فلسطين أون لاين

خبراء يجيبون: مدى واقعية تحقيق الأهداف "الإسرائيلية" من اجتياح رفح؟

...
رفح
غزة - فلسطين أون لاين

يبدو أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي متمسكة جدًا في التلويح بشكل لافت، على مستوى التصريحات، بتوسيع عملياتها العسكرية في رفح، رغم التحذيرات العالمية من المخاطر الكارثية والإنسانية والصحية، التي قد تنفجر إزاء أي نشاط عسكري بالمحافظة الجنوبية، نظرًا للاكتظاظ السكاني الكبير في الملاذ الوحيد للنازحين والذي يتزايد عددهم عن 1.3 مليون نازح.

ليبقى السؤال مطروحًا: ما الأهداف العسكرية للاحتلال في توسيع العمليات في رفح؟ ومدى واقعية تحقيقها في الوقت الحالي مع التحذيرات العالمية الرافضة لأي نشاط عسكري لا يضمن خطة واضحة لحماية المدنيين هناك، في وقت تشكل الكثافة الديمغرافية ضغطًا آخرًا على "إسرائيل"؟

محللون عسكريون أجمعوا على أن تلويح حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع عملياتها في رفح، يأتي من أجل "تجسير الهوة" والحصول على تنازلات من المقاومة الفلسطينية بغزة في اتفاق الهدنة الصادر عن اجتماع باريس، خاصةً وأن الموقف الإسرائيلي لا يزال ضبابيًا حول الخطوة القادمة، في ظل وجود خلافات بين نتنياهو ورئيس الأركان حول آلية التنفيذ.

ويرى المحلل السياسي ماجد إبراهيم، أن العمليات في رفح "تأتي لمحاولة تحسين موقف نتنياهو التفاوضي، في ضوء مفاوضات تبادل الأسرى ووقف النار التي وصلت إلى مرحلة اتفاق باريس" وأيضا في ضوء رد حماس على هذه الوثيقة ومطالباتها التي تتعلق بالإغاثة والمساعدات وإطلاق المعتقلين الفلسطينيين.

وأشار أيضًا إلى أن نتنياهو سيضطر في النهاية للتنازل بعد أن يفشل في مهمته برفح، و"سيضطر للتفاوض بجدية على صفقة وقف النار مع تزايد الضغوط الأميركية عليه مع الضغوط الداخلية والدولية، لا سيما أن استمراره في استهداف المدنيين سيزيد سخط العالم عليه".

أما المحلل الخبير العسكري والاستراتيجي إلياس حنا، فيقول "أنا أعتقد أن ما يجري الآن هو تهويل وعملية ضغط لإرغام المقاومة على تغيير مواقفها من التفاوض" وبالتالي ما يجري حاليا من قصف واستهداف "يعد عملية خاصة اعتبرتها إسرائيل تحريرا لاثنين من الرهائن، وتبقى عملية خاصة بسيطة ضمن موضوع معقد وكبير، وتحضيرا لعملية إطلاق الرهينتين، ولا أعتقد أنه كان تحضيرا للعملية الكبرى التي تحدث عنها نتنياهو".

الموقف الأميركي

وعن الموقف الأميركي من التصعيد الإسرائيلي ضد مدينة رفح، قال إبراهيم إن واشنطن تريد من نتنياهو "إنجاز هذه المرحلة الأخيرة قبل شهر رمضان" ورغم أنها تكشف عن اعتراضات لما يقوم به جيش الاحتلال "لكنها تبقى غير نافذة ولا تتجاوز الإعلام وهدفها الاستهلاك الداخلي نتيجة لحسابات الرئيس الأميركي جو بايدن الداخلية" في حين أنه نفسه أعطى نتنياهو الضوء الأخضر لاجتياح كل القطاع.

