يمثل اعتداء جنود الاحتلال على المصلين والمرابطين بشكل عنيف منهم مسنة بعد صلاة الجمعة، تعبيرًا عن تلقِيهم الضوء الأخضر من الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي ترسم بهذا العدوان طبيعة المرحلة المقبلة، التي يتوقع أن يشهد فيها صدامات واعتداءات إسرائيلية في الأعياد اليهودية الشهر المقبل.
ويتوقع باحثان لصحيفة "فلسطين" أن نشهد أيامًا صعبة في الشهرين المقبلين على صعيد المسجد الأقصى لأن هناك ثلاثة أعياد يهودية خطيرة يبدأ الأول من ١٥-١٧ سبتمبر/أيلول القادم ما يسمى عيد "رأس السنة العبرية"، وفي ٢٤-٢٥ من سبتمبر/أيلول نفسه عيد "الغفران" والثالث وهو الأخطر عيد "العُرش" ويمتد من ٢٩ سبتمبر حتى ٦ أكتوبر/ تشرين الأول القادم، وهذه الأعياد التلمودية هي مواسم عدوان شهدت هبات وأحداث كبرى.
ويشدد الباحثان على أنه مطلوب من الشعب الفلسطيني تكثيف الرباط والتواجد والدفاع عن الأقصى، وتوعية الشعب بخطورة المرحلة المقبلة التي يسعى فيها الاحتلال لتقسيمه.
وفي اعتداءاتها الجمعة الماضية أطلقت قوات الاحتلال الرصاص المطاطي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، وشرعت بالاعتداء على المصلين بالهراوات، ما أوقع ما لا يقل عن 10 إصابات، عدا عن اعتقال 7 شبان.
تهيئة للقدس
يقول الناشط السياسي المقدسي فخري أبو دياب: إن سلطات الاحتلال بدأت تهيّئ القدس للأعياد التوراتية التي ستبدأ منتصف سبتمبر/أيلول القادم بحيث تعمل على تفريغ البلدة القديمة والمسجد الأقصى من المصلين لإخافة الناس وتقليل الأعداد لأن سياسة الإبعاد لم تنجح في تحقيق أهداف الجماعات اليهودية وهذا يغيظ الاحتلال فيريدون تهيئة الأجواء بطرد الفلسطينيين.
اقرأ أيضا: أبو مرزوق يُدين تحريض الاحتلال على اقتحامات واسعة للأقصى الشهر القادم
ويوضح أبو دياب أن قوات الاحتلال بدأت بعسكرة القدس بإنشاء حواجز ومعوقات تعيق الوصول للبلدة القديمة، فضلًا عن الاعتداءات والبطش حتى بالاعتداء على جميع الفئات خاصة كبار السن، ويتزامن مع ذلك خنق اقتصاد البلدة القديمة بنشر حواجز عسكرية والاعتداء على من يأتي للأسواق.
وتركزت اعتداءات قوات الاحتلال على المصلين عند "باب الأسباط"، وهذا يعود، وفق أبو دياب، لكون "الأسباط" المدخل الذي يسلكه معظم المصلين نظرًا لقربه من الطريق وإمكانية إدخال مركبات وحافلات منه، لذلك يريد الاحتلال السيطرة عليه كاملًا، وبدأ الاعتداء به لبث الخوف في قلوبهم.
ويشير أبو دياب إلى أن الأعياد القادمة هي المدة الأطول بالأعياد اليهودية عامة، وتسمى مناسبات الصعود لما يسمى "جبل المعبد"، بالتالي سيكون الأقصى على موعد مع اقتحامات كبيرة، خاصة عيد "العُرش" الذي يمثل كابوسًا للأقصى إذ يحاول المستوطنون إدخال قرابين خاصة قرابين نباتية للأقصى ويستبيحون القدس كاملة.
مخططات سياسية
المختص في شؤون القدس شعيب أبو سنينة من ناحيته، يرى أن الاعتداء "الفظَّ" على المصلين بعد حجز خطيب الأقصى يوسف أبو سنية على باب حطة يعني أن الاحتلال يتمادى في عدوانه، وبات يفقد صوابه ويمارس البطش تعبيرًا عن تفريغ غضبه تجاه الشعب الفلسطيني نتيجة ارتياد المسجد بعشرات الآلاف للصلاة بكل أريحية، في حين يتخذ إجراءات أمنية مشددة لإدخال مجموعة من المستوطنين.
وربط أبو سنينة ما يحدث بمخطط عضو الكنيست الصهيوني (عميت هليفي) الذي يهدف لتقسيم الأقصى، وذلك ضمن مسلسل تهويد المسجد، والسيطرة الكاملة عليه، وهم يحاولون الوصول لذلك دون ضجيج وبأقل التكاليف.
وينبّه إلى أن الاحتلال يتحدث رسميًا أنه "لا يريد تغيير الوضع القائم" لكن على الأرض هناك تغيير جذري واضح، فيمنع ترميم المسجد الأقصى، ويستمر بالحفريات أسفله، وبعد صلاة المغرب يغلق كل الأبواب ويُبقي ثلاثة أبواب مفتوحة، ويمضي في فرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وكل يوم يسيّر دورية شرطية داخل الأقصى بالليل.
ويقول: إن "الاحتلال يتدرب على تحقيق خطوات ونجاحات وفرض المزيد من السيطرة على الأقصى، بقمع المصلين لإظهار تحكمه بالمكان، وإرسال رسائل أن الدخول للأقصى مكلف، فضلًا عن تهميش دور الأوقاف الإسلامية وجعله شكليًا، والتضييق على حراس الأقصى وضربهم دون سبب ومنعهم من الحديث مع أي مقتحم أو حتى الاقتراب منه.
ويلفت إلى أن وجود 16 وزيرًا من جماعة المعبد في الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، وأكثر من ثلث أعضاء الكنيست من نفس الجماعة يعطيهم حافزًا ودافعًا على المضي في مخططاتهم بدعم حكومي، وجعل الأعياد اليهودية أيام عدوان على الأقصى، مما يتطلب موقفًا واضحًا من الشعب الفلسطيني ودورًا فاعلًا بإعمار المسجد الأقصى والرباط وشد الرحال وتكثيف التواجد في أثناء الصلاة وبعدها.
ويحذر أبو سنينة من خطورة مخطط طقس ذبح البقرة الحمراء بالسعي لتغيير الفتوى الدينية اليهودية التي تمنع الدخول للأقصى، إذ إن تطبيق هذا الطقس يعني أننا سنشهد اقتحام نحو 800 مستوطن يهودي يوميًا للأقصى وما يمثل تغييرًا بشخصية المسجد الأقصى لأنه ليس معبدًا يهوديًا.