انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية بالكامل من مناطق شمال غرب محافظتي غزة وشمال القطاع، الخميس 1 فبراير/شباط 2024، لأول مرة منذ بدء عمليته العسكرية البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
بحسب ما نقلت شهود عيان، فإن جيش الاحتلال انسحب من مناطق توغل بها في المنطقة الغربية لمحافظة شمال القطاع، وتضم أحياء التوام والكرامة وشارع الرشيد.
كما انسحب الجيش من أحياء سكنية تقع بمناطق شمال غرب محافظة غزة وهي "الأمن العام" و"المقوسي" و"أبراج المخابرات" و"بهلول" و"شارع الرشيد".
بعد الانسحاب بساعات توجه سكان تلك المناطق لتفقد منازلهم وممتلكاتهم التي نزحوا عنها مع بدء الحرب على القطاع، فيما قال عدد من المواطنين، إنهم "تمكنوا من الوصول لهذه المنطقة لأول مرة منذ بدء العملية البرية".
جاء ذلك بعد يوم فقط، من سحب الجيش الإسرائيلي لواء الاحتياط الخامس من قطاع غزة، في إطار تقليص عدد القوات في القطاع.
وخلال أقل من شهر، سحب جيش الاحتلال عدة ألوية من قواته في غزة، من بينها الكتيبة رقم 7107 والفرقة 36 والكتيبة 13 في لواء غولاني.
هروب من المواجهة
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن الانسحاب من مناطق شمال غرب محافظتي غزة وشمال القطاع، هو انسحاب تكتيكي له علاقة بالخسائر الذي لحقت بجيش الاحتلال.
وأضاف المحلل المدهون لـ "فلسطين أون لاين"، أن الخسائر الكبيرة التي تكبدها جيش العدو خلال معاركه مع المقاومة الفلسطينية أربكت حساباته ولم يعد الجيش قادر على التمركز، لذلك هو يحاول الهرب من مواجهة المقاومة، والقيام بأسلوب الغارات وهذا دليل ضعف.
وأشار إلى، أن الاحتلال فشل بالحسم العسكري ولم يحقق أهدافه لذلك هو غير قادر على رسم خريطة واضحة لتحركاته ودائما يحاول الانسحاب ثم العودة لأن التمركز يكلفه خسائر كبيرة.
وفي هذا الإطار، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن الاحتلال أعلن منذ 3 أسابيع دخول حربه بالمرحلة الثالثة في شمالي القطاع، حيث جرى سحب الآليات على مدار أيام، فيما استمرت عمليات القصف جوًا.
وأوضح خلال تحليله لـ "قناة الجزيرة"، أن دخول قوات الاحتلال شمالًا يقتصر على ظهور مقاتلين من المقاومة الفلسطينية، أو الحصول على معلومات حول الأسرى المحتجزين وغيرها.
وأشار إلى، أن المرحلة الثالثة تعني عمليات جراحية انتقائية لتحقيق أهداف محدودة، مبينًا أن سحب الألوية جاء بعدما أرهقت وألحق بها خسائر كبيرة، في وقت تتضارب فيه المعلومات حول الجهة التي ستذهب إليها إما في غلاف غزة أو الجبهة الشمالية مع لبنان.
وشدد على أن التحدي الأكبر للاحتلال يتمثل بالخسائر البشرية وفاتورة التكاليف من أجل الوصول للصيد الثمين "إن كان يستطيع الوصول إليه"، وفق الدويري.
وعلى مستوى التحليلات العبرية، حذرت تقديرات لمحللين إسرائيليين من مغبة استمرار الحرب على غزة، وأجمعت على أنها لم تحقق أهدافها، في حين رجح بعض المحللين أن ما اعُتبر تحقيق بعض "الإنجازات" قد يتفجر ويتحول إلى فشل إستراتيجي إذا ما طال أمد القتال والمعارك البرية.
وتعززت قناعات المراقبين بضرورة إنجاز صفقة تبادل شاملة في ظل إخفاق الجيش الإسرائيلي في تحرير ولو "رهينة" واحدة بالعملية العسكرية البرية.
ومقابل هذه التطورات والوقائع على الأرض، يعتقد المحللون العسكريون، أن حكومة الاحتلال التي رفعت سقف أهداف الحرب حتى وإن بدت لها غير واقعية ولا يمكن تحقيقها، باتت تواجه أزمة سياسية وائتلافية مع دخول الحرب شهرها الرابع.
وتحت عنوان "كيف نخرج من البئر التي وقعنا فيها؟"، كتب المحلل السياسي بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، مقالا، أشار من خلاله إلى أن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أوقعت إسرائيل في بئر عميقة، وأن الخروج منها يعني تحقيق أهداف الحرب المعلنة والتي تأكد أنها غير واقعية ولا يمكن إنجازها مهما استمر القتال.
وأوضح برنياع أن الواقع على الأرض أثبت أن الأسابيع الثلاثة الأخيرة للقتال لم تغير الواقع، بل إنها كلفت "تل أبيب" خسائر بشرية بالجنود، إلى جانب كارثة إنسانية بالقطاع تتحمل مسؤوليتها إسرائيل.
وقال: "وقائع الحرب تضر بصورة إسرائيل عالميا ولا تقربنا إلى انتصار غير موجود أصلا. حتى لو تم اغتيال يحيى السنوار أو محمد الضيف أو حتى كلاهما، لن تتغير وقائع ونتائج القتال".