اللقاء بين المرأة الإسرائيلية أم القاتل، والمرأة الفلسطينية أم القتيل لا يحمل إلا معاني التفريط بالكرامة والخضوع لمشيئة الآخر واشتراطاته، والتغطية على جرائمه، فاللقاء بين المرأة الإسرائيلية زوجة مغتصب الأرض والمرأة الفلسطينية زوجة المطرود من أرضه لا تحمل إلا معاني الخنوع، والموافقة على مزيد من اغتصاب الأرض، وهتك العرض!
ذلك الوصف ينطبق على مسيرة نداء "السلام" التي ستنطلق اليوم الأحد 8/10 من أريحا، بمشاركة نساء فلسطينيات تحت مسمى "لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي"، المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وبين نساء إسرائيليات، يخدمن أهداف الصهيونية تحت مسمى "نساء يصنعن السلام".
نساء إسرائيليات يصنعن السلام وفق المزاج الإسرائيلي، ووفق المصالح الإسرائيلية، فهن يردن السلام بعد أن حقق أزواجهن الضباط والجنود الإسرائيليون أطماعهن، وصارت لهن دولة مسيطرة على الأرض الفلسطينية كلها، وتتحكم بمعابرها البرية والجوية والبحرية، نساء إسرائيليات يصنعن السلام بعد أن قتل أبناؤهن الضباط والجنود في الجيش الإسرائيلي كل فلسطين اعترض طريق بسط نفوذهن الصهيوني على الأرض، وبعد أن زج نسلهن في غياهب السجون الإسرائيلية كل فلسطيني قاوم المحتلين، أو فكر بمقاومتهم.
أما النساء الفلسطينيات فإنهن غير قادرات على التأثير في المشهد، وفشلت جهود أزواجهن في صنع السلام منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو، وهن غير قادرات على صنع السلام وفق الإرادة الفلسطينية، ومصالح الشعب، وذلك لأنهن يفتقدن القوة الميدانية، ولا سيطرة لهن على الأرض الفلسطينية، ولا طاقة لهن في منع عدوان على الإنسان أو اغتصاب للأرض، فهن يتحركن ويسافرن وينتقلن وفق مشيئة الجندي الإسرائيلي الذي يحتل الأرض، ويسيطر على المستقبل.
مشاركة نساء فلسطينيات في مسيرة مع نساء إسرائيليات هو مشهد سياسي مخادع، يتحدث كذبًا عن نسوة يتمتعن بالقدر ذاته من الحرية، والمساواة في الحقوق والتطلعات، وأن جميع النسوة لا يعانين مشاكل سياسية فيما بينهن، وأن جميعهن متكافئ ومتساوٍ في الحقوق وفي حرية الحركة والتملك والعمل والعيش والإقامة على كل أرض فلسطين، فهل هذا المنطق صحيح؟
مشاركة النساء الفلسطينيات المسيرة مع الإسرائيليات لا يخدم السلام كما يظن البعض، لأن النساء الإسرائيليات لا يقفن ضد الاحتلال، ولا يعترضن على الاستيطان، ولا يطالبن بحرية الأسرى، ولا يشاركن في المسيرة إلا بهدف خداع الرأي العام العالمي، والإيحاء بحسن الجوار، وحسن النوايا، ويأتي هذا النشاط الزائف لمحاصرة النشاط الجدي الذي يمارسه أعداء الاستيطان، والمطالبين بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية.
المؤلم جدًا في هذا المسيرة المشبوهة وطنيًا، والضارة سياسيًا، أنها تسير تحت يافطة منظمة التحرير، البيت المعنوي لكل الفلسطينيين، منظمة التحرير التي تأسست من أجل تحرر كل تراب فلسطين، ولم يؤسسها المبادرون الأوائل من أجل تجميل وجه الاحتلال، وتمرير التطبيع مع الإسرائيليين، والتغطية على جرائمهم من خلال مسيرات وهمية.