شهدت مستوطنة سديروت المحتلة داخل غلاف غزة أعنف اشتباكات دارت رحاها بين مقاتلين من كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وجيش الاحتلال، فقد امتدت لأكثر من 18 ساعة، تخللها قتل مستوطنين وجرح وأسر آخرين، ومرّغ فيها "مقاتلو القسام" أنف "الجيش الذي لا يقهر".
ومنذ اللحظات الأولى لاندلاع شرارة معركة "طوفان الأقصى" صباح أول من أمس، اقتحم المئات من مقاتلي القسام مستوطنات غلاف غزة الواقعة على الحدود الشرقية للقطاع، ومن بينها "سديروت" التي تُعد أكبر مستوطنات الغلاف حيث تصل مساحتها 5 كيلومترات، إذ تمكنوا من فرض السيطرة الكاملة عليها.
وأوقع مقاتلو القسام خسائر بشرية فادحة في صفوف المستوطنين وجيش الاحتلال، حيث تمكنوا من قتل العشرات وإصابة آخرين، عدا عن أسر جنود واقتيادهم إلى داخل القطاع.
وتمكن مقاتلو القسام من اقتحام مركز "شرطة سديروت" العسكري الذي يشكل معقل الأمن لديهم، وقتلوا الجنود الذين بداخله، إذ تحصنوا به وأخذوا يواجهون وحدات جنود الاحتلال الذين أرسلهم القادة العسكريون.
قوّة المقاومة وصمود عناصر في مستوطنة سديروت وتحصنهم في داخل مركز الشرطة لأكثر من 6 ساعات متواصلة، أثارا حفيظة قادة الاحتلال وأدخلاهم في صدمة كبيرة، وجعلاهم عاجزين عن التعامل مع هذا الحدث الأمني الكبير الذي فرضه مقاتلو القسام.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها "كتائب القسام" عبر موقعها الالكتروني، قدرة مقاتلي القسام على إدارة الاشتباك وقتل المئات من جنود الاحتلال، عدا عن التجول بحرية في أرجاء المستوطنة، وصولاً لاقتحام مركز شرطة "سديروت".
وفي أعقاب استمرار الاشتباكات وتحصن مقاتلي القسام لمدة 6 ساعات، أمر قائد المنطقة الوسطى بهدم مركز "شرطة سديروت" في ظل استمرار تحصن آخر مقاتل من القسام بداخله.
وشرعت جرافات الاحتلال بهدم جدران المركز، وأثناء ذلك أطلق مقاومون الرصاص صوبها، وهو ما أثار حالة الرعب لدى قادة الاحتلال، فيما تمكن المقاوم المتحصن بداخله من الفرار وعودته بأمان.
ووصفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية مستوطنة سديروت بأنها "ساحة حرب"، ونقلت عن أحد المستوطنين فيها قوله: "هناك إنذارات وإطلاق نار كثيف ودمار وخراب، يبدو أنها معركة طويلة".
وأظهرت مقاطع فيديو وصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حجم الدمار الهائل في مباني المستوطنة بفعل ضربات المقاومة خلال مواجهتها مع قوات الاحتلال.
فيما قال رئيس بلدية سديروت: "أنا أتجول في المدينة وأرى الجثث في كل مكان".
في حين قال عضو الكنيست ألموچ كوهين عبر قناة 13 العبرية: "المقاتلون "الغزازوة" شرسون جداً ويعلمون جيداً ما يقومون به، لقد عثرنا في عتادهم على خرائط تفصيلية لكل متر وصلوا إليه، يحملون خريطة تفصيلية لكل مستوطنة، وتفاصيلها من الداخل، إنهم منظمون جداً وعندهم رباطة جأش وثبات انفعالي غير طبيعي. لا يستسلمون، يواصلون القتال حتى بعد نفاد ذخيرتهم".
في السياق، قال الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، إن مدفعية القسام دكت مواقع العدو وتحصيناته وعملت على اسناد القوات العاملة في الميدان بالدعم الناري بقذائف الهاون والصواريخ، وآخرها اسناد المجاهدين في "سديروت" من خلال قصف مناطق تواجد العدو في المستوطنة بـ 100 صاروخ.
من جانبه، رأى المختص في الشأن العسكري د. رفيق أبو هاني، أن وصول المقاومين إلى سديروت وهي أكبر مستوطنات الغلاف، أمر مهم كسر كل مفاهيم التفوق الاستخباراتي لجيش الاحتلال.
وقال أبو هاني لصحيفة "فلسطين"، إن اختراق المقاومين خطوط العدو والاشتباك مع قوات الاحتلال لعدة ساعات كسر الحواجز التي تغنى بها الاحتلال بأنها قادرة على حماية المستوطنين.
وبيّن أن اقتحام المقاومين لمركز شرطة سديروت الذي يضم عناصر إسرائيليين مدربين بشكل قوي وكبير، يثبت قدرة المقاومة على اختراق الحصون الإسرائيلية، معتبراً ذلك "نجاحاً نوعياً للمقاومة".
وأوضح أن قوّة المقاوم الفلسطيني وقدرته على الاشتباك أربكت حسابات الاحتلال ودفعت قادته لاتخاذ قرار هدم مبنى المركز لحسم المعركة، حسب تقديراتهم.
ووفق أبو هاني، فإن قدرة مقاتلي المقاومة على الصمود لساعات طويلة من الاشتباك مع العدو انعكس سلباً على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وخلق حالة من الإرباك الشديد لدى جنود الاحتلال وقادتهم.
وشدد على أن "المقاومة في هذه المعركة حطمت مفهوم الجيش الذي لايقهر وأدت لانهيار منظومته الأمنية".