأسًا على عقب، مما أدى إلى تدهور وضعه الصحي واضطراره للمكوث بالمستشفى.
بسبب المرض الذي أصاب الطفل، فقد الكثير من وزنه وأصبح أقل نشاطاً مما كان عليه في السابق، ما أثار قلق والديه وشقيقته الصغيرة.
وما زاد الطين بلة هو تشتت شمل العائلة وغياب الوالدين عن طفليهما، وذلك بسبب إصابة الأب بقصف إسرائيلي، واضطرار الأم للنزوح إلى جنوب القطاع.
وداخل المستشفى تحلم شقيقته أن يعود أخيها بصحة جيدة، ليتمكنا من اللعب في أمان وسلام كما كانا يفعلان سابقا، بعيدًا عن أصوات الطائرات والقذائف ونيران الحرب المشتعلة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
يأمل محمد بالسفر إلى خارج قطاع غزة لتلقي العلاج والرعاية الصحية التي يحتاجها في ظل ما يعانيه القطاع من انهيار للمنظومة الصحية.
لم يتوقع الطفل وأسرته أن تشتد أزمته المرضية بهذا القدر، ما أدى به إلى المكوث في المستشفى لفترة طويلة، خاصة مع غياب والدته التي اضطرت للنزوح إلى جنوب قطاع غزة بسبب الحرب.
تقول آيات لمراسل الأناضول: "أخي مريض بالسكري ويواجه خطرًا على حياته بسبب نقص العلاج والغذاء المناسب له في شمال غزة".
وتضيف: "منذ 4 شهور ونحن في المستشفى، مر شهر رمضان وعيد الفطر المبارك بدون احتفالات بسبب الحرب ومرض شقيقي وعدم تواجد والدتي معنا جراء نزوحها، وغياب والدي بسبب إصابته".
تشرح الطفلة وكأنها طبيبة مختصة: "أخي بحاجة ماسة لدواء خاص وتغذية صحية لضبط مستوى السكر في دمه"، وتستدرك بالقول: "لكن نقص الإمدادات في القطاع تسبب في تدهور وضعه الصحي".
وتشير آيات إلى أن أخاها يتمنى الخروج من قطاع غزة لتلقي العلاج، وتضيف بقلق واضح: "نخشى أن نفقده بسبب نقص العلاج والغذاء".
بدوره، يقول الوالد نعمان زيادة: "طفلي يعاني من مرض السكري ويحتاج إلى نظام غذائي صحي، ولكنه غير متوفر في شمال القطاع بسبب الحرب والحصار".
ويضيف: "لا يوجد فواكه ولا خضروات في الشمال، وإذا كانت متوفرة فأسعارها مرتفعة جدًا في ظل وضع مالي سيء نعيشه".
ويتابع: "نأمل أن يتم تحويله خارج القطاع لمتابعة علاجه بشكل أفضل، فقطاع غزة يفتقر لإمكانيات العلاج بسبب الحرب والحصار".
ومنذ الحرب على قطاع غزة، أخرج الاحتلال الإسرائيلي 32 مستشفى عن الخدمة و53 مركزاً صحياً، واستهدف 159 مؤسسة صحية، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية".