تفتح جريمة قتل أجهزة أمن السلطة المقاومَ الشابَّ عبد القادر زقدح، خلال محاولته منعها من إزالة حواجز وضعتها المقاومة الفلسطينية لعرقلة تسلل قوات الاحتلال لمخيم طولكرم، تاريخ السلطة الأسود في تصفية المقاومين.
واتهمت "كتيبة طولكرم" التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أجهزة السلطة بإطلاق النار على المدنيين والمقاومين الأربعاء الماضي، ما أدى لمقتل الشاب زقدح.
اقرأ المزيد: "أوبال": قتل أجهزة السلطة للشاب زقدح "طعنة في الظهر"
ومنذ قدوم السلطة في التسعينيات، ارتكبت العديد من جرائم القتل ضد المقاومين، وعمدت إلى تصفيتهم بدم بارد، سواء بإطلاق النار عليهم، أو قتلهم في سجونها تحت التعذيب القاسي.
من أبرز جرائم القتل في مارس 1998 تورُّط السلطة وأجهزتها الأمنية باغتيال الشهيد القسامي القائد محيي الدين الشريف، بعد تعرضه لتعذيب شديد أدى إلى بتر قدمه خلال التعذيب.
وحاولت السلطة التغطية على هذه الجريمة عبر وضع جثة الشهيد في سيارة مفخخة، ثم تفجيرها.
كما تورطت في عام 1995 باغتيال المهندسين في سرايا القدس عمار الأعرج وأيمن الرزاينة، المسؤولين عن عملية "بيت ليد" التي نفذها الاستشهاديان أنور سكر وصلاح شاكر، وأدت إلى مقتل 24 مستوطنًا.
وتورطت كذلك في قتل الشهيد القسامي الداعية الإسلامي مجد البرغوثي، في فبراير 2008، بعد تعرضه لتعذيب شديد في سجون السلطة لمدة 9 أيام بتهمة الانتماء لحركة حماس.
وفي نهاية أكتوبر من عام 2010 قتلت أجهزة السلطة المطاردين في كتائب القسام محمد السمان ومحمد ياسين بعد أن حاصرتهما في أثناء وجودهما داخل شقة في عمارة بمدينة قلقيلية.
وفي عام 2016 قتلك الأجهزة ذاتها الشاب أحمد حلاوة في سجن "الجنيد" بعد تعريضه للتعذيب الشديد، إضافة لقتل الشاب ضياء عرايشة من مخيم بلاطة بنابلس.
وضجت الساحة الفلسطينية في مارس 2019، بخبر قتل الشاب الغزي محمود الحملاوي داخل أحد سجون السلطة في الضفة الغربية، بعد تعرضه للتعذيب الشديد.
وفي يونيو 2021، ارتكبت أجهزة أمن السلطة جريمة قتل ضد المعارض السياسي وأحد أبرز الناشطين الداعمين للمقاومة، نزار بنات، بعد الاعتداء عليه بالضرب بوحشية بأدوات حادة.
زيادة عزلة السلطة
ووصف عضو التجمع الوطني الديمقراطي، عمر عساف، جريمة قتل الشاب زقدح بأنه انحدار نوعي في علاقة السلطة وقمعها وتغولها على المقاومة والمقاومين.
وقال عساف لصحيفة "فلسطين": "مواصلة استخدام القتل واستسهال إطلاق النار على المقاومين والمناضلين تشكل منعطفًا في العلاقة بين الشعب الفلسطيني والسلطة وأجهزتها الأمنية، وهو ما يعمق عزلتها عن الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن جرائم القتل هذه تأتي في وقت تزداد آلة بطش الاحتلال وتغوله على المواطنين، وهو ما سيعمق من الاحتقان لدى الشارع الفلسطيني، كما أنها تشكل تهديدًا كبيرًا للسلم الأهلي والمجتمعي.
وتابع: "على الرغم من جرائم القتل وإطلاق الرصاص من السلطة على المقاومين، فإن الشعب الفلسطيني يفوت الفرصة على أي محاولة لجره نحو صراع داخلي، لأن المقاومة كما أعلن قادتها لهم وجهة واحدة هي مقاومة الاحتلال".
وأشار إلى أن جريمة القتل الأخيرة في طولكرم تضاف إلى سجل السلطة في اعتقال أكثر من 700 مواطن على خلفية المقاومة أو الاختلاف في الرأي أو بعض الممارسات التي تعدها السلطة خارجة عن القانون كاستقبال أسير أو رفع راية.
وقلّل عضو التجمع الوطني الديمقراطي من أي إجراءات مراجعة تقوم بها السلطة بعد كل عملية قتل، سواء من خلال تشكيل لجان تحقيق أو محاسبة، لأن المستوى السياسي يقف وراء كل ما يحدث.
غياب المحاسبة
الكاتب والمحلل السياسي، ياسين عز الدين، أكد أن تحرك السلطة وجرائمها ضد المقاومين يأتيان من التزامها المطلق تجاه أمن الاحتلال، ولمنع انفجار الأوضاع معه.
وقال عز الدين لصحيفة "فلسطين": "السلطة لم تعد قادرة على السيطرة على الوضع في الضفة، لذا تلجأ للمزيد من التصعيد، وكلما فشلت صعدت أكثر بدلًا من مراجعة سياستها القائمة على الانصهار في المشروع الصهيوني".
وأضاف أن السلطة تعودت على عدم وجود محاسبة حقيقية لها على قتل وسجن وملاحقة المقاومين، مشيرا إلى أنها تراهن حاليًا على أنها ستصدر موجة تصريحات ومواقف منددة بما حصل في طولكرم، ثم تعود الحياة لطبيعتها وكأنه لم يحصل شيء.
وشدد عز الدين على ضرورة أن يكون هنالك تحرك شعبي وفصائلي لمحاسبة السلطة على الأقل معنويًا، ومقاطعتها، والخروج للشوارع للاحتجاج عليها، وإلا فإنها ستتمادى أكثر وأكثر.