بلغت المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة مستوى عالٍ من الحرفية والإتقان، والقدرة على تطوير الأدوات في وجه الاحتلال الإسرائيلي، خاصة على صعيد المقاومة المسلحة، ويمكن رصد ذلك من خلال ثلاثة أحداث مهمة جرت خلال الأيام الأخيرة، تُلخص فيها الحالة التي أصبح فيها واقع المقاومة على صعيد الأدوات، وعلى صعيد إدارة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المشهد الأول لهذا التطور: كان في غزة عبر إجراء فصائل المقاومة الفلسطينية من خلال غرفة العمليات المشتركة بإطلاق مناورات "الركن الشديد 4" التي شملت جميع أنواع الأسلحة والمعدات، خاصة في مجالات الصواريخ والضفادع البشرية، وارتفاع درجة التنسيق العالية بين فصائل المقاومة عبر أجنحتها العسكرية المشتركة عبر تعزيز التعاون المشترك، وتبادل الخبرات وكيفية إدارة المواجهة عبر التحكم والسيطرة، وهذا أمر مهم على صعيد العمل المقاوم الذي أثبت نجاعته خلال معركة سيف القدس، وما تبعها من مواجهات مع الاحتلال الإسرائيلي لتمثل غزة حاضنة للعمل المقاوم، والانتقال إلى إدارة راشد، وحكومة وفق أهداف تضعها غرفة العمليات المشتركة.
المشهد الثاني: جاء من جنين التي أطلقت مجددًا صواريخ على مستوطنات غلاف جنين، وعلى الرغم من تواضع الإمكانيات، والمواد الأولية المستخدمة فيها، لكنها أظهرت قدرة على الاستمرار واتساع القدرة على وصولها إلى مناطق أوسع في غلاف جنين، والأكثر أهمية هي استمرار هذه الصواريخ وإمكانية تطويرها والاستفادة من التجارب السابقة، وتشبه في ذلك ما حدث في قطاع غزة في بدايات انتفاضة الأقصى، إذ بدأت بإمكانيات متواضعة، لكنها اليوم تمتلك القدرة على إطلاق صواريخ بشكل مكثف، وطويلة المدى على مساحة فلسطين التاريخية.
اقرأ أيضًا: تطور المقاومة في الضفة الغربية
اقرأ أيضًا: رسائل المقاومة الفلسطينية من الركن الشديد 4
لذلك هذا التطور الأهم في جنين هو نتاج حالة المقاومة هناك، والسعي المتواصل إلى تطوير أدواتها، وتسجيل ضرباتها للاحتلال الذي فشل حتى الآن في القدرة على الوصول إلى هذه المجموعات، وهذا يضاف إلى التطور النوعي في عمليات المقاومة بالضفة الغربية، التي رفعت أعداد الخسائر في صفوف الاحتلال سواء كان عبر تفجيرات العبوات الناسفة خلال اقتحام المدن الفلسطينية، أو عبر المبادرة بعمليات إطلاق نار اتجاه سيارات المستوطنين وجيش الاحتلال بالضفة الغربية.
المشهد الثالث: هو ما حدث أمس في تل أبيب والقدس ويافا، والكشف عن محاولات تفجير سيارة وعبوات ناسفة في مناطق عدة داخل الكيان، ما يؤكد حالة التطور النوعي للعمل المقاوم باستهداف الاحتلال الإسرائيلي داخل تجمعات المستوطنين التي يسعى الاحتلال باستمرار إلى تحييديها عن المواجهة، وأن ينفذ عمليات الاغتيال، والقتل في المدن الفلسطينية.
لذلك هذا تطور سواء كان على صعيد القدرة على إيصال المواد المتفجرة وتجهيزها وإيصالها إلى مراكز سكانية مهمة في داخل الكيان، أو عبر زرع الرعب داخل المؤسسة الأمنية العسكرية، والتي يبدو أنها تفقد الثقة بنفسها أمام جمهورها الداخلي ،
هذه المشاهد الثلاثة تلخص الحالة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتصاعد اعتداءات الاحتلال خلال فترة الأعياد اليهودية، خاصة ضد المسجد الأقصى.
المقاومة توصل رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي بأن المواجهة الحتمية قادمة في حال واصل اعتداءاته على المدن الفلسطينية في الضفة الغربية أو على المسجد الأقصى أو ضد الأسرى، وأن الحالة الثورية اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية هي حالة مترابطة، تسعى إلى تحقيق هدف إيقاع خسائر في صفوف الاحتلال على الصعيد البشري والمادي وردعه للتوقف عن اعتداءاته.