اتهم مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، (إسرائيل) بالسعي لمعاقبة الفلسطينيين جماعيًا من خلال تجويعهم، وحذر من أن مستوى الجوع الذي تشهده غزة حاليا "غير مسبوق" ويمثل "إبادة جماعية".
جاء ذلك في مقابلة أجرتها "الأناضول" مع فخري، حيث عرض تقييمه للمجاعة والأحداث في غزة، التي تتعرض لهجمات مكثفة من قبل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأوضح فخري أنه حذر سابقًا، قبل تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، من "الوضع الخطير حيث يعاني الجميع في غزة من الجوع".
وأشار إلى أن "ربع سكان غزة كانوا يعانون من الجوع في ذلك الوقت، وأن الجوع والمجاعة الخطيرة كانا يقتربان".
وأضاف أن بعض الدول قررت بعد تلك الفترة تعليق المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي أهم وكالة مساعدات إنسانية في غزة.
ومن جهة أخرى، ضغطت القوات الإسرائيلية، وفق فخري، على مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ضمن منطقة صغيرة في رفح؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية.
وقال المقرر الأممي إنه لا يمكنه وصف مدى صعوبة الوضع اللاإنساني في قطاع غزة، "فقد كنا نقول من قبل إن المجاعة على الأبواب، الآن لا أستغرب إذا قلنا إن المجاعة ستكون شاملة بحلول نهاية هذا الشهر (فبراير/ شباط)".
واعتبر أنه "لا أحد يعلم إلى متى يمكن لسكان غزة الصمود على هذا الوضع، فالمساعدات التي تصل إليهم غير كافية لإبقائهم على قيد الحياة".
وحذر من أن مشكلة الجوع تتمثل في كونه "موتًا بطيئًا ومؤلمًا، ويتواصل تأثيره لأشهر وسنوات بل وعقود قادمة".
وأضاف موضحا: "حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار اليوم، فإن الجوع سيؤثر سلبا على مستقبل أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة، 335 ألف طفل دون سن الخامسة من بين هؤلاء معرضون لخطر الإصابات الجسدية الدائمة (على المدى الطويل)، بما يشمل ضعف الإدراك".
ومواصلا رسم الصورة المأسوية في قطاع غزة، قال فخري إن "إسرائيل تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بينما يشارك المدنيون الإسرائيليون أيضا في هذا المنع".
وحذر من أن "مستوى الجوع الحالي في غزة لم نشهده سابقًا، حيث لم نر من قبل شعبًا بأكمله يعاني من الجوع"، في إشارة إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون شخص.
ولفت إلى أن معاناة سكان غزة "لا تقتصر على منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية، بل تُمارس أيضًا سياسات تهدف إلى تدمير النظام الغذائي للقطاع، مما يُعيق قدرة الفلسطينيين على إطعام أنفسهم".
وأفاد فخري أن استهداف المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك حرمانهم من الغذاء، هو جزء من سياسة إسرائيلية متعمدة تستهدف جميع الفلسطينيين، فالعديد من المسؤولين الإسرائيليين أدلوا مرارا وتكرارا بتصريحات تشي بذلك.
وأشار في هذا الصدد إلى تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن خلاله أنه أمر بفرض حصار شامل على قطاع غزة.
وآنذاك، نقلت القناة "13" الإسرائيلية عن غالانت قوله خلال اجتماع تقييم في القيادة الجنوبية لجيش الاحتلال الإسرائيلي (تشمل غزة): "نفرض حصارا كاملا على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك"، وفق تعبيره.
واعتبر المقرر الأممي أن "تصريحات الجهات الرسمية والأفراد في (إسرائيل) تُشير إلى أن نيتهم هي التطهير العرقي، حيث يعتزمون طرد جميع المدنيين من غزة ومعاقبتهم بشكل جماعي".
وشدد على أن "هذه الحرب لا تتعلق بالدفاع عن النفس، محذرا من أن "هدف إسرائيل هو معاقبة جميع الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين".
ووصف فخري هذه الممارسات بأنها "تُشكل إبادة جماعية وفق القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والمنظور الأخلاقي، حيث تُشير نوايا (إسرائيل) وأفعالها إلى ذلك بشكل واضح تمامًا".
وقال: "(إسرائيل) تستخدم الجوع كسلاح ضد المدنيين، والأمم المتحدة لا تستطيع فعل أي شيء في هذه المرحلة، بينما فشل المجتمع الدولي في ممارسة ضغط حقيقي على حلفاء إسرائيل لوقف هذه الإبادة الجماعية وتمهيد الطريق للسلام".
وشدد المقرر الأممي على "أهمية فرض العقوبات على إسرائيل من خلال الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف، وضرورة الحد من توريد الأسلحة التي تستخدمها في انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية".
وختم بالقول: "يتعين على الدول التي تدعم إسرائيل مراجعة مواقفها والضغط عليها بشكل جدي لمنع الإبادة الجماعية والجوع".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن (إسرائيل) حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الشهداء معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية، الأمر الذي أدى إلى مثول (إسرائيل) أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".