تشهد مناطق الداخل الفلسطيني المحتل منذ عام 1948، ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الجريمة، إذ بلغت حصيلة ضحايا القتل 139 فلسطينيًا منذ بداية العام الحالي.
وسجلت أحدث جريمة قَتل مساء أمس لشاب في الثلاثينيات من عمره، فيما أُصيبت والدته بجراح، إثر تعرّضهما لإطلاق نار، في جريمة ارتُكبت في مدينة اللد.
ويربط مراقبون هذا الارتفاع بالسياسات والإجراءات التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بهدف إشغال الفلسطينيين عن الاهتمام بالقضايا الوطنية.
وفي عام 2022، سُجلت 109 جرائم قتل، بما في ذلك 12 امرأة بين الضحايا، وفي عام 2021، وثّق أكثر من 111 حالة قتل، منها 16 امرأة، أما في عام 2020، فقد بلغ عدد القتلى 100 شخص، منهم 16 امرأة، وفي عام 2019، سجّل مقتل 93 فلسطينيًا، منهم 11 امرأة.
خطة ممنهجة
وأفاد المفكر والمستشار الاجتماعي في الداخل المحتل، سالم الوقيلي، بأن سلطات الاحتلال تتبع خطة ممنهجة تستهدف تفريق وتجزئة المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل، مشيرًا إلى أنها تسعى لتنفيذ أجندة تهدف إلى الانتقام من الفلسطينيين، نتيجة مشاركتهم في أحداث انتفاضة الأقصى التي وقعت في سبتمبر من عام 2000.
اقرأ أيضاً: جريمتا قتل في الداخل المحتل خلال نصف ساعة
وأشار الوقيلي لصحيفة "فلسطين"، إلى أن نسبة الجرائم كانت قبل اندلاع انتفاضة الأقصى لا تتجاوز 5 بالمائة، ولكنها وصلت حاليًا إلى أكثر من 85 بالمئة، وذلك بسبب التأثير الذي مارسته سلطات الاحتلال، إذ عملت على تأجيج الوضع بتقديم الدعم والظروف التي تزيد من انتشار الجرائم.
وأوضح أن سلطات الاحتلال نشرت بذور الفتنة والاضطرابات في مختلف أنحاء المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل، بهدف تشتيت انتباه الفلسطينيين وإشغالهم بقضاياهم ومشاكلهم الداخلية، ما يلغي تركيزهم عن القضايا الوطنية الكبرى.
وأكد الوقيلي أن ارتفاع معدلات جرائم القتل يمكن تفسيره بوجود عدة عوامل، وأهمها تقاعس شرطة الاحتلال عن اتخاذ إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة بما في ذلك التقاعس في تقديم المجرمين للعدالة.
كما نبَّه إلى أن هذه السلطات تسعى للحيلولة دون تشكيل أي جماعات أو قوى داخل المجتمع الفلسطيني بالداخل تهدف إلى مكافحة ظاهرة العنف المستشري.
لذا شدد على أنه من الضروري العمل معًا كأفراد الشعب الفلسطيني لمكافحة هذه الجرائم والتصدي لمن يستفيد منها، داعيًا أيضًا إلى تعزيز وعي المواطنين تجاه هذه الظاهرة ومخاطرها، ودعم أي مساعٍ لرفض العنف والتصدي للجريمة، إضافة إلى عزل المجرمين والعمل على تطهير المجتمع منهم.
تفكيك المجتمع
وأفاد عضو لجنة المتابعة في الداخل المحتل، صالح لطفي، بأن سلطات الاحتلال تنفذ خطة مُحكمة تهدف إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني، حيث تنشر عناصر الإجرام المنظمة في البلدات والقرى الفلسطينية.
وذكر أن ظاهرة الجرائم ترتبط بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وضعف الوازع الديني والعائلي عند البعض، كما ذكر أن شرطة الاحتلال لا تقوم بمتابعة جدية للجرائم والجناة وتغض الطرف عنهم.
وأكد لطفي أن سلطات الاحتلال تسعى إلى زعزعة استقرار المجتمع الفلسطيني بزرع عناصر الفتنة والانقسام بين العائلات، مقدرًا أن ضعف الأحزاب السياسية والدعاة والوعاظ يسهم في انتشار هذه الظاهرة، لذا يجب تعزيز دورهم في مكافحة العنف.
وأشار لطفي إلى أهمية المبادرات التي أطلقتها مؤسسات وشخصيات فلسطينية بالداخل في محاولة للحد من ظاهرة العنف، لكنه أكد أنها بحاجة إلى دعم من قوانين تعاقب الجناة.
ونبه أيضًا إلى ضرورة توعية الأجيال الناشئة من النواحي الدينية والسياسية والأخلاقية والوطنية، واستثمار الدور الرسمي والوسائل الإلكترونية لمكافحة هذه الظاهرة وإعادة توحيد العشائر وتعزيز قوتها في مكافحة هذا العنف.