فلسطين أون لاين

أجراها وفد طبي فلسطيني قادم من الولايات المتحدة

تقرير تركيب "المفاصل الصناعية" يُعيد الأمل لمرضى غزة بعد سنوات المعاناة

...
وفد طبي فلسطيني قادم من الولايات المتحدة
خان يونس/ نور الدين صالح:

عاد الأمل إلى قلب المُسن سليمان مسمح (71 عاما)، بعد إجراء عملية جراحية لـ"تركيب مفصل صناعي"، أنهت معاناته مع مرض "خشونة المفاصل في قدميه"، جعلته غير قادر على القيام بأبسط الأمور الحياتية.

20 عاماً قاسى فيها المسن "مسمح" بسبب آلام المفاصل التي تزداد يوماً بعد آخر، حتى وصلت حدًّا لا تستجيب فيه "المُسكنات والعقاقير الطبية"، إلى أن أجرى عملية تركيب مفصل صناعي على يد طاقم طبي من مؤسسة "فجر سينتيفك"، الذي قدم إلى قطاع غزة قبل أيام.

وبات "مسمح" خلال السنوات القليلة الماضية، عاجزاً عن الوصول إلى المسجد لأداء الصلوات الخمس، ما جعله يجوب مستشفيات القطاع بحثًا عن علاج يُعيد له الحياة اليومية التي اعتاد عليها.

صحيفة "فلسطين" زارت مجمع ناصر الطبي في محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث تجرى عمليات "تركيب المفاصل"، واستمعت لـ "مسمح" الذي بدا الأمل يتدفق من عينيه قائلاً: "20 سنة وأنا أعاني من خشونة في مفاصل القدمين، وزادت الأوجاع خلال السنوات الثلاث الأخيرة".

ويروي: "منذ سنتين توجهت لمستشفى ناصر للتسجيل لإجراء عملية تركيب مفصل، على أمل أن تنهي معاناتي الطويلة الممتدة من سنوات".

وأبلغت إدارة المستشفى "مسمح" الأسبوع الماضي، بقدوم وفد طبي فلسطيني من الولايات المتحدة الأمريكية إلى قطاع غزة، يختص في جراحة العظام، لذلك يجب إجراء الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة التي تسبق العملية الجراحية.

ساعتان ونصف أمضاها "مسمح" بين أروقة غرفة العمليات الجراحية في مجمع الناصر الطبي في تركيب "مفصل صناعي للقدم اليسرى"، يقول في اليوم الثاني لإجراء العملية "لا أشعر بألم، وتابع أطباء من الوفد العلاج الطبيعي لي، والآن بدأت بالحركة بصعوبة إلى حدٍّ ما".

ووجه رسالة شكر وثناء للوفد الطبي الذي تطوّع وبذل جهوداً كبيرة في خدمة مرضى العظام في قطاع غزة.

يبدو المشهد مشابهاً لدى المُسنة فاطمة إكي (60 عاماً)، التي لم يمضِ سوى دقائق على خروجها من غرفة العمليات الجراحية، وكانت تحت تأثير المخدر "البنج"، على أحد أسرّة قسم العظام في مجمع ناصر الطبي.

يروي محمد الجماصي نجل "المريضة فاطمة"، "والدتي تعاني منذ أكثر من 20 سنة من آلام في المفاصل وخشونة كبيرة، ألزمتها الفراش عدة سنوات"، مضيفاً "اضطرت للذهاب إلى الضفة الغربية لتلقي العلاج، لكن دون تحقيق أي تقدم في حالتها الصحية".

ما يزيد أوجاع "إكي" حسبما يقول نجلها "محمد"، هو إصابتها بـ "غضروف في الظهر" فاقم من تردي حالتها الصحية، حيث أمضت سنوات وهي رهينة "المُسكنات الطبية"، حتى وصلت إلى مرحلة عدم الاستجابة لها.

