داخل سجن "عسقلان" الإسرائيلي يخوض الأسير كايد الفسفوس (34 عامًا) معركة شرسة ضد "الاعتقال الإداري" التعسفي، إذ يتعالى على آلام معدته الخاوية بفعل إضرابه المستمر عن الطعام منذ 55 يومًا، وسط إهمال طبي ممنهج يهدد حياته.
ويمضي الفسفوس مدة حكم إداري "دون توجيه تهمة محددة" بعدما اعتقلته قوات الاحتلال من بيته وزجته في سجونها في الثاني من مايو/ أيار الماضي، وهي المرّة الثانية بعد أقل من عام، وفق ما تروي زوجته حلا النمورة.
مرّت حوالي ثلاثة أشهر على "الفسفوس" وهو يقارع قرار الاعتقال الإداري العنصري، الذي يقابله تعنت وإصرار من إدارة سجون الاحتلال برفض الإفراج عنه، الأمر الذي زاد من حالة القهر بفعل الظلم الواقع عليه.
في الثاني من أغسطس/ آب الماضي، قرر "الفسفوس" خوض إضراب مفتوح عن الطعام؛ رفضاً لاستمرار اعتقاله الإداري، لعلّ صرخاته تُعيد له حقه المسلوب من سجّان داس كل قرارات الإنسانية.
تقول "حلا" لصحيفة "فلسطين" بنبرة يكسوها القهر والألم على ما آلت إليه الأوضاع الصحية لزوجها: "كايد فقد الكثير من وزنه، ويشتكي من آلام حادة في أنحاء جسده، ولا سيما في منطقة الظهر والمفاصل، إضافة إلى صداع شديد".
وعلى الرغم من تردي حالة الأسير "الفسفوس" الصحية بفعل الإضراب، فإن الاحتلال يرفض نقله إلى المستشفى لمتابعة حالته الصحية، ويبقيه داخل زنزانة انفرادية في سجن "عسقلان"، إضافة إلى منع عائلته من الزيارة، أو لقائه بالمحامي الخاص، وفق قول "حلا".
ولم يكتفِ الاحتلال بذلك، بل يمارس بحقه التنكيل، فقد نقله الخميس الماضي من سجن "النقب" الصحراوي إلى سجن "عسقلان"، ضمن سياسة العقاب الممنهجة بحقه، من أجل ثنيه عن مواصلة الإضراب عن الطعام.
وتروي "حلا" أن قرار نقل زوجها جاء بعد رفض محكمة الاحتلال عقد جلسة استئناف للإفراج عنه يوم الأربعاء الماضي، بذريعة عدم حضوره، وهو ما عزته زوجته إلى عدم قدرته على الحركة بسبب الإضراب.
وتسود حالة من القلق بين أفراد عائلة "الفسفوس" على حياة ابنها الذي يهدده الموت في أي لحظة، فتضيف "حلا": "نحن خائفون جدًا على كايد، خاصة أننا ممنوعون من زيارته منذ اليوم الأول لاعتقاله".
وما يزيد الخوف أكثر أن هذا الإضراب ليس الأول الذي يخوضه "الفسفوس"، فقد خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام في يوليو/ تموز 2021 واستمر 130 يوماً، إلى أن سجّل انتصاراً أنهى به الاعتقال الإداري.
اقرأ أيضاً: 54 يومًا على إضراب المعتقل الإداري كايد الفسفوس
ولم يمضِ سوى أقل من عام ونصف العام حتى أعاد الاحتلال الكرّة ذاتها، وهنا تقول "حلا": "أصبحنا نعيش حالة من عدم الاستقرار بفعل الاعتقال المتكرر لكايد، إضافة للخوف على حالته الصحية الآخذة في التردي يوماً بعد آخر".
وأضافت أن زوجها تعهد بأن يخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام عند كل اعتقال يتعرض له، لافتةً إلى أنه أمضى حوالي 7 سنوات في سجون الاحتلال على فترات متفرقة.
استغاثة "جوان"
وقبل أيام ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو لابنة الأسير "الفسفوس"، الطفلة "جوان"، التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، وهي تصرخ وتنادي بكلمات ممزوجة بالقهر: "أنا ترجيت كل العالم بس ما حدا رد عليّا، بابا صحته كل يوم بتتدهور وأنا خايفة عليه كثير، وإذا صار في بابا اشي ما رح أسامح حدا".
وتُكمل "جوان" صرخاتها والدموع تنهال على وجنتيها: "بطلت أعرف شو بدي أحكي، مشان الله ساعدوا بابا، نفسي أرتاح أنا وإياه".
وهنا تقول "حلا" إن ابنتها "جوان" تعيش ظروفاً نفسية صعبة من شدة قلقها على والدها، فقد باتت تذكره في كل لحظة وفي كل مكان.
ولم تجد "جوان" أحداً يلبي تلك الصرخات، إذ لا تجد أمامها سوى "احتضان صورته المُعلقة في المنزل تارة، والوسادة الخاصة به تارة أخرى".
وتستصرخ "حلا" كل الجهات المعنية والضمائر الحية للتدخل من أجل إنقاذ حياة زوجها الأسير في ظل تردي حالته الصحية يوماً بعد آخر.