قائمة الموقع

حظر الـ "تيك توك" وحرب غزة.. هل تحارب أمريكا آراء الجيل الشاب المنتقد لـ "إسرائيل"؟

2024-04-08T18:30:00+03:00
shutterstock_1781742164-1711809052.webp

تعدّ منصة الـ "تيك توك"، من أكثر التطبيقات شهرة ونموًا، وأكثر رواجًا على مستوى الشباب حول العالم، حاصدًا مليار مستخدم، وفقا لقاعدة بيانات ستاتيستا (statista).

وهذا النمو الرقمي للمنصة، واجه تحديات وعوائق جديدة في الولايات المتحدة الامريكية، حيث أقرّ مجلس النواب بأغلبية ساحقة، وبتوافق نادر، الشهر الماضي، مشروع قانون يحظر التطبيق في الولايات المتحدة، بتصويت 352 نائبًا لصالح القانون المقترح و65 ضدّه، في لحظة توافق نادرة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وعلى الرغم، من أن مناصرو قانون الحظر، يقولون إن "تيك توك" يعد مسألة أمن قومي، إذ يرونه أداة تجسس صينية تجمع بيانات الأميركيين وتؤثر في عقولهم عبر خوارزمياتها، مع العلم أن ذلك ثبت عن وسائل تواصل اجتماعية أميركية.

لكن يرجع كثيرون السبب الحقيقي لمحاربة هذا التطبيق في هذا الوقت إلى الزخم الذي اكتسبته القضية الفلسطينية على المنصة، خصوصًا بعد مساواة مجلس النواب الأميركي معاداة السامية بمعاداة الصهيونية، ما جعل الكثيرين ينظرون لأي محتوى ينتقد سياسات إسرائيل وأفعالها.

ووفق تقرير لصحيفة ذي إنبندنت، رأى كثير من مستخدمي التطبيق القانون محاولة لإسكات صوتهم بشأن القضية الفلسطينية، وقمع آراء الجيل الشاب الذي ينتقد "إسرائيل"، عكس الجيل القديم الذي يحتل معاقل السلطة الأميركية، قائلين إن قرار حكومة بايدن سينعكس على نتائج الانتخابات المقبلة.

يظهر ذلك في تغريدة الصحفي الأميركي غلين غرينوالد على منصة إكس (X) التي قال فيها "يبحث كل تقرير إخباري جاد عن كيف اكتسب "مشروع قانون حظر تيك توك" زخما فجأة -الذي يبدو أنه ظهر من العدم- عندما جن جنون الحزبين الأميركيين من مقدرة العديد من الأميركيين على انتقاد إسرائيل".

تخوفات محتوى التطبيق على نظرة الشباب الامريكي لـ "إسرائيل"

كما نددت السيناتور مارشا بلاكبرن بالمنصة قائلة "لن يكون من المستغرب أن يروج تيك توك، والذي تمتلكه الصين، للمحتوى المؤيد لحركة حماس".

على الرغم من كون الصين سببًا رئيسيًا لحظر التطبيق، فإن مناصرة كثير من الشباب الأميركي للقضية الفلسطينية هو ما أشعل الفتيل، وهذا ما تؤكده عدة وكالات إخبارية أيضًا مثل إن بي سي، وذي إندبندنت.

ووفق تقرير لوكالة "إن بي سي"، فإن هناك تخوفات حول تأثير هذا المحتوى على نظرة الشباب الأميركي لـ "إسرائيل"، إذ قال السيناتور ماركو روبيو، في حسابه على إكس، إن "تيك توك أداة تستخدمها الصين لتروج لآرائها بين الأميركيين، والآن يتم استخدامها للتقليل من فظاعة إرهاب حماس".

يبدو أن مصير القانون الآن بيد مجلس الشيوخ، حيث انتقل لشوط آخر من المناقشات والتصويتات، وإذا ما نجحت جهود المشرعين، فإن القانون في غالب الأمر لن يجبر الأميركيين على إزالة التطبيق من أجهزتهم، لكن لن يكون بإمكانهم تحميله أو تحديثه بعد ذلك.