علامات الأمل ترتسم على وجه "محمد" بعدما جرى تركيب "مفصل القدم اليُمنى" لوالدته، إذ يحكي "نسأل الله الشفاء التام لوالدتي وتتحسن حالتها الصحية أكثر في قادم الأيام".

على سرير المرض المقابل لـ "إكي"، كانت تجلس المُسنة كفاح سدر (60 عاماً)، وملامح الفرح تجتاح تقاسيم وجهها، بعدما أبلغها أطباء الوفاء بنجاح عملية "تركيب المفصل في القدم اليُسرى". 

تروي "سدر" ونبرات الفرح تقفز من صوتها "كنت أعاني كثيرًا من خشونة المفاصل، حتى أبلغوني بموعد حجز العملية، فكان شعوري لا يوصف".

وتحكي جزءاً من تفاصيل معاناتها "10 سنوات وألم المفاصل لم يفارقني، وتعالجت كثيرًا دون أي استفادة، وكلما تقدم العمر يزداد الوجع، حتى أصبحت غير قادرة على القيام بمهام البيت".

"كل عبارات الشكر والتقدير لا تفي الأطباء حقهم على الجهود التي بذلوها معي خلال إجراء العملية التي استمرت مدة ساعتين ونصف"، تلك الكلمات التي قفزت من قلب المُسنة "سدر" شكراً وامتناناً للوفد الذي أجرى لها العملية.

تخفيف المعاناة

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة "فجر سينتفيك" في الولايات المتحدة، د. مصعب ناصر: إن الوفد الطبي القادم لغزة يضم 30 شخصاً ما بين مختصين في الجراحة والعلاج الطبيعي والتخدير والممرضين.

وأوضح ناصر لصحيفة "فلسطين"، أن الوفد الطبي سيمكث في القطاع 5 أيام لإجراء 150 عملية جراحية ما بين جراحة مفاصل والطب الرياضي والقدم والكاحل، مشيراً إلى أن "فجر سينتفيك" مؤسسة خيرية وغير ربحية وتهدف إلى إجراء عمليات جراحية في الدول التي تحتاج لهذه الخبرات ومن ضمنها فلسطين.

وبيّن أن الحالات المرضية التي تحتاج تغيير المفاصل في القطاع هم من كبار السن، إذ يعانون صعوبة في السفر لتلقي العلاج في الخارج، مضيفاً "نسعى إلى تخفيف معاناة هؤلاء المرضى، وإجراء العمليات الجراحية، بالتعاون مع كادر طبي في غزة".

وأشار إلى أن المفاصل التي يتم تركيبها للمرضى في القطاع تدوم سنوات طويلة تتراوح ما بين 15-20 عامًا، وتم الموافقة عليها من إدارة الدواء والغذاء في أمريكا، لافتاً إلى أنه يجري متابعة المرضى من خلال كادر طبي في غزة شارك في إجراء العمليات، تفادياً لحدوث أي أعراض جانبية.

وذكر أن الكادر الطبي في غزة المشارك في إجراء العمليات يتكون من 60 طبيباً ما بين جراحي عظام وعلاج طبيعي وممرضين ومختصين في مكافحة العدوى.

وأشار إلى أن هذه المرة الأولى الذي يزور فيها وفد المؤسسة قطاع غزة، حيث سيكون هناك زيارة أخرى العام القادم لإجراء عمليات جراحية أخرى.

ووفق ناصر، فإن مؤسسته تعمل على خطة تتضمن إنشاء مركزين "تميز" لجراحة العظام في غزة، أحدهما في مجمع الشفاء الطبي والآخر في مجمع ناصر الطبي، بحيث يكون مجهزاً بكل الأجهزة اللازمة لإجراء عمليات جراحة العظام.

وبيّن أن مؤسسته تسعى إلى استقدام أطباء من قطاع غزة لإكسابهم خبرات طبية في مجال جراحة العظام حتى يعودوا لغزة ويقدموا الخدمات العلاجية للمرضى.

0D7A9865 (1).JPG
0D7A9848.JPG
0D7A9913.JPG