فلسطين أون لاين

تفاصيل صيادو غزة.. رحلة البحث عن لقمة العيش في مرمى القناص "الإسرائيلي"

...
صيادو غزة.jpg
ترجمة خاصة _ فلسطين أونلاين

يتعمد الجيش الإسرائيلي تدمير كل سبل العيش في غزة ضمن عدوانه المتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي أدى لاستشهاد نحو 30 ألفًا معظمهم من النساء والأطفال.

ومن بين سبل العيش التي قتلها العدوان الإسرائيلي مهنة صيد الأسماك ومكوناتها، ما يقضي على مداخيل شريحة كبيرة من الناس.

ورغم القصف الإسرائيلي العنيف برًا وبحرًا وجوًا، يخاطر بعض الصيادين بحياتهم وينزلون إلى شاطئ البحر لصيد الأسماك، لعلّهم يجدون ما يسدون به رمقهم وأطفالهم، في ظل الحصار الخانق المفروض والذي حرمهم كل مقومات الحياة الأساسية.

ويشكل صيادو غزة البالغ عددهم 4000 صياد العمود الفقري لمجتمع القطاع الفلسطيني، حيث يوفرون الأسماك الطازجة على الرغم من القيود الصارمة التي فرضتها "إسرائيل" على صيد الأسماك في مياه غزة، منذ الحرب وتزايد خطر توفير الغذاء لنحو 2.2 مليون فلسطيني يتضورون جوعًا بشكل كبير.

محمود حمادة صياد فلسطيني تحدث لموقع "Middle East Eye"، في فبراير/شباط 2024، وقال إنه يدفع قاربه فجر كل يومٍ نحو البحر، رغم علمه بأنه ربما لا يعود مرة أخرى إلى الشاطئ: "تستطيع الصيد خلال الساعات الأولى من الصباح، لكنك تعرف بالتأكيد أن الرصاص سيُطلق عليك إذا اقترب الوقت من الظهيرة".

قال حمادة: "لديك مساحة محدودة قد تكون آمنة للصيد. إذا ابتعدت سوف تقترب سفينة إسرائيلية وتقتلك"، وأوضح: "أعمل صياداً منذ أكثر من 20 عاماً، لكني لم أمر بمثل هذا الوقت قط، كل ما أتمناه هو أن تنتهي هذه الحرب قريباً جداً، لأننا ننزف منذ خمسة أشهر، ولا نستطيع تحمل أكثر من ذلك".

بعد أسبوعين من هذه المقابلة استُشهد حمادة عندما كان يحاول إنقاذ طفل فلسطيني يبلغ من العمر 9 أعوام، تعرض لإطلاق نار من "إسرائيل".

ويقول عماد الأقرع لـ "ميدل ايست آي"، وهو صياد من دير البلح، إنه تعرض ايضًا لإطلاق النار نحو 20 مرة خلال الأشهر الأخيرة.

ويضيف، "في كل مرة كنت أتعرض لهجوم مباشر من قبل البحرية الإسرائيلية. أعلم أن الأمر يهدد حياتي، ولكن كيف يمكنني العيش إذا لم أكسب لقمة عيشي من خلال مهنتي كصياد سمك؟".

ويستخدم الأقرع وزملاؤه الصيادون قوارب صغيرة وبسيطة مصنوعة من الخشب أو البلاستيك. مجاديفهم محلية الصنع. وقال: "في بعض الأحيان، نستخدم أيدينا بدلاً من ذلك". مردفًا: "بمجرد وصولنا إلى البحر، تقترب السفينة العسكرية وتبدأ في إطلاق النار علينا. لكن لماذا؟ نحن مجرد صيادين”.

ولا يمكنهم الوصول إلى سوى قدر أقل بكثير من المياه الساحلية، ونتيجة لذلك، أصبح الصيد أقل بكثير. وقال الصياد الأقرع إنه يحصل الآن على حوالي كيلوغرامين أو ثلاثة كيلوغرامات من الأسماك يومياً، أي حوالي ربع ما اصطاده قبل الحرب.

ويتابع حديثه: "المسافة القصوى التي يمكننا الوصول إليها هي حوالي 400 متر. كل يوم هو تحدي مختلف. قد تتعرض للهجوم على مسافة 10 أمتار، أو 50 مترًا، أو 200 متر، أو 400 متر، لكن من المستحيل التقدم أبعد من ذلك”.

ويستطرد: "بمجرد رؤيتك، يمكنك سماع صدى الرصاص الذي يصيب قاربك. في أغلب الأحيان، يتعين علينا النزول من قواربنا والسباحة من أجل البقاء. إنه أمر مرعب للغاية (..) في معظم الأيام، لا نحصل على شيء، ماذا يمكنك أن تقول لعائلتك الجائعة عندما تعود خالي الوفاض؟ إنه مؤلم للغاية".

وفي الشهر الماضي، استشهد أحد أقارب الصياد عماد الأقرع بنيران "إسرائيلية" أثناء خروجه للصيد، وأصيب برصاصتين في رقبته، والرجل الذي كان معه لا يزال في العناية المركزة.

من ناحيته، يقول نقيب الصيادين الفلسطينيين نزار عياش إن الاحتلال يحارب الصيادين منذ 17 عاما، بالاستهداف والاعتقال والملاحقة، لكن ذلك تجلى بوضوح في الحرب الحالية.

ويستغرب عياش صمت المجتمع الدولي والعربي تجاه العدوان الإسرائيلي على القطاع، متسائلا "ألا يكفي كل ما حدث من جرائم بحق أبناء شعبنا، ومن بينهم الصيادون"؟.

كما يطالب بالعمل الفوري على وقف العدوان ورفع الحصار وترميم ما دمره الجيش الإسرائيلي بحق قطاع الصيد لأن الصيادين لا يقدرون على إصلاح مركب متضرر واحد، علما بأن الاحتلال ومنذ سنوات يمنع إدخال المواد والأجهزة الأساسية الضرورية لعمل قطاع الصيد الذي يضم نحو 1500 قارب للصيد مختلفة الحجم.