فلسطين أون لاين

الفراغ

بعد اتفاق الشاطئ ٢٠١٤م، وفشل حكومة التوافق من القيام بواجباتها في غزة، وفشلها في إدارة ملف الموظفين، حذرنا من (الفراغ ) الناتج عن هذه الحالة، وحذرنا من أضراره على الوطن وعلى المواطن، وطالبنا الجميع بالعمل التوافقي من أجل ملء الفراغ ومعالجة أضراره.

الفراغ يلف جل الحياة في غزة ، وبالذات الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، فكثير من مشاكل الاقتصاد والاجتماع والأمن تحتاج إلى قرار الوزير وإمضاء الوزير. والوزير لديه تعليمات من رئاسة السلطة ومن رئيس الوزراء بعدم التعامل الإيجابي مع غزة.

إن وجود وكلاء، ووكلاء مساعدين، بينهم قدر كبير من التعاون والتفاهم على تعبئة حالة الفراغ يخفف من وطأة هذه الحالة على المواطن الغزي، الذي يدوخ الدوخات السبع لكي ينهي معاملته الاقتصادية أو الأمنية، أو مشكلته ذات العلاقة بالأمن، أو الأرض، أو ملف الحياة الاجتماعية والسلم المجتمعي. لولا وجود الوكلاء، ودعم الأمن لهم ومن خلف الأمن المقاومة لتراجعت غزة تراجعا كبيرا، في باب الأمن والاستقرار والتجارة أيضا، وتوفير مستلزمات الحياة اليومية.

قبل يومين قتل ثلاثة من أبناء غزة، على يد غيرهم نهارا بدافع عادة الثأر، التي نهانا الإسلام عنها، وحذرنا من أضرارها، وهذا العمل القاسي استنفر الشرطة ورجال الأمن، وأعاد للأذهان صورة الفلتان الأمني الذي ما برحت غزة أن تخلصت منه، بعد أن دفعت ضريبة باهظة من أجل الحصول على العدل والاستقرار.

إن ما حصل في وضح النهار من ثأر واستخدام مفرط للسلاح هو علامة كبيرة على حالة الفراغ التي تنشط فيها عمليات القتل المتبادل، وكأن غزة للأسف بلا قانون، وبلا قضاء ومحاكم، وبلا شرطة رادعة.

إنه لا بدّ من البحث في حلول ناجحة لحالة الفراغ بمستوياته المختلفة، لأن مشكلة القتل هذه هي الابن الشرعي لحالة الفراغ، وعدم خشية المواطن من القانون، ومن السلطات القائمة، ومما يزيد الطين بلة أننا نعيش في ظل انتشار السلاح العائلي، والمتستر أحيانا بالمقاومة.

المسألة التي يناقشها المقال هنا تحتاج من ذوي الاختصاص والغيرة على الوطن مناقشتها بشكل موسع واختصاصي واتخاذ إجراءات عملية لملء الفراغ ، ومغالبة تداعياته السلبية. يجب أن يشعر المواطن في غزة أن الحكومة موجودة وقوية وتستطيع أن تمارس دورها بشكل كامل, بغض النظر عن موقف رام الله ، وعن موقف رئيس السلطة نفسه.

نحن هنا نتحدث عن اثنين مليون نفس هم سكان غزة لا يمكن إلقاؤهم في الشارع نهبا لحالة الفراغ التي يسعى العدو، والمجرم، والمنحرف، لكي يملأها بالطريق التي تناسب مصالحهم.