قائمة الموقع

مهندستان تعيدان الحياة لـ"الطنطورة" المهجرة بمزج الأصالة بالعصرنة

2023-10-06T10:20:00+03:00
المهندستان ديالا اللحام وشيرين شعيبات
فلسطين أون لاين

أعادت طالبتا الهندسة المعمارية بجامعة القدس المفتوحة ديالا اللحام من بيت لحم، وشيرين شعيبات من بلدة بيت ساحور، إحياء قرية الطنطورة المهجرة قسريًا، وتقديم تصميم جديد متفائل لاستعادة الأرض، يتلاءم مع متطلبات الجيل الجديد، ويحاكي طبيعة القرية، وموقعها.

واختارت المهندستان قرية الطنطورة قضاء حيفا بالتحديد لتسليط الضوء على المجزرة التي حلت بها، إضافة إلى موقعها الإستراتيجي المطل على الساحل، ويحتوي على ست جزر طبيعية، وآثار رومانية قديمة ما يجعل منها نقطة جذب سياحية.

تخليد ذكرى

واستطاعت اللحام، وشعيبات بمشروعهما إعادة إحياء القرية المطهرة عرقيًا، الفوز بالمركز الأول في المسابقة المعمارية العالمية لإعادة إحياء القرى الفلسطينية المهجرة التي تطرحها هيئة أرض فلسطين سنويًا، حيث قيمت المشاريع في العاصمة البريطانية لندن بمشاركة عدد كبير من الجامعات العربية والفلسطينية.

 

اقرأ المزيدالكشف عن 4 مقابر جماعية في الطنطورة دُفن فيها 280 شهيدًا زمن النكبة

تقول اللحام لـ"فلسطين": "أردنا تسليط الضوء على الطنطورة لأن مجزرتها لم تحظ بأصداء عالية كباقي القرى الفلسطينية التي أبيدت إبان النكبة، وأيضًا بسبب التكتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية على عدم عرض فيلم كان ينقل شهادة جنود إسرائيليين شاركوا في جريمة إبادة سكان القرية".

وتابعت: "الطنطورة من القرى التي هُجرت قسرياً وطهرت عرقيًا فلا يمكن تحويلها بالكامل إلى متاحف، لأن إعادة الأحياء من وجهة نظرنا تعني تحقيق حق العودة إلى 530 قرية مهجرة واجهت المصير نفسه، وإهمال العنصر السكاني بعد انتهاء الاحتلال يفقد المكان قيمته الإنسانية".

وتبين اللحام أن المشروع يهدف لتخليد ذكرى المجزرة التي وقع في 23 مايو 1948 وأودت بحياة 280 شهيداً فلسطينياً من خلال عمل معماري تذكاري من شأنه أن يوجد نواة لمجتمعات مستدامة تنمو وتتطور حولها.

وتوضح أن منطقة التدخل لم تقتصر فقط على البلدة القديمة، إذ بلغت مساحة التدخل 1000 دونم، شملت التوسع دون الإضرار بالآثار، وتقليص الحقول الزراعية، والاستفادة من سكة الحديد القديمة بإحياء محطة القطار التي تربط الطنطورة بالخارج، والاستفادة من شبكة الطرق الموجودة.

خمس محطات

وبدورها تشير شعيبات لـ"فلسطين" إلى تصميم "البلفارد" (شارع عريض تكتنفه الأشجار) مرتفع لتنعكس عليه أحداث مجزرة الطنطورة وللمحافظة على الآثار الموجودة في الأسفل فتتشكل طبقتان: طبقة علوية تشمل الشارع العريض مع مباني متعددة الاستخدامات مطلة عليه، وطبقة سفلية تشمل محميات طبيعية مناطق مفتوحة للناس.

وتلفت إلى تصميم "البلفارد" بخطوط، وألوان، ومواد تحاكي طبيعة القرية ليكون متناغمًا معها، ويتخلل تصميمه أجزاء زجاجية موجودة فوق الآثار لخلق تواصل بصري بين الأعلى، والأسفل.

وتشرح شعيبات أن "البلفارد" يبدأ من الشارع القائم قبل النكبة، ويمر بالبلدة القديمة التي تحتوي على الآثار الباقية، ويمر فوق القبر الجماعي، ويكمل فوق تل الدور الذي يحتوي على الآثار الرومانية، ويكمل على الجزر.

وتشير إلى احتواء "البلفارد" على خمس محطات كل محطة تعبر عن مرحلة من مراحل المجزرة، المحطة الأولى تبين الحياة ما قبل النكبة، وجمالية الطنطورة، أما المحطة الثانية تبين الهجوم، وتجميع الناس، والمحطة الثالثة هي مرحلة القتل الجماعي، والرابعة مرحلة غياب السياق الحضري، أما المحطة الأخيرة كانت توجه النظر نحو البحر، للتعبير عن انتهاء الظلام.                                                                                             

وتفيد شعسيبات بالتعبير عن هذه المحطات من خلال معروضات مختلفة، فجزء من هذا "البلفارد" متحف مفتوح في الهواء الطلق، وآخر مكان ترفيهي متعدد الوظائف يتجمع فيه الناس للتسوق، والمشي، والقيام بالأنشطة، والهوايات، ومشاهدة العروض المختلفة.

وتضيف أن "البلفارد" يروي أحداث المجزرة ويوفر مساحات للأنشطة وعروض السيرك، "فتعرض أهل الطنطورة للمجزرة لا يعني توقف الحياة، لأن التوقف عن الحياة هو النصر للأعداء".   

وتنبه شعيبات إلى تصميم جميع القطاعات الصحية، والخدماتية، والتعليمية بطريقة تخدم متطلبات الحياة الجديدة، ففي القطاع التعليمي تم تغيير فكرة المدرسة، فلم تعد مقتصرة على مبنى كامل بل أصبحت الغرف الصفية متوزعة على مباني متعددة الاستخدامات، بحيث تكون كل فئة عمرية قريبة من الأنشطة المخصصة لها.

معيقات

وعملت المهندستان على تحليل واجهات مباني الطنطورة المبنية من الحجر قديمًا، وتم دمجه في التصميم المعماري مع الزجاج لتوجيه النظر إلى البحر، وكذلك استعملتا جداريات تعبر عن أنشطة القرية، وتتوزع على جسر منحدر يمتد بين "البلفارد" والمباني ويشكل تكاملاً بينها.

وواجهت المهندستان صعوبات في تنفيذ مشروعها، من حيث منع منحهما تصاريح لزيارة القرية، ومعاينة موقعها عن كثب، واستعاضا عن ذلك بخرائط جوجل، وأنظمة تحديد المواقع الجغرافية عبر الأقمار الاصطناعية، والمواقع الشبيهة حتى تتنقلا افتراضيًا في أرجاء القرية، وفق قول اللحام.

وتؤكدان أن الفوز بالمسابقة العالمية يمثل فخراً لهما، لأنهما استطعنا رفع اسم وعلم فلسطين عاليًا، وتسليط الضوء على حق العودة لفلسطين المحتلة، والذي يلامس كلف فلسطيني في فلسطين، والشتات.

اخبار ذات صلة