فلسطين أون لاين

​عن طفلٍ مدمن

...
بقلم / هاشم السعودي

من الطبيعي جداً أن يرتبط مفهوم الإدمان عند سماعه للمرة الأولى "بالمخدرات" أياً كان نوعها واسمها وتأثيرها، لكن قد تسمع أن بعض الأشخاص قد أدمنوا شرب القهوة أو أدمنوا القراءة أو سماع الأغاني أو الكتابة فكل تلك الأشكال للإدمان وإن كثرت أو قلت فهي مقبولة كونها قد تصدر عن شخص قد يكون بالغاً؛ لكن الإدمان الأخطر والخطر الفتاك هو إدمان الأطفال للعب بالهواتف المحمولة أو اجهزة الكمبيوتر وحين أقول الأطفال أقصد هنا من هم دون سن الثلاث سنوات.

قبل عام رزقني الله بطفل أسميته هشام، أعرف أن الاسم لن يهمكم كثيرا، كان ولا يزال كلما بكى من شيء شغلت له أناشيد طيور الجنة عبر هاتفي أو هاتف أمه، فيسكت ويبدأ بالتمايل على أنغام تلك الأناشيد، يوما بعد يوم بدأ طفلي يعي طبيعة الجوال والدور الذي يلعبه وتأثيره حتى أنه لا يمكن أن يأكل شيئا ما لم تشغل له أمه تلك الأناشيد وتمسكه الهاتف بيده وإلا فلن يأكل شيئا، قد وصل طفلي لمرحلة الإدمان وأنا من أوصلته لتلك المرحلة وبكامل إرادتي.

ولتعرف معنى الادمان أكثر عزيزي القارئ فهو تمسك الشخص بعادة ما أو فعل ما مع عدم قدرته على تركه أو ترك فعله لتعلقه الكبير به.

مؤخراً حاولت سحب الهاتف من طفلي رغماً عنه لكنه بكى، بكى كثيرا حد التشنج والبكاء دون نفس أو صوت أو حركة، أضف إلى ذلك حالة التوهان والضياع والسرحان التي بدأت تصيبه حين يبدأ بمشاهدة شيئاً ما عبر الهاتف لدرجة أنك لو ناديت عليه ليعطيك اهتمامه فإنه لن يجيبك لا من أول مرة ولا من ثالث أو رابع مرة لاندماجه بما يشاهد، وهنا تكمن المشكلة فلا بأس من قليل من اللهو واللعب بالهاتف لكن إن وصل الحال هكذا بأطفالكم، عالجوهم ولا تسحبوا الهواتف من أيديهم فجأة ولا تتركوها بين أيديهم "على الغارب.

" شاهدت ذات مرة على فيسبوك فيديو صيني مفاده أن أباً أراد شراء " أيباد " لطفله فسأله البائع كم عمر طفلك ؟ أجابه : 3 سنوات أو ربما أقل فاعتذر البائع عن بيع الاب ذاك الجهاز؛ وقال إن طفلكم في مثل هذا العمر بحاجة لحبكم وحنانكم أكثر من حاجته لهذا الجهاز، اذهب وحين يصبح مؤهلا لحمله تعال واشتره له.

نحن وبسوء تصرفنا أوقعنا أطفالنا الذين هم بحاجتنا أكثر من حاجتهم لهواتفنا، بحاجتنا أكثر من حاجتهم لألعابهم الالكترونية، فهكذا يكبر أطفالنا وهم مصابون بمرض التوحد أو حب العزلة أو كره الناس.

مشكلةٌ حلها ليس صعباً، اشترِ له ألعاباً يطور فيها من ذكائه يفكها ويركبها، اشتر له القصص المصورة يشاهدها ويقلبها، وإن حاول البكاء مرة وأخرى اخرج به للشارع أو لمكان ما، أن يكون اجتماعيا خير لك وله من أن يطويه الانطواء حين يكبر، حاول أن تغن له أنت حتى لو ملأ صوتك النشاز، أد بعض التمارين الرياضية السهلة أمامه افعل أي شيء قبل أن تجده مدمنا ولا تستطيع علاجه مهما حاولت معه.