فلسطين أون لاين

تقرير الأسير أحمد خضر.. السجن عمره ما سكر على سجين

...
الأسير المقدسي أحمد خضر
القدس المحتلة-غزة/ هدى الدلو:

تجثم قضبان السجن على صدر الأسير المقدسي أحمد خضر، يعد الأيام والسنوات منذ كان في السادسة عشر من عمره.

في ذلك العمر كان يغرس أحلامه لسنوات شبابه القادمة، لكنه لم يكن يعلم أنه سيواجه تحديات أكبر من أي شخص آخر، فقد بات اليوم على مشارف الأربعين بعد أن قضى أجمل مراحل حياته في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

المقدسي خضر (38 عامًا) من بلدة قلنديا الفلسطينية إلى الشمال من مدينة القدس وتبعد عنها مسافة 11 كم، اعتقل بتاريخ 27 يوليو/ تموز 2001، وحكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن مدة 25 عام بعد أن أدين بالانتماء لكتائب شهداء الأقصى ومشاركته بتنفيذ عمليات فدائية.

لا يزال والده المسن حسين خضر (75 عامًا) يستذكر ذلك اليوم "الصعب" الذي لم يستوعبوا فيه قرار المحكمة بالحكم على ذلك الطفل.

يقول لصحيفة "فلسطين": "كيف لدولة تتغنى بالحقوق والطفولة أن تعتقل طفلًا لم يتجاوز سن الطفولة، وتتركه في الأسر يعاني الأمرين، تتركه يعيش وضعًا نفسيًا صعبًا بسبب تأخير محاكمته حتى مضي 10 سنوات من تاريخ اعتقاله".

في لحظة نطق الحكم، انكمشت روح والد الأسير أحمد من الألم والحزن وهو يرى القاضي يصب غضبه القاتل في حكمه، إذ أشير بعقوبة "مؤبد"، كان قرارًا قاسيًا وثقيلًا يقطع بقسوة على قلبه وروحه.

اقرأ أيضًا: الأسير المقدسي أحمد خضر يدخل عامه الـ 18 في سجون الاحتلال

لكن الأمل لم ينطفئ بعد، وطُلبت جلسات استئناف أخيرة كانت نقطة تحول في القضية أحمد، إذ خُفض الحكم إلى 25 عامًا.

ويضيف: "كاد الحكم أن ينهي حياة أحمد بالكامل. لم يكن حينها يحمل بطاقة هوية ولم يرَ شيئًا من الحياة، سيكمل سنوات عمره كلها داخل الأسر".

تعرض أحمد لتعذيب واعتداءات جسدية ونفسية في فترة التحقيق، حاولوا خلالها استخراج اعترافات منه بالقوة، وفق والده، مضيفًا: "تلك الظروف والمراحل الصعبة التي مر بها جعلته ييأس من الحياة، ولكن فيما بعد استسلم لقدر الله، وحاول المقاومة لأجل الحفاظ على هويته وكرامته".

في بداية اعتقاله كان والد أحمد يخبره بحقيقة يجهلها الاحتلال وقادته بأن "السجن عمره ما سكر على سجين، أو كسر إرادته".

مضت السنوات وأصبح أحمد في مواجهة الظروف سجون الاحتلال الصعبة متحديًا الألم والوحدة، وعلى مدى سنوات صمد في وجه الظلم والاضطهاد، وقضى شبابه وهو ينتظر اللحظة التي يعود فيها إلى حضن وطنه.

حرمان من الزيارة

ولكن ما زاد الطين بلة حرمان الاحتلال لعائلته من زيارته، فها هو يقضي أعوامًا طويلة وقاسية وسط أسوار السجون القاتمة وجدرانها الرمادية محاطًا بالقيود والأسلاك الشائكة، تأمل فيما تخبئه خلفها متلهفًا لزيارة يخبر فيها أمه بأحواله ويطمئن على أخبارها.

ويمضي والده بالقول: "هذا الاعتقال قد قطع مشوارًا طويلًا على أحمد كان يخطط له ويحلم بتحقيقه رغم طفولته، إذ كان إلى جانب دراسته يعمل، وما كان يتقاضاه يأمن به مصروفه، ويدخر بعضه لأجل شراء بيت وبناء أسرة".

اقرأ أيضًا: 

أما والدته التي أعياها الانتظار وتمرير الأيام والشهور والسنوات دون الوصول إلى موعد الحرية، فقد باتت طريحة الفراش بعد أن أصيبت بعدة أمراض، وكل ما تخشاه أن يأخذ الله أمانته دون أن تتكحل عيناها برؤية أحمد محررًا، وتختار له زوجة كما فعلت مع أشقائه.

يقول شقيقه وائل: "لم نكن نتوقع للحظة عند اعتقاله أن يحاكم بكل هذه السنوات الطويلة، اعتقدنا أن الأمر لن يتجاوز 4 إلى 7 سنوات".

ويضيف بأن شقيقه، شاب اجتماعي محبوب، بريء، تطورت شخصيته، وتعلم الصمود والقوة، وأصبح يؤمن بأن الحرية ليست فقط حرية الجسد، بل هي حرية الروح والفكر، وتنقل لهم شقيقتهم أحوال أحمد في حال سمح لها بالزيارة أحيانًا أنه بات صاحب إرادة قوية تتحدى الظروف الصعبة رغم أنه حرم من مرحلة الشباب الجميلة وألوان الحياة الزاهية وبات يقاوم بكل قوة وعزيمة.

ويتمنى وائل بأن تنتهي محنة أحمد قريبًا ويعود إلى حياته مستعيدًا كرامته، "ننتظر بفارغ الصبر مرور العامين المتبقين من الحكم ليتنسم أحمد عبق الحرية".