فلسطين أون لاين

تقرير "كيس دقيق".. حلم يراود نازحي غزة

...
"كيس دقيق".. حلم يراود نازحي غزة

في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يصطف مئات النازحين في طوابير طويلة للحصول على الدقيق، أمام مركز التموين التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في ظل شح كبير في المواد الغذائية الأساسية.

ويعاني سكان غزة من وضع إنساني وصحي كارثي، إذ نزح نحو 1.4 مليون نسمة من أصل 2.3 مليون من منازلهم، ومنعت إسرائيل عنهم إمدادات الغذاء والماء والأدوية والكهرباء، في ظل قصف مكثف.

تحاول عائلة الحاج يحيى يعقوب المكونة من 7 أفراد، الحصول على الدقيق منذ أيام، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.

يقول الشاب مالك يعقوب (أحد أفراد العائلة) للأناضول: "نتوجه يوميا إلى مركز التسليم (المخازن) على شارع صلاح الدين في دير البلح، بعد الحصول على ورقة من مركز التموين في مخيم النصيرات لتسليمنا 3 أكياس من الطحين، حيث يزن الكيس 25 كيلو غراما".

ويضيف: "هناك ازدحام شديد وصعوبة في الوصول إلى الشخص المكلف بالمناداة على المواطنين للاستلام، وإن لم أتمكن من الحصول على الطحين اليوم سأضطر إلى البحث عنه في الأسواق وشرائه بأسعار خيالية".

ويوضح أن حيث "سعر الكيلو غرام الواحد يتجاوز 20 شيقل (5.2 دولارات تقريبا)، بعد أن كان 3 شواقل (أقل من دولار واحد) قبل الحرب".

وأثار فقدان الدقيق من الأسواق في قطاع غرة أزمة إنسانية حقيقة، وأصبح الحصول على رغيف الخبز حلما صعب المنال في الكثير من المناطق، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي لعشرات المخابز، ونفاد الوقود والغاز اللازم لتشغيل الباقي منها.

وتوزع "الأونروا" الدقيق على الأسر في قطاع غزة لاجئين ومواطنين حسب عدد أفراد الأسرة بشكل تنازلي، لكن الكثيرين أبدوا امتعاضهم من تأخر عملية التوزيع والازدحام الشديد.

وبسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت في قطاع غزة، لم يتمكن مراسل الأناضول من الوصول إلى المتحدث باسم "الأونروا" عدنان أبو حسنة، لكنها أجرت حديثا مع أحد مسؤولي الوكالة، فضل عدم الكشف عن هويته.

يقول المسؤول: "إن الوكالة شرعت منذ نحو شهر، بتوزيع الدقيق على سكان قطاع غزة حسب عدد أفراد العائلة، بدءا بالأسر الكبيرة وصولا إلى الأقل عددا، فالأقل".

وأوضح أن "عملية التوزيع تسير على قدم وساق في بعض المحافظات، وتعثرت في البعض الآخر بفعل العدوان الإسرائيلي العنيف في تلك المحافظات"، مبينًا أن "التوزيع وصل حالياً إلى الأسر المكونة من 7 أفراد".

وأشار المسؤول إلى وجود "توافق على آلية توزيع جديدة أسهل، بالتعاون مع البلديات ولجان الأحياء والوجهاء والمخاتير في بعض المناطق"، معربا عن أمله في أن تنجح الآلية الجديدة في إيصال الدقيق إلى كافة الأسر.

وفي خان يونس ودير البلح جنوب ووسط قطاع غزة، توافقت الأونروا والجهات الرسمية على توزيع الطحين، من خلال تقسيم المناطق لمربعات ومناطق يشرف على كل مربع أو منطقة مختار أو وجيه، يسلم كشف بأسماء المواطنين في منطقته، ويستلم الدقيق عن هذه الفئة ثم يسلمه للمواطنين.

يقول الشاب سائد دحلان (37 عاما) للأناضول: "منذ بداية الحرب ونحن نعاني من نقص في المواد الغذائية وخاصة الأساسية، بسبب إغلاق المعابر وعدم دخول البضائع".

وأشار دحلان الذي يقطن محافظة خان يونس جنوب، إلى شح الدقيق في الأسواق، والاحتياج كبير جدًا، فالمخابز لا تستطيع العمل حالياً وأغلقت أبوابها أمام السكان".

وأضاف أن "الحصول على كيس دقيق ليس بالأمر السهل، وفي حال توفر الدقيق فإن أسعاره خيالية، فقد وصل سعير الكيس من وزن 25 كيلو غرام إلى 500 شيقل (131.5 دولارا تقريبا)، بعد أن كان 60 شيقل (15.7 دولارا تقريبا) قبل الحرب.

وأكد أن "المعاناة تزداد يوما بعد يوم، حتى توفر الدقيق يصعب توفير الغاز لخبزه، فالأوضاع معقدة جدًا".

وكانت بلدية غزة قد حذرت من وجود نقص حاد في السلع الأساسية والمواد التموينية في غزة والشمال، بسبب عدم دخول المساعدات الإغاثية بشكل كاف، وتدمير الجيش الإسرائيلي معظم أسواق المدينة.

وتحاصر إسرائيل غزة منذ يونيو/ حزيران 2007، وتفرض قيودا على حركة المواطنين والبضائع من وإلى القطاع.

وبعد أيام من اندلاع الحرب على غزة، قرر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فرض "حصار شامل" على غزة، قائلا: "لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود (سيصل للقطاع)"، وفق ما نقلته القناة "13" الإسرائيلية.

وانتهت مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، هدنة مؤقتة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أنجزت بوساطة قطرية مصرية، واستمرت 7 أيام، جرى خلالها تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية محدودة وكميات وقود شحيحة، للقطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول الجاري 18 ألفا و800 شهيد، و51 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر فلسطينية وأممية.

المصدر / الأناضول