فلسطين أون لاين

تقرير فضول "عبد الرحمن" جعله أصغر مرشد سياحي بـصيدا

...
صيدا-غزة/ مريم الشوبكي:

 

أَلِف الطفل اللاجئ الفلسطيني عبد الرحمن الفران من حي مار نقولا بسوق البلدة القديمة بصيدا جنوب لبنان، مشاهدة السياح الأجانب والعرب الذين ينجذبون نحو التمتع بالتجول بين الأماكن التاريخية، والتراثية التي تميز المدينة.

لا يستهويه اللعب مع أقرانه في ساحة البلدة، يقضي يومه يرتقب السياح الذين يرافقهم مرشدون سياحيون، يسير معهم في جولاتهم السياحية حتى أصبحت لديه حصيلة معلوماتية كبيرة عن معظم الأماكن التاريخية في صيدا.

فضول وشغف

تنحدر عائلة عبد الرحمن من يافا المحتلة التي لم يزرها مطلقًا كما هو حال والديه، ويمنّي النفس بزيارة أماكنها التاريخية، ليصبح مرشدها السياحي.

لدى عبد الرحمن (10 أعوام) معلومات كثيرة عن تاريخ مدينة صيدا وآثارها، ولديه شغف كبير في التعرف على تاريخ البلدان، ولا يتوقف عن ترديد الأسئلة على لوالديه عن الأماكن في صيدا، وبما يملكانِه من معلومات ومصادر مفتوحة عبر شبكة الإنترنت يشبعان فضوله حول المدينة التي ولدا فيها.

أصغر مرشد سياحي في صيدا هو اللقب الذي أطلقه سكان البلدة القديمة على عبد الرحمن، بدأ الأمر في السابعة من عمره لمجرد إشباع فضوله، وزيادة معرفته في تاريخ مدينته، "لكن منذ عامين قرر ممارسة عملي كمرشد سياحي، ليكون عملًا أتحصّل منه على مصدر رزق لإعالة عائلتي، حيث لازم والدي الفراش بعد إجراء أكثر من عملية في القلب، وهو ممنوع من ممارسة أي عمل مجهد".

ويضيف: "صرت أتنقل مع المرشد السياحي رفقة السياح في الأماكن التاريخية والأثرية التي يختارونها، أضع كل تركيزي مع المرشد لحفظ المعلومات عن القلعة البحرية، وخان صاصي، والمسجد العمري وهم من أهم معالم البلدة القديمة".

تطوير نفسي

ويتابع: "مرافقتي الدائمة للسياح حسّن من لغتي الإنجليزية، وصرت أقف في ساحة البلدة القديمة وأنتظر قدوم السياح الذين أميز وجوههم عن غيرهم، وأبدأ في عرض خدماتي عليهم، في البداية تظهر على وجوههم علامات الاستغراب، وبعد تحدثي معهم يبتسمون لي، ويصطحبوني معهم إلى حيث يشاؤون، وبمجرد بدئي في شرح تاريخ المواقع يندهشون من كمية المعلومات التي أملكها".

ولم يتوقف الأمر عند عبد الرحمن الذي يتلقى تعليمه مع أشقائه الثلاثة في مدرسة عكا التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أنروا) في ساحة باب السراي بصيدا، عند هذا الحد، بل يتطلع إلى تطوير نفسه، لذا التحق بمدرسة خاصة في المدينة من أجل تحسين مستواه في اللغة الإنجليزية، ليتمكن من التواصل بسهولة مع السياح الأجانب، وكسب ثقتهم وزيادة فرص عمله معهم، وفق قوله.

وتعد البلدة القديمة من أهم أحياء صيدا، وقد وصل إليها جموع الفلسطينيين عن طريق البحر في عام النكبة بعد أن طردهم اليهود الغاصبون من أراضيهم وممتلكاتهم، فمعظم سكان هذه المنطقة من مدينتي حيفا وعكا ويزيد عددهم على 7000 عائلة فلسطينية.

وبحسب الإحصاءات التي صدرت في عام 2017م يظهر تركز الفلسطينيين في منطقة صيدا جنوب لبنان بواقع 35.8%، ثم في الشمال بواقع 25.1%، أما في العاصمة بيروت فبلغت النسبة 13.4%.

أماكن محببة

وفي العطلة الصيفية يستغل عبد الرحمن معظم وقته في ممارسة شغفه كمرشد سياحي، وفي العطل الأسبوعية وفي أيام الدوام المدرسي، مبينًا أنه يفضل اصطحاب السياح إلى متحف صيدا الذي يقع في قلب المدينة، ليعرّفهم على القطع الأثرية والحقب التاريخية التي تعود لها، وأقسامه: الفن الفينيقي، والروماني، والإسلامي، والمسيحي، والمعاصر.

ومن الأماكن الشهيرة التي تعد رمزًا أثريًا شهيرًا في صيدا ويصطحب عبد الرحمن السياح إليها، هي قلعة صيدا البحرية، يشير إلى أن القلعة هي بناء معماري فريد، وساحر حيث تتكون من عدة أبراج وجدران، كما تضم القلعة أيضًا متحفًا يضم تاريخ صيدا.

والجولات السياحية تتضمن، مرافقة السياح إلى منطقة الحمّام الجديد، وخان الصابون، والأهم هي زيارة الأسواق الشعبية لاقتناء بعض المشغولات التي ترمز لتاريخ صيدا، وكنيسة الأرثوذكس، وخان صاصي، وقصر دبانة، وساحة باب السراي، إضافة إلى القلعة البرية، وخان الإفرنج.

ويؤكد عبد الرحمن أنه يعمل مرشدًا سياحيًا لإشباع شغفه في معرفة تاريخ المدينة التي احتضنته، واحتضنت أجداده من اللاجئين، ولا يطلب مقابلًا ماديًا من السياح الذين يرافقهم، بعضهم يمنحونه "إكرامية" مبلغًا بسيطًا نظير المعلومات التي يقدمها لهم.

ويحلم الصغير بأن يصبح مرشدًا سياحيًا، يعرف الناس على صيدا، ويجوب العالم ليتعرف على أبرز المواقع التاريخية فيها، ومنها فلسطين، وبالتحديد مدينته يافا.

المصدر / فلسطين أون لاين