"عودتنا حتمية والخيمة وهمية" على باب خيمة خشبي مصنوعة من المعلبات الفارغة ستقابلك تلك الكلمات الممزوجة بالتمسك بأمل العودة والتشبث بالأرض، ومن أحد جدران الخيمة يتدلى علما فلسطين يعلوهما حزام اسمنتي ملون بعلم فلسطين يمتد بعرض جدار المعلبات، وبالجهة الأخرى كتب على نافذة الخيمة الخشبية "الحرية لفلسطين".
من الداخل يتوسط الخيمة المفروشة بالرمل فانوس رمضان وأحبال الزينة لتعطي بهجة للأمسيات الثقافية والفنية التي ينظمها القائمون عليها.
من معلبات فارغة تقدم كمساعدات إغاثية للنازحين، صنعت داليا العفيفي وفريقها الشبابي "بصمة" خيمة من آلاف المعلبات الفارغة مسقوفة بأوراق شجر النخيل.
وفي رسالة رمزية تجسد معاناة النازحين داخل الخيام، وللأطعمة المقدمة لهم من المعلبات التي تحتوي على مواد حافظة، وهي الغذاء الوحيد للنازحين وسكان القطاع مع شح المواد الغذائية من اللحوم والمنتجات الزراعية بسبب حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على القطاع على إثرها لا زال يغلق المعابر التجارية، ويمنع إدخال المساعدات.
قصة مختلفة
بين مجموعة خيام في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تختلف قصة هذه الخيمة، فإلى جانب أنها ليست من القماش أو النايلون كمثيلاتها، فهي مقرا لفريق العفيفي الشبابي الذي يحمل اسم "بصمة" وتقام بداخلها العديد من الفعاليات الشبابية والأمسيات الفنية المختلفة، ومأوى مؤقت لمن تقطعت بهم السبل من النازحين.
بدأت مراحل بناء الخيمة بجمع المعلبات الفارغة ورصها بجوار بعضها البعض على شكل صفوف وأعمدة بعد حشوها بالأسمنت من الداخل، ثم وضع أحزمة أسمنتية بين صفوفها لمنحها التماسك والقوة والثبات تتجسد رسالة أخرى موازية للمعاناة تعبر عن صمود النازحين وتحملهم للمعاناة داخل الخيام.
تقول العفيفي لـ "فلسطين أون لاين: عن الهدف من الفكرة "انطلقت مبادرتنا من رحم الحرب والمعاناة والقهر والدماء التي تنزف على أرضنا منذ شهور، وحتى اللحظة حاولنا جاهدين كفريق "بصمة" أن نحول المحنة إلى منحة وصول بها رسائل للعالم فاخترنا فكرة خيمة المعلبات".
صمود وتحد
وحول اختيار المعلبات، توضح "اخترنا المعلبات لأنها تقدم لكل النازحين ومتوفرة في جميع أنحاء أماكن النزوح، وقررنا جمع المعلبات وصناعة الخيمة بها، وهذه الخيمة ترمز للصمود والتحدي والإصرار على التمسك ببصيص الأمل تماما كشعاع الشمس الذي يخترق المعلبات ويدخل لنا بالخيمة".
بكلمات ممزوجة بالصبر والثبات تؤكد "نرسل للعالم أن هذه الحرب لن تدوم وأن عودتنا حتمية عاجلا أم آجل، وأن هذا الشعب يستحق الحياة كباقي شعوب العالم".
بداخل الخيمة ينظم الفريق العديد من الأنشطة الاجتماعية الخاصة بالفريق، وباتت كمقر لهم للانطلاق منها للعمل، فيقوم الفريق، وفق العفيفي، بتقديم نشاطات كدعم للأطفال والترفيه عندهم بالإضافة لأنشطة دعم نفسي للمرأة، وأمسيات فنية وشعرية والاستعدادات لأنشطة كتابة القصص، وبعض المشاريع الخاصة.
أصبحت الخيمة مزارا للكثير من النازحين والمواطنين الذين يلفتهم شكل الخيمة، فتحولت المعلبات التي يشاهدونها بشكل يومي في مراكز توزيع المساعدات وفي البيوت، وسئم معظمهم من تناولوها، إلى شكل يجذبهم.
تردف "حقيقة الناس كانت وما زالت سعيدة جدا بهذه الخيمة، وتقدم لنا التشجيع والطاقات الإيجابية لكل الفريق".
جمعت المعاناة والفقد الفريق قبل أن تجمعهم الخيمة فمنهم من فقد أفراد من أسرته، ورغم هذه الأوجاع يحاولون الخروج من الألم الذي يصعب نسيانه بطرق فنية لإيصاله للعالم الذي يرفض الاستماع لصرخات أهالي القطاع.