من الملاحظ أن هناك سعيا حثيثا من داعمي "إسرائيل" لشراء "تيك توك"، وفي هذا الصدد يقول المدير السابق لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك كريغ مخيبر "إنهم لا يحاولون حظر تيك توك، إنهم يحاولون استخدام سلطة الحكومة للسماح لمالكين مؤيدين لإسرائيل بالاستيلاء عليه، لتكميم الانتقادات الموجهة ضد الإبادة والفصل العنصري".

ويتصدر تلك الجهود وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوشين، المعروف بعلاقته القوية بإسرائيل، والذي أعلن حشده مستثمرين لشراء التطبيق.

من جهتها، عبّرت الصين العام الماضي عن رفضها وبشدة أي بيع قسري للتطبيق، وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين في 9 مارس/آذار الماضي قائلا إن أميركا تتعامل مع قضية بيع تيك توك "بمنطق اللصوص"؛ حيث إنها تود الاستحواذ على ما ليس لها.
 

هل يروج تيك توك محتوى داعما للقضية الفلسطينية؟

وفقا لـ "تيك توك" والإحصائيات المتوفرة، فإن الدليل الرئيسي الذي استخدمه المنتقدون لاتهام تيك توك بغسل عقول مستخدمي التطبيق واستخدام الخوارزميات لحشد الدعم لفلسطين كان عدد المشاهدات التي حصدها الوسم الداعم لفلسطين، والتي فاق عددها ما حصل عليه الوسم الداعم لـ "إسرائيل" بعشر مرات.

لكن من الواضح أن ما يراه المشرعون الأميركيون على أنه تحيز ومؤامرة ما هو سوى انعكاس للواقع، فنظرة واحدة على ديموغرافية مستخدمي التطبيق، كما تظهر الإحصائيات، يتضح أن أغلب مستخدميه هم اليافعون من الشريحة الأكثر دعما لفلسطين في المجتمع الأميركي (60% من مستخدمي تيك توك تتراوح أعمارهم بين 16 و24، و26% منهم أعمارهم بين 26 و44).

تضاعف دعم القضية الفلسطينية بين الشباب الأميركي من 26% إلى 52% بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني المنقضيين وفق إحصائية أجرتها جامعة كوينيبياك، بينما انهارت درجات التعاطف مع إسرائيل من 41% إلى 29%.

وهذا الدعم ليس بجديد، فقد أظهر الأميركيون الشبان دعمهم للفلسطينيين بشكل مستمر -ولو بنسبة أقل- وفق استطلاعات لمركز بيو للأبحاث أجراها في 2014، أي قبل ظهور تيك توك بسنتين.

ووفق دراسة نشرها مركز بيو في مارس/آذار الماضي، فإن الفرق بين الأجيال ملحوظ وفي تزايد، حيث يظهر من هم دون سن 30 قبولا أكثر لمبدأ أن لحماس أسبابا مشروعة لمقاومة إسرائيل، ولدى البالغين الشباب في الولايات المتحدة رؤية أكثر إيجابية للشعب الفلسطيني من الشعب الإسرائيلي.

وبالتالي فإن الإجابة البسيطة لزيادة المحتوى الداعم لفلسطين على المنصة هو أن الكثير من مستخدمي المنصة أنفسهم يدعمون فلسطين، وهو ما أشارت إليه المنصة في بيان لها، حيث قالت "من المهم فهم أن الوسوم على المنصة تُكتب وتنشر بواسطة صُناع المحتوى وليس تيك توك".

ومن المهم ذكر أن ما ينتقده معارضو "تيك توك" موجود في منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، فإذا كان الوسم الداعم لفلسطين أكثر بـ10 مرات من الوسم الداعم لإسرائيل على إكس، فإنه أكثر بـ39 مرة على فيسبوك، وبـ26 مرة على إنستغرام وفقا لصحيفة واشنطن بوست.

وبالتالي فإن انتشار المحتوى الفلسطيني ونجاحه يعود بشكل كبير لتحايل صُناع المحتوى المناصرين لفلسطين على الخوارزميات باستخدام الرموز والأرقام في الكلمات التي قد تسبب الحظر، وليس بسبب تحيز المنصات لفلسطين، حسب ادعاءات بعضهم وعكس ما تظهره الأدلة.

اخبار ذات صلة