بعد زواجها بعدة أشهر، أصبحت تلاحظ بشكلٍ واضح شخصية زوجها المتناقضة في تعامله معها في بيتهم، وفي أسلوبه أمام أهله، فلا يقيم لها وزنًا أمام أهله، بل يعلي صوته عليها، وكأن الرجولة تكمن بالنسبة له في الصوت العالي والإهانة، وذلك حتى لا يقال عنه يسمع كلام زوجته ويدللها.
تقول رولا سليم (25 عامًا): "لا أعرف ما سبب هذا التوجه في أن يتعامل الرجل مع زوجته في البيت بكل احترام ودلال وحب، ويظهر العكس أمام والدته وأهله، وكثيرًا ما نشبت مشاكل بيننا على هذا الأمر، وينتهي النقاش دون معرفة السبب أو حتى الوصول إلى حل".
وأشارت إلى أن معظم الرجال يعتبرون أنفسهم ضعاف الشخصية إذا كانت زوجته هي شريكة حقيقية في حياته وقراراته؛ أو إذا ما دللَّها أمام الآخرين واحترم مشاعرها ورأيها يتخوف من أن يفسر من حوله على أن لا شخصية له، وأنها تحكمه، فلا يحبذ الرجال نظرة الناس لهم من هذا الاتجاه مما يضطرهم إلى معاملتها أمام الناس بطريقة فيها نوع من الإهانة، موضحة أن ذلك سببه ثقافة المجتمع التي رسخت في عقول الرجال.
إذاً يبقى التساؤل الذي يثير الجدل لدى البعض، هل احترام الزوج لزوجته وبرها أمام أهله يفقده معالم الرجولة وكيانه أمام الآخرين؟، هذا ما نتحدث معه في السياق التالي:
خوفًا من الغيرة
هالة محمد (30 عامًا) والتي مضى على زواجها ما يقارب خمسة أعوام، قالت إن زوجها قد اتفق معها منذ أول أيام زواجها على أن الدلال لا يكون إلا في بيتهم الخاص أمام الآخرين وخاصةً أهله فإن ذلك يدخل ضمن قائمة الممنوعات، وذلك حتى لا يفتح عليه باب الغيرة مع أخواته الفتيات الموجودات في البيت، وبالتالي ستقودهم إلى نشوب المشاكل التي لا أول لها ولا آخر.
وأضافت: "لكن ذلك لا يعني أن يهينني أمامهم لمراعاة مشاعرهم، فكل ما أريده منه أن يحترم مشاعري ورأيي، ففي كل مرة أتحمل، ولكن بعد فترة أصبح الأمر لا يطاق من أجل إرضائهم، كما أنهم في بعض الأحيان أصبحوا يحرضونه عليّ، بسبب ما يرونه من معاملته لي".
ثقافة مجتمعية
وفي السياق ذاته، أوضحت الأخصائية النفسية د. عايدة صالح أنه كثيرًا ما نسمع عن شكاوى النساء إزاء معاملة أزواجهن الخالية من الاحترام أمام الآخرين، والتي ترجع إلى عدة أسباب، ومنها ثقافة المجتمع السائدة، وأنه مجتمع ذكوري، فيشعر بعض الرجال بالنقص ويلجأ ليظهر رجولته أمام أهله على زوجته، ليوحي أنه المسيطر على كل صغيرة وكبيرة.
وقالت: "كما أنه يكون لديه مخاوف من إطلاق لقب "محكوم"؛ وأنه رجلٌ له كيانه وكلمته في داخل البيت وخارجه، ومراعاةً لمشاعر أهل بيته، وقد يكون السبب الخوف من "غيرة الأم" من زوجة ابنها، بالإضافة إلى ضعف ثقافة الرجل وفي فهمه لسيكولوجية المرأة، فهذا الأمر له تداعيات كثيرة من قبل الرجل، والتي لها مردود سلبي على نفسية الزوجة".
وأشارت د. صالح إلى أن ردة فعل الزوجة من هذا الأمر تختلف من امرأة لأخرى، وأيضًا أسلوب التعامل يختلف من رجل لآخر، فإذا كانت إهانة عابرة واستثنائية أي أنها ليست عادة في الرجل، ولكن ما حدث من موقف طارئ قد يجعله يقوم بهذا التصرف لكن بدون قصدٍ منه، وفي هذه الحالة يجب على الزوجة أن تصبر حتى يهدأ ثم تعاتبه أو تصارحه.
وبينت أنه في حال كانت الإهانة "أسلوبا" دائما في المعاملة، فإنه سينعكس سلباً على نفسية الزوجة بشكلٍ مباشر، لتشعر المرأة بالإحراج، وقد يصل الأمر إلى حدوث بعد نفسي مما يولد الجفاء والحقد وفقدان المحبة.
وتابعت د. صالح حديثها: "لو كان أسلوباً ينتهجه الزوج، فعلى الزوجة أن تتخذ موقفًا جديًا، فتشعره بتذمرها، وتتدرج فيه من الأخف إلى الأقوى وذلك حسب نوع الإهانة، كأن تبدأ بالمعاتبة حتى تصل إلى الهجر النفسي، وهذا لا يعني ألا تقوم بواجباتها البيتية".
ولفتت إلى أن الزوجة إذا لاحظت تكرار الأمر دون تغيير أو حتى حدوث رادع، فيمكن للزوجة أن تستشير أو تحكم أحد من الأقارب، كما أنه على والدة الزوج أن تكون من العقلاء ويكون لها دور إزاء هذا الموقف، وأن تبين له أنه لا يصح أن يحدث ذلك أمام الآخرين.
وحذرت د. صالح من أن معاملة الزوج الخالية من الاحترام تقتل الحب وتلقي بأثرها على كيان الأسرة، فينتهك أحد أطرافها حقوق الآخر، مما ينشئ أطفالاً في محيط خالٍ من الحب، لذا الحل يكمن في تغيير ثقافة المجتمع.