عمليات الإنزال الجوي، التي بدأت فكرتها خلال الحرب العالمية الثانية، تمثل الحل الأخير لإيصال المساعدات في حال تعذر وصولها عن طريق البر، نظرًا للصعوبات التقنية والكلفة الهائلة والكميات القليلة التي يمكن إلقاؤها من الجو، بالإضافة إلى الاحتمالية الكبيرة للخطأ.
في حالة غزة، بدأت عمليات إلقاء مساعدات ضئيلة الكمية عبر الجو، وهنا يطرح التساؤل حول قدرة هذه العمليات على إغاثة 2.3 مليون فلسطيني في القطاع، خاصة تلك القاطنة في مناطق شمال القطاع التي تعاني من التجويع والحصار المشدد.
لكن من أجل عملية فعالة وقادرة على منع المجاعة في شمال غزة، يجب أن نستوحي من تجربة عمليات الإنزال الجوي في برلين عام 1948، حيث أطلق الحلفاء عمليتي "فيلتز" و"بلاين فير" لإيصال المساعدات عبر جسر جوي يومي.
مع النظر إلى تلك التجربة التاريخية، يمكن أن نقيّم الاحتياجات اليومية للسكان في شمال غزة ونحدد ما إذا كانت العمليات الجوية الحالية كافية. على سبيل المثال، إذا افترضنا أن كل فرد يحتاج إلى 5 كيلوغرامات من المساعدات يوميًا، فإننا بحاجة إلى حوالي 84 رحلة جوية يوميًا لتلبية احتياجات شمال غزة بالكامل.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تنظيم عملية التوزيع بشكل جيد لضمان وصول المساعدات إلى جميع الأشخاص المحتاجين. من الضروري استخدام طائرات مناسبة مثل C-130 Hercules التي تتيح الحمولة الكافية لنقل المساعدات بشكل فعال.
بناءً على الاحتياجات الضرورية للسكان في شمال غزة، يتعين علينا تكثيف جهودنا وتنظيم عمليات الإنزال الجوي بشكل أكبر لضمان وصول المساعدات بشكل فعال ومنظم.
الطائرة C-17 Globemaster III هي طائرة نقل عسكرية أمريكية الصنع، وتُعتبر من أكبر الطائرات حجمًا، حيث تصل حمولتها إلى حوالي 76,000 كيلوغرام، وغالبًا ما تستخدم في مهام النقل الجوي والإسقاط الجوي الإستراتيجي.
عملية الإنزال تتطلب العديد من العوامل، بما في ذلك المظلات التي يتم استخدامها لإسقاط المستوعبات على الأرض ببطء لتجنب تلف المواد. يتم استخدام نوعين رئيسيين من المظلات في هذه العملية، وهما مظلات الشحن والمظلات العسكرية، نظرًا لمتانتهما وقدرتهما على حمل أوزان كبيرة. ويمكن ربط عدة مظلات معًا في الحمولة الواحدة حسب حسابات الوزن والقدرة على التحمل اللازمة.
تختلف تكاليف المظلات بشكل كبير، حيث يصل سعر المظلة الواحدة من مظلات الشحن أو المظلات العسكرية إلى عدة آلاف الدولارات، مقارنة بالمظلات الرياضية التقليدية التي تكلف بحدود ألفي دولار للواحدة. هناك أيضًا مظلات عالية الدقة التي يمكن توجيهها باستخدام نظام الملاحة GPS، ولكن تكلفتها باهظة بسبب التصميم والتقنيات المتقدمة.
على الرغم من فعالية الإنزال الجوي، إلا أن إيصال المساعدات برا يُعتبر الخيار الأمثل لمنع المجاعة في قطاع غزة، نظرًا لقدرته على نقل كميات كبيرة من المساعدات بكفاءة أكبر وبتكلفة أقل. الشاحنات تتمتع بسهولة الحركة والانتقال وعبور الطرق، ولا تتطلب التنسيق الجوي المعقد كما هو الحال في العمليات الجوية. ومع ذلك، يتعين على الشاحنات أن تتعامل مع عراقيل مثل إغلاق المعابر والتفتيشات البطيئة.
يشار إلى أن الأردن بدأ عمليات إنزال جوي لتقديم المساعدات إلى قطاع غزة، باستخدام طائراته العسكرية من طراز C-130 وطائرة فرنسية مماثلة. وبدأت الولايات المتحدة أيضًا عمليات الإنزال، حيث أسقطت مساعدات على غزة بواسطة طائراتها.