بين أصدقائه وأبناء جيله عرف الشاب علي عياد (24 عامًا)، بجرأته العالية، وشخصيته الفريدة، وتميّز بين أشقائه وأفراد أسرته بتحمّله لمسؤوليات كبيرة، أما عند والدَيه فقط حظي بمكانة خاصة جعلته ينال رضاهما الأبدي.
في بيت متواضع بحي الزيتون، جنوب مدينة غزة، تسكن عائلة عياد، يستقبل أفرادها المعزّين باستشهاد نجلهم في انفجار عرضي تسبب بارتقاء 4 شبان آخرين، عند السياج الفاصل بمخيم ملكة، شرقي مدينة غزة، يوم الأربعاء الماضي.
تقول مها عياد (54 عامًا) والدة الشهيد: إن نجلها يوم الأربعاء الماضي قرر الذهاب إلى شرق مدينة غزة، الذي يشهد سلسلة فعاليات مناصرة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
وتضيف: أن "علي" كان متعجلًا للغاية، حتى أنه تناول طعام الغداء سريعًا.
اقرأ أيضاً: بالفيديو 5 شهداء وإصابات في انفجار شرق غزة
كان حينها عائدًا مع والدته للتو من العمل في مقصف إحدى مدارس حي الزيتون، حيث يرافقها منذ سنوات للمساهمة في تلبية احتياجات أسرته.
لم تمضِ سوى دقائق حتى انطلق "علي" إلى السياج الفاصل. كانت والدته قلقة إلى حدٍ كبير عليه فهي تركن إليه العديد من الأمور العائلية المهمة، وتخشى أن يمسه أي ضرر، لكنها لم تمنعه من الذهاب إلى شرق غزة.
تذكر الأم المكلومة جيدًا الكلمات التي قالها لها قبل يومين على استشهاده: "يما أنا تعبت واشتغلت كتير، أنا بدي أنام وارتاح". ردت عليه حينها: "ومين بدو يساعدني بعدك يما"، ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه عندما تلقى هذه الكلمات.
كما أنه طلب من والدته ملابس جديدة وأخبرته أنها ستحضر له ما يريد في مناسبة قريبة للعائلة، كانت بضع أيام تفصلهما عنها، ولم تعلم أن نجلها سيُفارقها للأبد هذه المرة.
أما جمعة عياد والد الشهيد، بدا فخورًا بنجله "علي"، وقال لصحيفة "فلسطين": "ما من فعالية إلا اغْبَرَّت بها قدماه"، في إشارة إلى حضوره الدائم لفعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في 2018، تأكيدًا على حق الشعب الفلسطيني بحق العودة، والمطالبة بكسر الحصار المفروض على غزة.
وأضاف عياد البالغ (57 عامًا): أن "علي" كان ثائرًا وأسطورة في مواجهة قوات الاحتلال، وقد تربى على كتاب الله في المساجد، ولم يتأخر عن ميادين المواجهة.
وكان "علي" أيضًا أحد أبطال فعاليات "الإرباك الليلي" شرق مدينة غزة، لكن أحد من أفراد العائلة لم يكن يعلم بنشاطه الوطني، فقد تميّز بالسرية والكتمان، وفق والده.
وقال: إن "علي" لم يتأخر يومًا عن أي مناسبة عائلية وكذلك عن أصدقائه، وقد شارك في زفاف العديد منهم، كنا نتمنى أن نزفه عريسًا لكنه زُفَّ شهيدًا.
وتواجد الوالد عياد في منطقة ملكة يوم استشهاد نجله الذي كان على بعد مئات الأمتار منه فقط عند السياج الفاصل، إذ شارك في فعالية إحياء ذكرى اندحار الاحتلال الإسرائيلي من غزة، قبل 18 عامًا.
وخاطب والد الشهيد جنود الاحتلال قائلًا: إن الجهاد والدفاع عن أرضنا ووطنا حق شرعي وواجب ديني ووطني (..) بالرغم من الثمن الباهظ الذي ندفعه من أبنائنا وشبابنا إلا أن مواجهة الاحتلال والتصدي لانتهاكاته لن تتوقف.