تشكل الأزمة المالية التي تعانيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تهديدًا جديًا لاستمرارية خدماتها المقدمة للاجئين، وعلى رأسها "التعليم والصحة والسلة الغذائية"، في ظل تردي أوضاعهم المعيشية.
وتطلق "أونروا" سنويًا ناقوس الخطر، محذرة من وضعها المالي غير المستقر. ومع ذلك يرى الخبراء أن هذه الأزمة ليست مجرد حدث روتيني، بل هي استجابة لضغوط تمارسها الولايات المتحدة و(إسرائيل) لإنهاء عملياتها، إذ تظل الشاهد الرئيس على محنة الشعب الفلسطيني.
وحذرت "أونروا"، أمس، في بيان صحفي لها من أنها لن تكون قادرة على الحفاظ على خدماتها الأساسية الحيوية للاجئي فلسطين إلا لشهري أيلول/ سبتمبر، وتشرين الأول/ أكتوبر، مؤكدة أنها "ستواصل بذل جهودها من أجل حشد التمويل اللازم لاستدامة خدماتها حتى نهاية العام".
تلاعب بحقوق اللاجئين
قال الباحث في شؤون اللاجئين زياد الصرفندي: إن الأزمة المالية التي تعانيها "أونروا" ترتبط بجوانب سياسية، وتأتي استجابة للضغوطات الأمريكية والإسرائيلية بهدف الضغط على اللاجئين وتصفية قضيتهم والتلاعب بحقوقهم المشروعة في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها بفعل العصابات الصهيونية عام 1948م.
وأضاف الصرفندي لصحيفة "فلسطين" أن الأزمة المالية لوكالة الغوث مستمرة منذ أعوام، وتفرض نفسها على اللاجئين بسبب سياسة التقطير التي يتبعها المجتمع الدولي لتقديم الخدمات الأساسية للاجئين.
وأشار إلى أن تلك التصريحات تدق ناقوس الخطر بشأن الوضع الحالي لـ"أونروا" وتسلط الضوء على أهمية تقديم الدعم ووقوف الدول المانحة إلى جانبها لضمان استمراريتها في تلبية احتياجات اللاجئين وتقديم الخدمات الأساسية لهم، وتوفير الظروف الضرورية ليعيشوا بكرامة وأمان، والإسهام في تحقيق آمالهم في العودة إلى ديارهم.
وتوقع أن تتعرض الخدمات الأساسية للاجئين للتقليص، وعلى رأسها خدمات التعليم والصحة، إضافة إلى سلة الغذاء التي تمثل دعمًا أساسيًا اللاجئين، مؤكدًا أن هذا التقليص المتوقع في الخدمات سيزيد معاناتهم، وخصوصًا في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ودعا الصرفندي الدول المانحة إلى الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه موازنات "أونروا"، وتأكيد عدم ربطها بالأزمات العالمية والإقليمية التي تؤثر في تقديم خدماتها للاجئين لحين عودتهم إلى ديارهم وفق ما نصت عليه القرارات الدولية.
تقليص تدريجي
في حين رأى الباحث في شؤون اللاجئين سعيد سلامة، أن الوكالة خلال الأربعين سنة الماضية اتبعت سياسة تقليص تدريجي في خدماتها، وفي جميع برامجها.
وبين سلامة لصحيفة "فلسطين" أن "أونروا" تقلص في كل عام جزءًا من خدماتها، وعلى مستوى جميع برامجها، وخاصة في مجالي التعليم أو الصحة، إضافة إلى السلة الغذائية، بذريعة الأزمة المالية، وفي ظل تردي أوضاع اللاجئين المعيشية، وتصاعد معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات متقدمة تتراوح بين 80 و90 بالمئة، بحسب تصريحات صدرت عن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني.
وحمل سلامة المجتمع الدولي مسؤولية العجز المالي الذي تعانيه الوكالة الأممية، مؤكدًا أنه سياسي بامتياز، ويأتي استجابة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية الرامية لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وإنهائها.
وبين أن وكالة الغوث متهمة من سلطات الاحتلال بأنها تطيل أمد اللاجئين الفلسطينيين، ولكونها الشاهد على قضية اللجوء، فتعمل على محاربتها، وإنهاء وجودها، منبهًا إلى قرارات الشرعية الدولية، وخاصة قراري (194)، و(302) الخاصين بإنشاء وكالة الغوث لإغاثة وتشغيل اللاجئين لحين حل مشكلتهم بتنفيذ حق العودة.
وأشار إلى أن العديد من الدول المانحة لا تلتزم توفيرَ الدعم المالي والكافي لوكالة الغوث، وتحاول جعلها تعاني عجزًا سنويًا في موازنتها، وصولًا إلى إنهاء عملها، داعيًا الفلسطينيين والدول العربية المضيفة للاجئين، والدول المانحة، لممارسة دورهم من أجل مواصلة خدماتهم لحين إنهاء معاناتهم وضمان استمراريتها وفقًا لقرار إنشائها.
وأُسست "أونروا" عام 1949م، وفوضتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بمهمة تقديم المساعدة الإنسانية والحماية للاجئي فلسطين المسجلين في مناطق عمليات الوكالة حتى التوصل إلى حل عادل ودائم لقضيتهم.