بأكثر من 35 طائرة مسيّرة انتحارية من طراز "الزواري" بدأت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى" كنوع من التمهيد الناري لعبور قوات النخبة القسامية للهجوم على مواقع الاحتلال والمستوطنات المحاذية لغزة فجر السبت، تميزت بدقتها العالية في إصابة الأهداف، ويرجع اسمها نسبة للشهيد المهندس التونسي محمد الزواري.
وتعد المسيرات من أهم الأسلحة على المستويين الاستراتيجي والعسكري نظرا لتكلفتها الرخيصة مقارنة بالأسلحة التقليدية، وهو بمثابة تحول جذري في موازين الصراع الفلسطيني مع الاحتلال وفق خبراء عسكريين تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين".
وتتميز المسيّرات بإمكانية الرصد وتحديد الأهداف وكشف انتشار جيش الاحتلال ومعرفة المدى المطلوب لتوجيه الصواريخ، وغيرها من العناصر القتالية، ومنذ عام 2003 تحاول كتائب القسام الذراع العسكري لحماس تدشين برنامج محلي الصنع لصناعة الطائرات دون طيار.
إلى جانب سلاح المسيرات أعلنت الكتائب عن استخدم أنظمة الدفاع الجوي "مُتبّر" وهي عبارة عن منظومة دفاع جوي تستهدف الطائرات وتتكون من قاذف يحمل على الكتف ويطلق قذيفة أرض جو باتجاه الطائرات، إضافة لنموذج آخر مكون من منصة إطلاق مثبتة على الأرض نشرت الكتائب مشاهد من إطلاقها، واسمها مستوحى من الآية القرآنية "وليُتَبِّروا ما علوا تتبيرا"، ويعني اسم ""مُتبّر" باللغة: مدمر ومهلك.
مرتكز أساسي
وتصنف منظومة الدفاع الجوي لدى القسام وفق الخبير العسكري اللواء المتقاعد د. رفيق أبو هاني كأحد أفرع الأسلحة الرئيسة لديها والتي تشكل مرتكزا هاما في المعركة التعاونية المشتركة مع باقي الأسلحة مثل مضادات الدروع والمدفعية بشقيها وباقي فروع الأسلحة.
وقال أبو هاني لصحيفة "فلسطين": إن "فكرة الدفاع الجوي بدأت منذ عام 20035 وكانت عبارة عن وحدات تقوم بعمل سواتر من الطيران من خلال حرق إطارات السيارات والشوادر في شوارع مدن القطاع وأزقة المخيمات أثناء الاجتياحات ثم تطور عام 2007 ليضم سلاح "الدوشكا" ورشاشات عيار 14.5ملم التي حصلت عليها المقاومة بطريقتها من داخل وخارج القطاع.
وأضاف "تطورت هذه المنظومة بعد ذلك من خلال دخول سلاح الطيران المسير وكان هذا في بداية عام 2010 تقريبا وكان رائد هذا التطور هو الشهيد التونسي القسامي المهندس محمد الزواري، وتم استخدام هذا السلاح لأول مرة في معركة العصف المأكول عام 2014".
واستخدم القسام حينها طائرات حملت اسم "أبابيل" منها ما تم استخدامه للتصوير وتحمل اسم A1 بحيث تنهي مهمتها وتعود لمصدرها، والنوع الآخر هو A2 وهي عبارة عن طائرات انتحارية تحمل رأسا متفجرا بحيث تنطلق وتنفذ مهمتها وتنتهي. وفق أبو هاني
استمر التطوير، كما تابع، حتى وصل إلى ما "نشاهده اليوم من طائرات جديدة دخلت الخدمة مثل الزواري، ودخل أيضا على خط الانتاج الجوي وسلاح المظلات المتمثل بطائرة صقر الشراعية وهذه لها مهام تكتيكية هامة جدا".
وعد تصنيع هذه التقنيات في غزة معجزة عسكرية سيتم تدريسها في كليات عسكرية عالمية لأنه مثل هذه البقعة من الأرض المحاصرة المنهكة وهي صغيرة جدا استطاعت أن تتحدى كل المعوقات وبإمكانات محدودة جدا ووصلت إلى مثل هذا التطور الكبير وهذا كله نابع من عقيدة دينية راسخة تؤمن بأن الله عز وجل ناصرها ومؤيدها ثم من إرادة قتال لا تتراجع عن تحقيق أهدافها مهما كانت التضحية.
ولفت إلى أن طائرات الزواري أحدث طائرات لدى القسام حاليا وهي تمثل أحد الأسلحة التكتيكية بالمعركة وواضح أن دقة الإصابة لديها دقيقة جدا.
وبحسب أبو هاني، فإن استهداف المسيّرات لأبراج عسكرية إسرائيلية يمثل تمهيدا لدخول القوات البرية للقسام ضمن خطة عمليات متكاملة وقد كان لها دور فعال في المعركة التعاونية المشتركة بحيث مهدت السبيل للمقاومين وأنت دخولهم بشكل سريع وخاطف.
أما بالنسبة لصواريخ "متبر" فهي أيضًا من الصواريخ العاملة في منظومة الدفا ع الجوي وقد أعلن القسام أنها قامت بتصنيع صواريخ محلية وقد تم استخدامها في معركة طوفان الأقصى للتصدي لطائرات الاحتلال.
ورغم أن أبو هاني يرى أن هذه المنظومة لم تصل إلى الفاعلية الكافية كون طائرات الاحتلال متقدمة جدا وتحتاج لأسلحة نظامية أكثر تطورًا تعتمد على الرادارات وأجهزة تقنية حديثة أخرى، لكن بالمثابرة فإن المقاومة ستصل إلى ما تهدف إليه للتصدي للطائرات الإسرائيلية بشكل فعال والوقت لصالح المقاومة.
قلق إسرائيلي
وتنظر حكومة الاحتلال وجيشها، بحسب المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد بقلق كبير إزاء هذا التطور الذي وصلت إليه المقاومة بمنظومتي المسيّرات والدفاع الجوي.
وقال أبو عواد لصحيفة "فلسطين": إن "الاحتلال لديه مشكلة في كل تطور للمقاومة، فهو في كل مرة يخوض حربا ويدخل جبهة جديدة، إلا أن المقاومة وحماس تزداد قوة وتطور سلاحها".
ونقل أبو عواد لخبراء عسكريين إسرائيليين تحدثوا على القناة الإسرائيلية الـ "13" تناقلوا هذا الموضوع بأن هناك تقدما كبيرا وإصرارا على العمل وهذا أكثر شيء مقلق.
وفي وقت يؤثر السلاح من الناحية التكتيكية على مجريات المعركة، رأى أبو عواد أن (إسرائيل) تنظر بعين الخطر بوصوله لهذا المستوى من التطور، لأنها تدرك أن الأمر سيتطور أكثر، وبات الموضوع يؤرق الاحتلال، كون تجربته مع الصواريخ قاسية، التي كانت بمسافات قليلة ثم توسع مداها للمستوطنات المحاذية لغزة وأصبحت اليوم تضرب أي نقطة في فلسطين.
ويعتقد أن تطور المقاومة السريع نابع من إصرار المقاومة على التطوير بصبر وتحمل، مما يؤكد أن العقل الفلسطيني فذ ولديه القدرة على تطوير ذاته بشكل كبير.