تركت الحاجة مريم فهد أحمد حين كانت في عامها الأول بلدتها في قضاء طبرية بفلسطين، ولم تعرف بالتالي شيئاً عن بلدها الذي اضطرت إلى الهجرة منه ولم تعد إليه حتى اليوم بسبب الاحتلال، لكنها تعلم أن أسرتها عاشت في بيت "حتى لو كان من الشعر"، وامتلك والدها أبقاراً وفرت لأسرته متطلبات العيش المستقر.
تقول الحاجة مريم، التي تعيش اليوم في مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان: "كبرت في لبنان لكنني أعلم أننا خرجنا من فلسطين إلى منطقة رأس العين، جنوب لبنان، ومنها إلى مخيم الرشيدية، ثم انتقلنا إلى مخيم الشبريحا حيث استقرينا حتى دمر منزلنا بسبب القصف خلال الحرب".
عمل والد مريم، كما تخبر، كأجير يومي في الجنوب كي يعيل أسرته التي اعتمدت في بداية اللجوء على مساعدة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وتضيف: "لم أتعلم بسبب الفقر، وعملت لمساعدة عائلتي في مزارع الطماطم في الجنوب حتى تزوجت حين كنت في سن الـ17. وسكنت أيضاً في مخيم الشبريحا، وأنجبت أربعة صبيان، مات اثنان منهم، وأربع بنات، لكنني بقيت أعمل".
منطقة الزهراني
وتوضح الحاجة مريم أنها تهجرت إلى منطقة الزهراني، جنوب لبنان، بعد قصف منزلها في مخيم الشبريحا، وبنت بيتاً من التنك سكنت فيه سبع سنين، ثم قُصفت منطقة الزهراني أيضاً خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982، "فهربنا مجدداً تاركين كل شيء خلفنا، وخلال الهروب حملت زوجة عمي على ظهري، لكن القصف باغتنا، فألقيت بنفسي مع زوجة عمي وأولادي في النهر كي نتجنب صواريخ الطائرات، لكن أختي لم تسلم، وماتت".
وتمضي بالقول: "توجهنا إلى مدينة صيدا، جنوب لبنان، للاحتماء من القصف، فلم نجد غير السكن في كراج حيث لم نكن نملك أي طعام أو ماء، أو حتى غطاء نحتمي تحته، حتى نقلتنا الأونروا إلى منطقة القشلة بصيدا حيث عشنا مدة طويلة قبل أن تبني لنا بيوتاً في مخيم عين الحلوة".
وفعلياً أمضت الحاجة مريم وأسرتها عمرها من حرب إلى حرب ومن تهجير إلى تهجير حتى استقر حالها على الوضع الذي تعيشه اليوم، "لكن لا شيء يعوضنا فلسطين".
وتخبر بأنها عملت أيضاً في التنظيف في مراكز ومؤسسات للأطفال داخل مخيم عين الحلوة، وأيضاً في مدرسة "الأميركان" بصيدا لمدة عشر سنوات، ثم فتحت دكاناً صغيراً قرب بيتها.
وتتمنى الحاجة مريم العودة إلى فلسطين التي لم ترها ولم تعش فيها، وتقول: "عشنا أيام ذل في لبنان، وأعتقد أنه لو كنت في بلدي لكانت حياتي مختلفة".