قائمة الموقع

"صبانة طوقان".. ما يفوق النصف قرن من إرث الصابون النابلسي

2023-09-22T09:13:00+03:00
فلسطين أون لاين

واحدة من أعرق مصانع الصابون التقليدي في مدينة نابلس، تقع في منتصف حارة القريون التاريخية، وتمثل بمبناها الضخم جزءًا مهمًا من تاريخ صناعة الصابون النابلسي، تلك هي "صبانة طوقان" من أهم الآثار الصناعية القديمة بالمدينة.

خبير الآثار عبد الرحيم حُمران يبين أن عمر مبنى الصبانة يعود إلى نهاية العهد المملوكي وبداية العهد العثماني، أي أن تاريخ بنائه يعود إلى 800 عام، لكن عملها كـ “صبانة" يعود إلى 600 عام.

مكان أثري

وقد تأسست الصبانة على يد الأخوين حافظ وعبد الفتاح طوقان، وبعد ذلك تم توريثها للأبناء ومن تبعهم من أحفاد، فهي من المعالم التاريخية والثقافية البارزة في نابلس، واكتسبت أهميتها بتواجدها في البلدة القديمة للمدينة، ما جعلها جزءًا لا يتجزأ من الأماكن التي يقصدها الزوار.

اقرأ المزيد:في نابلس القديمة.. أطباق "التيتي" تنعش ذاكرة الزمان والمكان

ويضيف حُمران "وعندما يزور أي شخص نابلس، لا بد أنه سيمر بجوار الصبانة ويستشعر عبق التاريخ العريق لصناعة الصابون النابلسي الأصيل الذي يعود لسنوات طويلة".

ويشير حُمران إلى أن الملامح التاريخية للصبانة تشبه باقي صبانات البلدة القديمة في نابلس، من حيث البناء الضخم (تبلغ مساحته 600 متر- 1000 متر)، وتتكون من ثلاثة طوابق، فالطابق الأول يحتوي على خزانات لأجل التمكن من تخزين عشرات الأطنان من زيت الزيتون لتكفي إنتاج الصابون على مدار العام، ويتسع لمراحل طبخ الصابون.

ويتابع:" أما الطابق الثاني فهو مخصص للقسم الإداري والموظفين، في حين الطابق الثالث عبارة عن قسم مفتوح يتم فيه عملية صب مزيج الصابون وتجفيفه وتقطيعه".

ويوضح أن عائلة طوقان قائمة على هذه الصبانة ولا تزال تعتمد الطرق التقليدية في صناعتها للصابون النابلسي بمكوناته الطبيعية، ولا تعد ذلك مجرد صناعة وإنما تاريخ نابلسي يسوق في أسواق المدينة ومدن الضفة ودول عربية أيضاً.

ويقول حُمران: "وما يميز الصابون النابلسي لونه الأبيض بخلاف الأنواع الأخرى، ويتم صناعته بواسطة زيت الزيتون والصودا الكاوية، وفي المرحلة الأولى كان يتم تحريكه يدويًا على النار الموقدة بواسطة الجفت "مخلفات عصر الزيتون"، في حين بات اليوم يُحرك بواسطة مروحة كهربائية أو الغاز".

وعن مراحل صناعة الصابون، يقول حُمران: "يمر بالعديد من الخطوات والترتيبات حتى يصل إلى شكله النهائي من الطبخ والبسط والتخطيط والختم والتقطيع والتجفيف والتغليف، ففي المرحلة الأولى توضع مكونات الصابون السابقة في وعاء كبير على النار وتستمر هذه العملية مدة خمسة أيام بوتيرة متقطعة حتى يتم الوصول إلى القوام المطلوب".

ومن ثم يتم صب الصابون ومده على الأرض لتقطيعه ويتم حفظه لشهرين من أجل أن يجف، وبعدها يُغلف يدويًا لوضع الصابون في الصناديق الخاصة به ويصبح جاهزًا للتصدير والتسويق.

صراع البقاء

وكانت تُباع منتجات صبانة طوقان في السوق الداخلي وتصدر إلى مصر وتركيا ودول عربية أخرى، وقبل عام 1967 م كانت تُقام معارض خاصة بصناعة الصابون لكثرة الإنتاج، مبينًا أنه بعد ذلك قد تأثرت تلك الصناعة بـ “تضييقات" الاحتلال الإسرائيلي سواء على مستوى الإنتاج أو التصدير، إلى جانب ارتفاع أسعار زيت الزيتون، وغزو الأسواق أشكال مختلفة من الصابون.

ويلفت حُمران إلى أن عجلة إنتاج الصابون قد تعطلت فيما بعد، ومنذ 10 سنوات فقط عادت إلى العمل بطاقة إنتاجية بسيطة وعلى مستوى 6 صبانات من أصل ما يقارب 40، ويشرع القائمين على صبانة طوقان بتطوير الصناعة لتتناسب مع الاحتياجات العصرية، وإضافة مواد جديدة ونكهات.

ويذكر أن صناعة الصابون في نابلس ارتبطت بعائلات نابلسية، وكانت عبارة عن منشأة اقتصادية صناعية كبيرة، واشتهرت تلك الصناعة على وجه الخصوص في هذه المدينة لتوفر المادة الرئيسية بكثرة "زيت الزيتون" إلى جانب المواد الأخرى المعالجة، ووجود المياه الوفير نتيجة وجود عدة عيون وفي إثرها انتشرت الحمامات العامة، بالإضافة إلى رأس المال.




 

اخبار ذات صلة