فلسطين أون لاين

آليات متهالكة تستخدمها بلدية غزة والجهات المختصة

تقرير "مكب جحر الديك".. حرائق مشتعلة يجعل الحصار إخمادها مهمة صعبة

...
عامل يحاول إخماد حريق مكب جحر الديك
غزة/ أدهم الشريف:

تتقاسم فرق وأطقم الطوارئ التابعة لبلدية غزة ووزارة الأشغال العامة والإسكان، والدفاع المدني، مهمة إخماد حريق مكب نفايات جحر الديك، جنوب شرق المدينة، منذ اندلاعه مطلع هذا الأسبوع في حادثة متكررة تهدد البيئة بمخاطر جمَّة.

وتبذل الفرق العاملة جهودًا كبيرة لإخماد الحريق الذي امتد وغطى أجزاءً واسعة من مكب النفايات.

من بين العاملين محمد بدوان؛ وهو يقود مركبة خاصة بالإطفاء ضمن فرق الطوارئ التابعة للبلدية، يقول لصحيفة "فلسطين": إنه يتعرض لمخاطر كبيرة في أثناء مشاركته في رش المياه على النيران المشتعلة.

وفي أحيان كثيرة تحاصر ألسنة النيران المركبة التي يقودها بدوان ويحول الدخان الكثيف المتصاعد دون إدراكها، وعندها يلجأ هذا الرجل الذي يعمل في البلدية للعام الـ12 على التوالي، إلى توجيه خراطيم المياه إلى محيط المركبة كي لا تشتعل.

وأضاف: نعمل على مدار الساعة لإخماد الحريق، ونواجه مخاطر كبيرة. ويحرص على ارتداء قفازات وكمامات وملابس خاصة بالمشاركين معه في مهمة إخماد الحريق.

اقرأ أيضًا: الدفاع المدني يسيطر على حريق "مكب النفايات" شرق غزة

وتعمل فرق بلدية غزة بالشراكة مع أطقم الدفاع المدني ومجلس الخدمات المشترك للنفايات الصلبة ووزارة الأشغال العامة، وتتشارك آلياتهم أيضًا في إخماد الحريق.

وإحدى الطرق المعتمدة لإخماد الحريق وضع كميات كبيرة من الرمال فوق أعمدة الدخان المتصاعد من أكوام القمامة بعد إطفاء الحرائق التي اشتعلت فيها.

ويتولى زكي عزام هذه المهمة عبر جرافة تابعة للبلدية، يقودها وينقل بواسطتها الرمال من الكثبان الرملية القريبة من المكب ليطمر بها الأدخنة.

وأوضح عزام أن الهدف من ذلك عزل النيران والدخان عن الأكسجين المغذي الأساسي لعمليات الاشتعال.

في غالب الأحيان يهيمن الإرهاق على عزام بعد ساعات طويلة من العمل، تتشبع رئتيه بالروائح الكريهة والغازات السامة، ما يجعله يشعر بغثيان شديد قد يؤدي في النهاية إلى نقله للمشفى لتلقي العلاج اللازم.

وأضاف عزام لـ"فلسطين": مهمتنا صعبة جدًّا، ويتطلب إخماد النيران الكثير من الحذر لتفاديها.

وبحسب المتحدث باسم بلدية غزة حسني مهنا، فإن الأطقم والفرق العاملة في الميدان استطاعت تطويق مساحات واسعة اشتعلت فيها النيران التي ساعد على انتشارها الرياح ودرجات الحرارة المرتفعة.

وبين مهنا لـ"فلسطين" أن النيران غطت قرابة 50 دونمًا في مناطق متفرقة من مكب النفايات البالغة مساحته 220 دونمًا.

وعن أسباب الحريق، بين مهنا أن الأجهزة الأمنية وطواقم بلدية غزة المختصة تجري تحقيقاتها للوقوف عند الأسباب، مرجحًا أن تكون كالمعتاد بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، سواء بإطلاق النيران أو قنابل الغاز والدخان باتجاه المزارعين و"النباشين" في المكب.

وفي مثل هذه الحالة تشتعل النيران بسرعة بسبب تصاعد غازات قابلة للاشتعال ناتجة عن تحلل النفايات، وفق مهنا.

