أثارت سياسة التجاهل وازدواجية المعايير التي تنتهجها إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، غضب اللاجئين الفلسطينيين في مخيم البرج الشمالي بمدينة صور جنوبي لبنان، ودفعتهم للخروج في مظاهرات احتجاجية أمام مقراتها.
وأغلق شبان فلسطينيون أول من أمس، عيادة "أونروا" مطالبين بترميم المنازل المتهالكة، في حين عاد بعض الشبان لإغلاق مراكز الوكالة، ومنع سياراتها من العمل احتجاجاً على عدم اختيارهم في مشروع "العمل مقابل المال"، علماً أنّ الوكالة كانت قد أعلنت أسماء المقبولين فيه في شهر تموز/ يوليو الفائت، عبر آلية الاختيار المباشر والعشوائي بحضور ممثلين عن المجتمع المحلّي.
وأفادت وسائل إعلامية بأن أكوام النفايات تراكمت في مختلف أرجاء المخيم؛ بسبب منع الشبان السيارات التابعة لقسم الصحة والبيئة من دخول المخيم، احتجاجاً على عدم تلبية مطالبهم.
اقرأ أيضاً: تقرير فصائل تدعو لمحاسبة كل من تورَّط بـ"مجزرة فتح" في "البرج الشمالي"
وفي ردها على التحركات والاحتجاجات، قررت وكالة "أونروا" أول من أمس، إغلاق جميع مراكزها في مخيم برج الشمالي وتعليق جميع عملياتها، في إجراء انتقده ناشطو المجتمع المحلي، واعتبروه "سياسة عقاب جماعي تمارسها الوكالة تجاه المخيم".
قال المسؤول السياسي لحركة حماس في المخيم محمود طه: إن تقصير الأونروا في تقديم الخدمات للاجئين على مختلف الأصعدة في المخيم يفاقم الأزمة يوماً بعد آخر، مشيراً إلى أنها تتذرع بعد توفر التمويل اللازم لديها.
وأوضح طه خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أمس، أن إدارة الوكالة تتجاهل المطالبات والتحركات المطالبة بضرورة زيادة الخدمات المقدمة للاجئين، لافتاً إلى أن المخيم يشهد بين الفينة والأخرى بعض المظاهرات الاحتجاجية أمام مقرات "أونرو"ا.
وبحسب قوله، يبلغ عدد سكان المخيم 18 ألف نسمة على مساحة لا تتجاوز كيلومترًا مربعًا، حيث يعمل معظم سكانه كعمال مياومين، وعمال زراعة لا تتجاوز أجورهم اليومية 5 دولارات يوميًّا، إذ يُصنف من أفقر مخيمات اللاجئين وتتجاوز نسبة الفقر الـ 90% بين سكانه.
وبيّن أن إدارة الوكالة خفّضت أجور العاملين في برنامج "المال مقابل العمل" إلى 20 دولاراً بدلاً من 40 دولاراً يوميًّا، عدا عن أنها تتعامل بازدواجية وانتقائية عند اختيار العاملين في المشروع.
وأوضح أن هذه السياسية أثارت غضب اللاجئين في المخيم، ما أدى إلى تكدس القمامة في الشوارع وبين المنازل، عدا عن خلق أزمة وتعطيل التنقل، في حين لجأ آخرون إلى إغلاق العيادة الوحيدة هناك.
وطالب طه، "أونروا" بالعمل على حل المشكلة وتوقف ما أسمها بـ "المهزلة" في تشغيل اللاجئين ضمن البرنامج الممول من ألمانيا، محملاً إياها المسؤولية عن الأحداث الجارية في المخيم.
وأكد رفضه لإجراء "أونروا" بوقف خدماتها في المخيم، إذ تم التواصل مع إدارتها من أجل التراجع عن القرار، كونه يندرج ضمن سياسة "العقاب الجماعي"، مبيناً أنها ستُعيد فتح مرافقها غداً الأثنين وفق ما جرى التوافق عليه.
بدوره، قال مدير منظمة "ثابت" لحق العودة سامي حمود: إن مطالب اللاجئين الفلسطينيين في المخيم "مُحقة"، كونها تتعلق بحق العمل والتوظيف وتقديم الخدمات.
وبيّن حمود لـ"فلسطين"، أن مخيم البرج الشمالي يشهد اعتصامات واحتجاجات بين الفينة والأخرى رفضًا لسياسة ازدواجية المعايير التي تنتهجها إدارة الوكالة بحق اللاجئين، ما يدفع الأخيرة إلى توقيف خدماتها "مؤقتاً".
وأضاف أن الانتقائية في اختيار أسماء العاملين في البرنامج ينعكس سلبيًّا على كثير من اللاجئين الذين لا يستفيدون منه، في حين يستفيد آخرون عدة مرات.
وأوضح أن احتجاجات اللاجئين تنعكس سلبيًّا على تنقل سيارات النفايات، ما يؤدي إلى تراكم القمامة في المخيم، مؤكداً أن أوضاع اللاجئين آخذة بالتدهور أكثر فأكثر.
وبحسب حمود، فإن أوضاع اللاجئين الاقتصادية والمعيشية تزداد سوءاً نتيجة الغلاء اليومي وتحول الأسعار إلى الدولار وليس الليرة اللبنانية، عدا عن عدم توفر فرص عمل.