وفي ما يتعلق بالموقف المصري، قال إبراهيم إنه "لا يزال كما هو يتمسك برفض التهجير ولكنه في الوقت نفسه للأسف لا ينجح في ممارسة ضغط حقيقي على الكيان الصهيوني لعدم اجتياح رفح وما قد يمثله ذلك -كما يقول البعض- من تهديد للأمن القومي المصري".

لكن العميد حنا له تصور آخر، إذ يقول إنه "على المستوى الجيوسياسي فإن نتنياهو بحاجة إلى موافقة من الراعي، أي من الولايات المتحدة" ولذلك فإن موقفها "بدأ يتبدل نوعا ما من وقت إلى آخر خلال اليومين الماضيين" وجرى اتصال بين الرئيس ونتنياهو. ولا أعتقد أن بايدن أعطاه ذلك الضوء الأخضر، بل حذره من مغبة دخول رفح، ومن ثم فإنه إذا هاجم فسيكون أضر العلاقة مع أميركا.

وأشار أيضا إلى أن إسرائيل بحاجة إلى الموقف المصري نظرا للحدود المشتركة، ومنها حركة دخول وخروج المقاتلين أو السلاح أو حتى المساعدات الإغاثية، وهناك أيضا اتفاقية كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب وهي مهمة جدا لإسرائيل ويجب أن تحافظ عليها.

وفي وقت سابق، أوضح الخبير العسكري فايز الدويري، أن هناك 3 سيناريوهات محتملة للعملية العسكرية الإسرائيلية المرتقبة في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

سيناريوهات محتملة

وأشار إلى، أن أكبر مشكلة تواجه "إسرائيل" في هذه العملية هي النازحون في المدينة الذين يصل عددهم إلى نحو 1.3 مليون، حيث سيتعيّن على دولة الاحتلال إخلاء المنطقة منهم.

وبحسب الخبير العسكري والإستراتيجي، فقد طلب نتنياهو من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي عمليتين منفصلتين، لأن الوضع في رفح يختلف عن باقي المناطق الفلسطينية.

وتحدث رئيس الأركان عن عملية الإجلاء التي ستكون قسرية وليست طوعية، وقال الدويري إن الوجهة -بحسب الإسرائيليين- ستكون عبر 3 خيارات: أن يتم إجلاء الفلسطينيين إلى الشمال التي يطالب الاحتلال بأن يكون منطقة عازلة.

والخيار الثاني أن يتم إجلاؤهم إلى منطقة المواصي الممتدة في غرب خان يونس وأطراف رفح. أما الخيار الثالث فيتمثل في ترحيلهم إلى سيناء المصرية، "ولكن، ألا تملك مصر السيادة على أرضها؟"، تساءل الدويري.

ولفت المحلل العسكري، إلى أن الواقع الديمغرافي في مدينة رفح والاكتظاظ الكبير في أعداد النازحين، لا يمكّن "إسرائيل" القيام بعملية عسكرية في رفح من دون ارتكاب مجزرة بحق النازحين، مؤكدًا أن هذا الأمر يفرض ضغوطًا كبيرة حتى على داعمي "تل أبيب".

وأوضح أن حكومة الاحتلال ليس أمامها من الناحية العملية سوى دفع النازحين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، لأنه لا يوجد مكان لهم في وسط وجنوب غزة، في حين ترفض حكومة بنيامين نتنياهو عودتهم إلى القطاع.

وبحسب الدويري، مع تلويح مصر بتعليق اتفاقية "كامب ديفيد" حال قيام "إسرائيل" بعملية عسكرية في رفح، فإن جيش الاحتلال ربما يحاول احتلال "محور فيلادلفيا" لإطباق الحصار على غزة بشكل تام.

وأكد أن أن الموقفين المصري والأميركي يمثلان القول الفصل في هذه العملية، لأن هذين البلدين يملكان منع "إسرائيل" فعليًا بما يمتلكان من أوراق.

وأمس الإثنين، استشهد أكثر من 100 فلسطيني وأصيب العشرات، معظمهم نساء وأطفال، في قصف إسرائيلي عنيف على منازل ومساجد في رفح جنوبي قطاع غزة، واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الهجوم استمرارا لحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ودعت إلى تحرك دولي عاجل لوقف العدوان.

