منذ أكثر من عقدين من الزمن، يعيش الأسير أمجد محمد يحيى من محافظة طولكرم تحت ظلام السجن، يعاني معاملة قاسية وظالمة تشمل التعذيب والعزل، وقد مرَّ بعمليات تحقيق طويلة قبل الحكم عليه بالسجن 5 مؤبدات، و50 عاماً.
تقول شقيقته آيات: إن الاعتقال الأول لـ"أمجد" حدث عندما كان في السادسة عشرة من عمره، وبعد عقد من هذا الاعتقال أعيد إلى السجن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002م، ليتم محاكمته بـ3 مؤبدات و50 عامًا، بتهم لم يعترف بها، ورفض التوقيع عليها.
عند اعتقال أمجد (39 عامًا) كان يعاني أوجاعًا في ركبته على أثر إصابته برصاصة إسرائيلية، ولم يتعافَ من آلامها، ولم تقدم له إدارة سجون الاحتلال أي وسيلة علاجية من دواء طبي أو علاج طبيعي، وبعد سنوات من الاعتقال عانى مغصًا كلويًّا بسبب وجود حصوة في الكلى، رافقه أعراض صعبة من آلام شديدة وغثيان ودم في البول.
تقول آيات لصحيفة "فلسطين": "بعدما تفاقمت الأعراض بشكل كبير دون أي تحرك في تقديم أي علاج أو حتى حبة مسكن لآلامه، باتت مخاوفنا كعائلته أن نفقده في أي لحظة، نعيش مشاعر الخوف والقلق عليه، ولا نستطيع أن نقدم له شيئًا".
وتلفت إلى أن أمجد يواجه تراجعًا في حدة بصره، ويحتاج إلى تغيير نظارته الطبية، وكان قد أرسل لعائلته المقاسات الخاصة، غير أن إدارة السجون منعت إدخالها، كما طلب من المحامي الخاص به توفير جهاز صغير خاص بالتنفس بسبب معاناته من التهابات جيوب أنفية شديدة تزداد حدتها مع رش الاحتلال للغاز عند اقتحامه لأقسام السجن بين فترة وأخرى.
وتتابع آيات حديثها: "يعاني أمجد أيضاً من قرحة معدية ترافقه منذ أسره بفعل طبيعة الأكل المقدم لهم، ويعتمد بشكل كبير على مقصف السجن في شراء ما يلزمه من طعام والأمر مكلف ماديًّا"
ويُعرف أمجد بشخصيته القوية والعنيدة منذ طفولته، وتنقل في أعمال مختلفة معتمدًا على ذاته في تأمين مصروفه اليومي ومساعدة عائلته، فعمل في أعمال البناء، وفي محل خاص بصناعة الحلويات، كما يذكر شقيقه "عائد".
ويقول عائد: إنهم خلال زيارة شقيقه الأسير في سجون الاحتلال أحياناً يجدونه معاقب ومعزول عن الزيارات، وهذا يمنعهم من رؤيته والاطلاع على وضعه، ومع ذلك، يجدونه في بعض زيارات أخرى زارعاً للأمل في قلوبهم بأن الفرج قريب، رغم معاناته وصعوبات الحياة داخل سجون الاحتلال، وفي أوقات أخرى، يبدي بعض الملل من حياته في الأسر والمعاناة المستمرة.
ويذكر كيف أثقلت الظروف على الأسرة في بداية اعتقال أمجد، إذ كان قد اعتقل قبل شهر رمضان بثلاثة أيام، واغتيل شقيقه جمال، "وبعد سنوات قليلة توفيت والدتنا، عاشت كل يوم من حياتها على أمل الإفراج عنه كما كان يحدث عند اعتقاله في الانتفاضة الأولى".
ويقول عائد: "لم تستوعب والدتنا الحكم الجائر الذي صدر بحق أمجد، فتأثرت كثيرًا، خاصة أنها لم تكن قد أفاقت بعد من صدمة استشهاد جمال، وكانت دائمًا تجلس وحيدة، تُحدث نفسها بأن الأمور تجاوزت الحدود الطبيعية، ويجب الإفراج عنه.
وتمكن أمجد من استثمار سنوات الأسر بالعودة إلى مقاعد الدراسة فحصل على شهادة الثانوية العامة، وتبعها بشهادة جامعية.