اقرأ أيضًا: بيان صادر عن بلدية غزة بخصوص إغلاق مكب النفايات الرئيس

إمكانيات ضعيفة

ونبَّه على أن ضعف الإمكانيات والموارد لدى بلدية غزة والجهات الشريكة يؤثر بشكل كبير على عمليات إخماد النيران في المكب، ويطيل أمد المشكلة، ويزيد من التأثيرات السلبية على البيئة والصحة العامة نتيجة الأدخنة المتصاعدة من عملية احتراق النفايات.

وأشار إلى أن المواطن يلمس تداعيات اشتعال مكب النفايات في ساعات الصباح الباكر، إذ تمتلئ سماء المدينة بالأدخنة والروائح الناجمة عن الحريق، والتي تصل إلى المناطق الغربية منها أيضًا.

وكانت البلدية -بحسب مهنا- أعلنت حالة الطوارئ واستنفرت أطقمها وآلياتها للعمل داخل المكب، وأرسلت 3 جرافات و(2 قلاب) و4 سيارات مياه (جيترات)، في حين أرسلت وزارة الأشغال (2 كباش) و(5 قلابات) إلى جانب سيارتي إطفاء تابعة للدفاع المدني.

وأضاف مهنا أن الأطقم تعمل على إخماد النيران المشتعلة في المكب باستخدام المياه، ومن ثم يتم عزل ومحاصرة المناطق المشتعلة عن المناطق الأخرى لمنع انتشار النيران، والحيلولة دون اتساع رقعة الحريق بوضع سواتر ترابية وطينية.

ولجأت البلدية، كما يقول مهنا، إلى تأمين مناطق الاستقبال اليومي للنفايات حتى لا تتعثر عملية الترحيل، ولمنع تكدسها في المدن التي يخدمها المكب.

وأشار إلى أن مكب نفايات جحر الديك يخدم 8 بلديات، إضافة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهو يستقبل يوميًّا قرابة 1000 طن من النفايات.

ورجح مهنا أن السيطرة على النيران في مكب نفايات جحر الديك وإخمادها كاملة بحاجة إلى عدة أيام، داعيًا المؤسسات الدولية والأممية إلى الضغط على الاحتلال وكسر حصار غزة، وإدخال المعدات والآليات اللازمة لعمل طواقمها وتطوير العمل داخل المكب.

أما عن تكلفة إخماد الحريق الحالي توقع أن تتجاوز هذه التكلفة 142 ألف شيقل.

اقرأ أيضًا: بلدية غزة تُعلن حالة الطوارئ في مكب نفايات جحر الديك بسبب حريق هائل

بدوره، أوضح المحاضر في برنامج ماجستير علوم المياه والبيئة‏ بجامعة الأزهر د. أحمد حلس أن إنتاج النفايات الصلبة في القطاع يتجاوز 2100 طن يوميًّا، وهي تجمع من مرافق القطاع الصحية والصناعية والسكنية والزراعية.

ونبَّه حلس لـ"فلسطين" إلى أن النفايات تنقل إلى محطات الترحيل ومكبات النفايات دون وجود خطة شاملة لإعادة تدويرها بما يساهم في تقليل كمياتها.

وبين أن أكثر من 55 بالمئة من النفايات الصلبة تتكون من مادة عضوية قابلة للتحلل وإنتاج مواد سامة، وغاز الميثان القابل للاشتعال.

وبين أن قطاع غزة يحتضن 3 مكبات رئيسة؛ مكب جحر الديك، مكب شرق المحافظة الوسطى، مكب شرق رفح، وهي في الحقيقة تشكل أكبر تلوث وخطر بيئي على سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة.

ونبه على أن تراكم غاز الميثان سبب رئيس لاشتعال مكب نفايات جحر الديك، مبينًا أن تركيا وغيرها من الدول تعمل على جمع هذا الغاز وفق طرق وأساليب مخصصة وتستخدمه في إنتاج الكهرباء.

وتابع أن النفايات تعد لدى بعض البلدان ثروة ثمينة جدًّا، ففيها المواد العضوية والأخشاب والمعادن وغيرها، وبالإمكان إعادة تدويرها والاستفادة منها في عدة مجالات.