حدثت زيادة ملحوظة في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين في قرى وبلدات ومدن الضفة الغربية المحتلة، وفي الوقت نفسه، تصاعدت وتيرة الاقتحامات التي ينفذها جيش الاحتلال، خاصة في مناطق جنين ونابلس، وهو ما أدى إلى تحول في موقف المجتمع الفلسطيني تجاه مفهوم "المقاومة السلمية" الذي تتبناه السلطة في رام الله.
وتشير نتائج أخيرة توصلت إليها سلسلة من استطلاعات الرأي التي أجراها المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، وآخرها أجري في يونيو/ حزيران، إلى تضاؤل مستوى الدعم الشعبي لنهج المقاومة السلمية.
ويتزامن هذا التحول في المشاعر العامة مع تزايد دعمهم للمقاومة المسلحة ضد جنود ومستوطني الاحتلال بالضفة الغربية المحتلة، فضلًا عن عمليات المقاومة داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
ويرى مراقبون أن نتائج هذا الاستطلاع تظهر أن توجهات قيادة السلطة وإستراتيجيتها بعيدة عن الشعب الفلسطيني، وتشير إلى وجود فجوة كبيرة بين الجمهور والمستوى السياسي برام الله.
مقاومة مؤلمة
وأكد الناشط في المقاومة الشعبية بالضفة الغربية خالد منصور، أن "المقاومة السلمية" ليست بديلة عن المقاومة المسلحة في مواجهة إرهاب المستوطنين وجرائم الاحتلال.
وقال منصور لصحيفة "فلسطين": الشارع الفلسطيني يريد مقاومة الاحتلال بكل الأشكال الموجودة، لذلك هناك مقاومة للاستيطان والاحتلال بكل الأدوات.
وأوضح أن الأسباب وراء تزايد تأييد الشارع للمقاومة هو عدم وجود أفق سياسي، أو وجود من يتصدى لجرائم المستوطنين في القرى والبلدات في الضفة الغربية، لذلك يريد المواطنون مقاومة تؤلم الاحتلال.
وأشار إلى أن زيادة وحشية المستوطنين وجرائمهم وإرهاب جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين يخلق ردود فعل للمواجهة معه، وهو ما ظهر من خلال تأييد الشارع للمقاومة.
اقرأ أيضاً: والد المطارد "اشتيه": المقاومون يجب إسنادهم لا أن يُعذّبوا في زنازين السلطة
ورأى الكاتب والمحلل السياسي خلدون البرغوثي، أن إجراءات الاحتلال بكل حكوماته المتعاقبة تقود إلى تفضيل الفلسطينيين المقاومة المسلحة على "المقاومة السلمية".
وقال البرغوثي لـ"فلسطين": حكومة بنيامين نتنياهو الفاشية تسمح للتصعيد من خلال إجراءات على الأرض، بالشراكة مع الائتلاف الحكومي، وتدفع باتجاه تعزيز الاستيطان بالضفة الغربية.
وأوضح أنه لا يوجد أي اختلاف بين حكومة المستوطنين الفاشية الحالية عن الحكومات السابقة، أو تغييرات في السياسات الإسرائيلية، لكن الحكومة الحالية أكثر تطرفاً وسرعة في تنفيذ المشاريع الاستيطانية.
نبض الشارع
وأشار مدير معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية رامي الشقرة، إلى أن نتائج استطلاع الرأي التي تظهر تأييد الشارع الفلسطيني بالضفة الغربية للمقاومة المسلحة، وتراجع تأييد المقاومة السلمية، يعبر عن الضمير الحي للضفة الغربية.
وقال الشقرة لـ"فلسطين": عدم وجود أي حلول سياسية، وغياب برنامج واضح للسلطة، وعدم امتلاك رئيسها محمود عباس أدوات قوية حول استمرار المقاومة السلمية، جعل الشارع يتجه إلى تأييد العمل المسلح ضد الاحتلال.
وأضاف أن تأييد المقاومة المسلحة بالضفة الغربية يعد طبيعيًا خاصة في ظل تصاعد جرائم الاحتلال ضد المواطنين، وزيادة وحشية المستوطنين في القرى والبلدات، وعدم وجود تحرك من أمن السلطة.
وأشار إلى أن الشارع الفلسطيني لديه وعي حول المعادلة، ولديه أيضًا نفور من السلطة بسبب عدم قيامها بأي دور لحماية المواطنين من جرائم الاحتلال والمستوطنين.