وقالت مصادر محلية، إن القصف الإسرائيلي العنيف وغير المسبوق تركز في المناطق الشمالية لمدينة رفح، وفي محيط مسجد الرحمة بمخيم الشابورة في رفح. كما قصفت الزوارق الحربية شاطئ البحر.

وتناثرت أشلاء الشهداء في الأماكن المستهدفة من شدة القصف، وملأت سحب الدخان الكثيف أجواء المدينة، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والمروحيات.

تتواصل التحذيرات من قبل مؤسسات محلية وحكومية بقطاع غزة، وأخرى إغاثية من كارثة إنسانية وصحية كبيرة، إذا اتخذت حكومة الاحتلال قرارًا عمليًا في توسيع هجومها ليشمل أكثر المناطق بقطاع غزة اكتظاظًا بالنازحين، والتي ادعت منذ بدء العدوان على أنها مناطق "آمنة".

وقال رئيس بلدية محافظة رفح جنوبي قطاع غزة، إن أي عمل عسكري في المدينة المكتظة بأكثر من 1.4 مليون فلسطيني سيؤدي إلى مجزرة وحمام دم.

وأضاف، في حوار صحافي، أن المدينة بصدد مواجهة مجاعة وحالة عطش كبيرة نتيجة نقص الإمدادات، مشيرًا إلى أن المساعدات التي تدخل عبر معبر رفح لا تكفي إلا 10% من سكان المدينة.

من جهته، حذر مكتب الإعلامي الحكومي، من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى في حال تم اجتياح محافظة رفح ونُحمّل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال "الإسرائيلي" المسئولية الكاملة.

وتناولت وسائل الإعلام التابعة للاحتلال "الإسرائيلي" نية وتهديدات جيش الاحتلال بمهاجمة واجتياح محافظة رفح (جنوب قطاع غزة) والتي تضم أكثر من 1,400,000 مواطن فلسطيني بينهم 1,300,000 نازح من محافظات أخرى، مما ينذر بوقوع كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّف عشرات آلاف الشهداء والجرحى.

وقال الإعلام الحكومي، في بيان له، نُحمّل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال "الإسرائيلي" المسؤولية الكاملة عن الكارثة والمجزرة العالمية التي يُلوّح بارتكابها الاحتلال والتي قد تقع في أي وقت بالتزامن مع ارتكابه آلاف المجازر في محافظات قطاع غزة على مدار حرب الإبادة الجماعية.

وطالب مجلس الأمن الدولي بالانعقاد الفوري والعاجل واتخاذ قرار يضمن إلزام الاحتلال "الإسرائيلي" بوقف حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد المدنيين والأطفال والنساء في قطاع غزة، وكذلك وقف القتل المتعمد ضد عشرات آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة ووقف تهديدات الاحتلال المستمرة ضد محافظة رفح وغيرها من المحافظات.

وفي وقت سابق، قال موظفون في مجال الإغاثة اليوم (الجمعة)، إن أي تقدم عسكري إسرائيلي في منطقة رفح بجنوب قطاع غزة قد يتسبب في سقوط أعداد كبيرة من القتلى بين أكثر من مليون فلسطيني محاصرين هناك، في الوقت الذي قد تتوقف فيه المساعدات الإنسانية تماماً.

ويعيش الآن نحو 1.5 مليون شخص في ملاجئ قذرة مكتظة أو في الشوارع في أرض تقع بين الأسيجة الحدودية مع كل من مصر و"إسرائيل" والبحر المتوسط إضافة إلى القوات الإسرائيلية.

وقال يان إيجلاند الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: "لا يمكن السماح بأي حرب في مخيم ضخم للاجئين"، محذرًا من "حمام دم" إذا امتدت العمليات الإسرائيلية إلى هناك.

المصدر / الجزيرة