فلسطين أون لاين

​بسبب متغيرات سياسية واقتصادية في الدول المانحة

خبراء يتوقعون زيادة عجز موازنة السلطة العام المقبل

...
غزة - رامي رمانة

توقع خبراء اقتصاديون أن يزيد عجز الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية العام المقبل (2017) في ظل ما تشهده بعض الدول المانحة خاصة العربية من متغيرات سياسية واقتصادية تدفع بها إلى الإحجام عن تقديم مساعداتها السنوية أو تأجيلها.

وحث الخبراء السلطة على اتخاذ خطوة وقائية بترشيد نفقاتها وزيادة إيرادها بعيداً عن جيوب المواطنين مع وضع آلية رقابية على أوجه الصرف.

وأشارت بيانات منشورة من وزارة المالية في حكومة الحمد الله إلى أن العامين الماضيين- منذ توقف مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في العام 2014- شهدا انخفاضا حادا في المساعدات المالية الدولية للسلطة الفلسطينية، حيث تقلصت من 1.087 مليار دولار في عام 2013، إلى 705 ملايين دولار في العام الذي تلاه، ثم توالى انخفاض المساعدات ليصل إلى 450 مليون دولار في العام الماضي، ثم وصلت في العام الجاري إلى 300 مليون دولار.

متغيرات

ودأبت السلطة في رام الله منذ تأسيسها في عام 1994 على الاعتماد بشكل أساسي على المساعدات المالية المقدمة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية، لتغطية نفقاتها التي تبلغ للعام الجاري 4.25 مليارات دولار.

وقال الخبير الاقتصادي د. نور أبو الربُ: إن المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها عدة دول عربية دفع بها إلى التوقف أو التأجيل أو تقليل الدعم السنوي المقدم لخزينة السلطة، لذلك أرجح أن يكون عام 2017 المقبل صعبا على موازنة السلطة في ظل ضعف الموارد الداخلية، وزيادة حجم النفقات.

وأوضح أن تقريرا حكوميا بيّن وصول نحو 250 مليون دولار من الدول المانحة من أصل 750 مليون دولار إلى خزينة السلطة العام الجاري، "وهذا سيُرحل مبلغ 500 مليون الذي كان مقررا وصوله العام الجاري إلى قائمة العجز العام القادم"، يضيف المختص.

وشدد أبو الربُ على أن غياب جهة تشريعية رقابية لن يغير من أداء الحكومة المالي، وقال:" إن عجز المجلس التشريعي عن القيام بدوره بسبب الانقسام، أطلق العنان للحكومة في التصرف دون رقيب، وهنا لابد من البحث عن آلية للرقابة سواء من منظمة التحرير أو المجلس الوطني من أجل الضغط على الحكومة لخفض العجز القائم".

ونوه إلى أن الجزء الأكبر من النفقات الحكومية هي تشغيلية، في حين أن التطويرية أرقام بسيطة، لافتاً إلى أن موازنة الحكومة سجلت العام الجاري 4 مليارات و200 مليون دولار.

ودعا السلطة إلى الترشيد في حجم الإنفاق والبحث عن موارد مالية إضافية بعيداً عن جيوب المواطنين العاديين لأنها تفاقم الأزمات الاجتماعية لديهم، منوهاً إلى أن ثلث موازنة السلطة السنوية تعتمد على المساعدات الخارجية.

وبلغ إجمالي المساعدات النقدية التي تلقتها الأراضي الفلسطينية منذ تأسيسها حتى عام 2014، قرابة 17 مليار دولار، ويُنفق جزء كبير من هذه الأموال لدفع رواتب موظفي الجهاز الحكومي الذين بلغ عددهم حوالي 190 ألف موظف، منهم 133 ألفا في الضفة الغربية، و57 ألفا في قطاع غزة، ويخصص قسم آخر من الأموال لبرامج وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لدعم اللاجئين الفلسطينيين، فيما يذهب جزء منها لتمويل منظمات المجتمع المدني.

إصلاحات مالية

بدوره شدد الخبير الاقتصادي د. عماد لبد، على أهمية اتخاذ السلطة جملة من الإصلاحات المالية في إطار ترشيد النفقات وتحسين الإيراد لتخطي العجز السنوي المتكرر.

وقال لـ "فلسطين": "لابد من السلطة أن تبحث عن مصادر تمويل جديدة، يقابل ذلك تخفيض النفقات التحويلية سواء المحلية أو الخارجية إلى الحد الأدنى، مع الحد من التهرب الضريبي خاصة في الضفة الغربية وتوسيع القاعدة الضريبية بصورة أكثر مساواة".

كما دعا إلى تخفيض النفقات الخارجية في القطاع الدبلوماسي من خلال إغلاق أو تجميد أو تقليص عدد السفارات والعاملين فيها، والحد من التضخم في عدد الوزارات والإدارات في السلطة من خلال الدمج أو الإلغاء، وحث كذلك على إلغاء العلاوات الإشرافية لموظفي السلطة ، ومحاربة الفساد عبر تفعيل المؤسسات المختصة ، والفصل المالي بين موازنات السلطة ومنظمة التحرير والفصائل.

وأشار إلى ضرورة تشجيع القطاعات الانتاجية المعززة للإيرادات العامة والعمل على الحد من فتح فرص عمل جديدة في القطاع الحكومي.

وأظهرت معطيات محلية، نشرتها مؤسسة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، أن مشكلة الدّين العام ما زالت قائمة لدى السلطة على الرغم من حديث الحكومة ووزارة المالية عن تخفيضه كهدف من أهدافها، إلا أنه لم يتحقق سوى بنسبة ضئيلة بلغت 1.71 في المائة، كما أن الموازنة العامة 2016 لم تتضمن تفاصيل عن صندوق التقاعد والمعاشات، ومستوى الاقتراض من الصندوق من قبل الحكومة.

وأشارت المعطيات إلى أن مخصصات الأمن ما زالت تستحوذ على حصة كبيرة من الموازنة العامة، حيث استحوذت خلال النصف الأول من موازنة العام 2016 على نفقات تقارب مجموع كل من وزارتي التربية والتعليم العالي والصحة، وما يزال بند الرواتب والأجور في الموازنة يستهلك ويستنزف الحصة الأكبر من نفقات الأمن ويفوق بكثير مجموع موازنات وزارتي الصحة والتنميّة الاجتماعية معاً.

ومن الجدير بالذكر أن السنة المالية لحكومة السلطة، تبدأ مطلع كانون ثاني/ يناير وتنتهي في 31 كانون أول/ ديسمبر من كل عام.