قائمة الموقع

طفلتان وجنين وأمهم.. أهداف (إسرائيل) بقصف منزل "أبو دراز"

2024-04-04T19:36:00+03:00
طفلتان وجنين وأمهم.. أهداف (إسرائيل) بقصف منزل "أبو دراز"
فلسطين أون لاين 

في ساحة المشفى وبين جثث أشلاء شهداء تتراص أكفانهم بجانب بعضهم، يشعُ النور من وجهي الطفلتين راسيل (عامان) وشقيقتها الرضيعة أيسل التي لم تتجاوز عامها الأول.

تغمض الطفلتان عيناهن كملاكين نائمين على سريرهن الذي احتضنهن للمرة الأخيرة قرب منتصف ليلة فجر الخميس، تنامان نومة وداع لهذه الدنيا التي لم يعيشن فيها، وبجوارهن تتمدد جثة أمهن نسمة الرخاوي (30 عاما) وجنينها الذي لم يصل للدنيا بعد، ويمسح والدهن أشرف أبو دراز بيده على رؤوسهن تملأ الجروح وجهه وقلبه المكلوم بوجع الفقد والفراق.

بينما كان يستعد سامي أبو الروس لأداء لإحياء ليلة الخامس والعشرين من رمضان، هز انفجار عنيف منطقة سكنه بحي تل السلطان بمدينة رفح بعد استهداف الاحتلال لمنزل المواطن أبو دراز، فاتجه برفقة شباب المنطقة وشاركوا في إجلاء المصابين وانتشال الشهداء من بين الركام.

بملابس يكسوها الغبار، يشارك أبو الروس في صباح اليوم التالي في رفع ركام المنزل المسقوف بالأسبست والذي تحول لكومة ركام تناثرت حجارته، والبحث عن بعض مقتنيات العائلة لرفعها، يتجمع صغار وشباب حول المنزل الذي يتوسط أبنية متلاصقة أدى القصف الإسرائيلي لإحداث أضرار كبيرة فيها، وينشغل الجيران في البيوت الملاصقة في إزالة الحجارة وكنسها عن مداخل منزلهم.

يحرك أبو الروس نظره نحو أرضية المنزل، يتوقف تركيزه عند بعض الأجبان والبسكويت المتناثرة بين الركام، يعلو القهر ملامحه ويتجسد في صوته: "لو نظرت لهذه البيت البسيط الذي يسكنه رجل يعمل في توزيع الإغاثة، ستجد أن هناك أجبان وبسكويت وهذه كانت مساعدة للفقراء. هذا استكمال لما فعله الاحتلال بقصف عمال الإغاثة بالمطبخ العالمي، ونتج عنه مقتل 7 منهم".

فرحة منتظرة

بجواره يحمل إبراهيم النجار حقيبة مواليد  مغلقة، بداخلها ملابس الجنين الذي كانت تستعد العائلة لاستقباله، وكان ابن خالته أشرف أبو دراز وزوجته التي لم تجرِ فحصا لتحديد جنس الجنين، في لهفة للفرحة المنتظرة القادمة، فتغير الحال فودع زوجته وطفلتيه وجنينهم.

يكسو الغبار رأس النجار وملابسه إذ كان ينهمك في العمل وإزالة الركام، يقول بعدما فتح الحقيبة وأخرج حذاء الطفل ورفعه للأعلى: "هذه حقيبة تجهيز المولود، كانت في شهرها التاسع وسعيدة باستقبال المولود وتأمل أن يكون ذكرا بعد أن أكرمها الله قبل ذلك بثلاث بنات".

يتساءل بقهر لا إجابة له "ما ذنب الجنين اللي ما شاف وجه الأرض؟، حتى تضربه بصاروخ وزنه طن، وما ذنب شقيقته يقتلون".

نجى أبو دراز الذي كان يستعد لاستقبال مولوده وأصيب بجروح،  ونجت إحدى أطفاله ونجت والدته المسنة، ووجد نفسه بين ليلة وضحاها يودع زوجته وجنينها وطفلتيه فتحولت الفرحة إلى مأتم.

يقول النجار عن ابن خالته: "أشرف إنسان خلوق وحيد أمه التي انفصلت عن والده منذ صغره وعندما كبر اشترى منزلاً هنا منذ أربع سنوات، وهو من ضحايا عمال الإغاثة".

يعرض دليلاً دامغًا أن لا هدف عسكري في داخل المنزل قائلا: "هذه الأرض أمامك لا تجد سوى أرز وأجبان وبسكويت وأطفال فهل هي أهداف تقصف؟".

ليلة عصيبة

على ناحية أخرى تطل أماني أبو الروس من نافذة بيتهم الملاصق، على منزل جيرانهم المدمر، ولا زالت تعيش في صدمة لا تصدق أنها نجت من القصف المميت، بعد ليلة مرعبة عاشتها الجيران.

"كنا نستعد للاعتكاف داخل المنزل، فسمعنا صوت القصف وافترش منزلنا بالدخان، لم نعرف إذا كان القصف لمنزلنا أم لمنزل الجيران، وبدأنا بالصراخ وكان المنزل معتما لم نر سوى سوادا حالكا، حتى جاء الجيران وأخرجونا" تقول أبو الروس.

أصيب والدها البالغ من العمر 75 عاما بشظية جاءت في رأسه، وأصيبت طفلة شقيقها، يتحرك المشهد أمامها وهي تقصف في صالة استقبال الضيوف التي تطل نافذتها على المنزل المقصوف "كان الأطفال ينامون هنا على الأرض، فعاشوا مأساة فوق التحمل أو الوصف".

من زاوية علوية تكشف حجم الدمار الواسع في المنطقة المستهدفة، ومن نافذة شقته في الطابق الثاني من المنزل المقابل للبيت المستهدف يطل يوسف أبو هلال من داخل غرفته المدمرة، لا يصدق أنه نجى من الموت بعدما سقطت عليه ألواح الزينكو والحجارة أثناء نومه وخرج من تحت الردم.

يروي جانبا آخرا للحدث: "كان الانفجار ضخما، ووقع تحديدا قبل منتصف الليل بعشرين دقيقة كنت نائما ووجدت ألواح الزينكو والحجارة تنهال علي ولا أعرف كيف نجوت، بدون أي اعتبارات أن المنطقة مكتظة بالنازحين والسكان، فأصيب الكثير من الجيران".

"نريد أن يسمع العالم صوتنا فكفى إجراما وذبحا وموتا وقتلا" يرسل أبو هلال رسالته للعالم، وهي نفس مطالب أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذين يتعرضون للإبادة الجماعية بينما يمارس العالم جريمة الصمت.

اخبار ذات صلة