فلسطين أون لاين

غزة... الطوفان والمحرقة

نقطة تحول

وما زالت غزة المحررة وليدة مخاض مشروع التحرير في محطته الأولى في يومياتها العظيمة وملحمتها الخالدة تمثل أيقونة الحلم الفلسطيني في التحرير والعودة.... ولتعلمن نبأه بعد حين

الطوفان الذي أقدم عليه القسام فداء للمسرى والأسرى في 7 أكتوبر 2023م، ومن ثم سعار عدوان بربري وجرائم حرب وإبادة جماعية ومحرقة لغزة بكل من وما فيها  والتي جسدت أحد أهم ملاحم الشعب الفلسطيني والتي تمثل نقطة تحول فارقة في تاريخه المعاصر عنوانها عدم الاستسلام للإرادة الأمريكية الظالمة ورفض الارتهان لمسارها التطبيعي ومخرجاته المجحفة وعدم التسليم بتهويد القدس وتدنيس الأقصى وضم الضفة عدم تحرير الأسرى والتي تتوج بمحطات مضيئة تسقط هيبة دولة الكيان الوظيفي المؤقت وجيشه المهزوم وتفضح انحياز منظومة بلفور ودعواها المهترئة في رعاية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

في صباح 7 أكتوبر 2023م تضامنا مع المسرى والأسرى ثار بركان القسام منتفضا على فرقة غزة في جيش العدوان، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير كنتيجة تراكمات من ممارسات حكومة الاحتلال اليمينية الفاشية، حيث ارتقى مئات من خيرة رجال الأمة شهداء. ومثل الطوفان إشارة إلى الخرق القائم من جهة أوسلو والتطبيع وشكل العلاقة التي رسخها مع المحتل طوال ثلاث عقود، ودشنت روحا للثورة وشكل العلاقة مع محتل غاصب منذرا المحتل بمستقبله ومبشرا شعب فلسطين بسيناريو التحرير الذي تحمله روح الطوفان الملحمية الهادرة.

في ظل فشل مشروع التسوية الذي جسده سقوط أوسلو فإن اللحظة الفارقة اليوم إعلان نهاية حقبة أوسلو القميئة وعودة شعب فلسطين بمجموعه وقواه إلى أصل الحكاية في شكل علاقة شعب تحت الاحتلال بالمحتل الغاصب، وتميز الطوفان بقدرة المقاومة وثقتها بل وإنها قادرة على تحمل عبء مشروع التحرير بشكل كامل في مواجهة بيت عنكبوت وجيش كرتوني متهالك. وأن شعب غزة أسطوري في وعيه وثباته وقاتل بلحمه وعظمه وبيوته ودفع إلى الان الفاتورة الأعظم ومازال شلال الدم ينزف بمعدل شهيد كل أربع دقائق وبحسب أرقام رسمية إلى الآن فقد استشهد ما بين من تم إخراجه من تحت الركام ومن بقي وبعد ثلاثة أشهر من المحرقة حيث تم ارتكاب مئات المجازر راح ضحيتها 23209 شهيدا وأكثر من 8000 مفقود أكثر من 70% من الأطفال والنساء وستون ألفا من الجرحى، وأكد الطوفان أن الاحتلال يعيش بزي غربي مع عقيدته اليهودية بالقتل العنصري (جوييم) فوصف كبرائهم أن الشعب الفلسطيني بحيوانات بشرية "ليس علينا في الأميين سبيل". وفشل عقيدتهم في الإتكاء على الجدر في حمايتهم ظانين أنهم مانعتهم حصونهم " لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ" (الحشر: 14)، بينما أثبت الشعب الفلسطيني مجددا بطوفانه أنه أكبر من قيادته وغير قابل للهزيمة والتراجع مهما كانت التضحيات. 

بعد تجربة العلاقة مع المحتل عبر أوسلو، دخل شعب فلسطين في نفق السراب. ومثل طوفان الأقصى عودة الراية للشعب عبر أداء بطولي استشهادي ملحمي قدم خلالها الشعب الفلسطيني خيرة قادته وأبطال أجياله المتدافعة سباقا لأرضهم المحتلة ليمثلوا باكورة جيش الفداء والتحرير شهداء على طريق الكرامة والعزة والعودة، والتي مثلت معلما رئيسا لطوفان غزة فداء للأقصى، وأثمرت نقطة تحول لصالح تحرير فلسطين، لتشكل بارقة أمل في الخيار الأصيل (المقاومة)، في ظل تنكر الاحتلال لأوسلو وتوابعه وحق شعبنا العظيم في الحرية والاستقلال وبناء الدولة، وما صاحب ذلك من وهن عربي ورعاية أمريكية التي جاءت ببوارجها وجنودها لتنقذ الربيبة (إسرائيل) التي جثت على ركبتيها مع الفوج الأول للطوفان.