بعد تحقيق المقاومين انتصارًا في مخيم جنين، وصد محاولات جيش الاحتلال الإسرائيلي للقضاء على المقاومة هناك، بدأت أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية بتنفيذ خطط أمنية تهدف إلى قطع إمدادات المخيم.
وبحسب مراقبين، تركز الخطة أولًا على تنفيذ حملة اعتقالات سياسية في القرى والبلدات التي تحيط بالمخيم.
وتكشف خيوط الخطة الأمنية للسلطة عندما بدأت حملة الاعتقالات المستمرة للمقاومين في بلدة جبع جنوب جنين، واقتحامات مستمرة للبلدة التي تعد أحد خطوط الإمداد للمخيم في اقتحامات جيش الاحتلال. كما تستعد السلطة أيضًا لحملة ضد بلدة يعبد.
وشنت أجهزة أمن السلطة بعد ذلك اعتقالات شملت قائد كتيبة جبع مراد ملايشة، ومحمد علاونة، أحد قادة كتائب شهداء الأقصى في البلدة، وعيد حمامرة، أحد مقاومي الكتيبة.
تأتي هذه الحملة بعد أيام من كشف وسائل إعلام إسرائيلية عن اتفاق بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة ينص على تجميد اقتحامات الاحتلال داخل جنين شمالي الضفة الغربية، وإعطاء السلطة فرصة لفرض هيمنتها هناك.
إنهاء المقاومة
وفي حديثه لـ"فلسطين"، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين، أن السلطة تهدف من حملاتها الأمنية في جبع وريف جنين إلى إنهاء ظاهرة المقاومة في تلك المناطق، ثم التنسيق مع سلطات الاحتلال للتوجه نحو مخيم جنين.
ويشير عز الدين إلى أن حملة الاعتقالات ضد المقاومين في القرى والبلدات المحيطة بمخيم جنين هدفها قطع الإمداد عن المخيم، وهي خطوة تهدف إلى القضاء على المقاومة في منطقة شمال الضفة الغربية. ويتحدث عن خطة مهاجمة وتفكيك المقاومة في تلك المناطق، وأن السلطة بدأت بالمناطق الريفية لكون المخيم يمثل التحدي الأكبر.
ويضيف عز الدين أن الاحتلال فشل في التغلب على المقاومة في جنين في عدوانه الأخير، لذا يريد من السلطة أن تتصدى نيابةً عنه. ويرى أن نجاح السلطة في حملتها في جبع قد يدفعها لتوجيه جهودها نحو بلدات وقرى أخرى في المنطقة.
ويشير إلى أن هناك مؤشرات تشير إلى بدء أجهزة أمن السلطة في تنفيذ حملة أمنية جديدة في بلدة يعبد، عبر حملة اعتقالات ضد المقاومين والنشطاء، ويرى أن ذلك يشكل خطرًا على مخيم جنين وعلى المقاومة عمومًا.
ويؤكد الخبير العسكري يوسف شرقاوي أن مخيم جنين والمناطق المحيطة به بحاجة إلى حماية سياسية بعد الانتصار الذي حققه المقاتلون في أثناء محاولة الاحتلال إنهاء المقاومة هناك.
التنسيق الأمني
ويشير شرقاوي في حديث لصحيفة "فلسطين"، إلى أن هناك محاولات لتجفيف المخيم والمناطق المحيطة من الذخيرة والأسلحة والدعم الشعبي، عبر ممارسات السلطة وتنسيقها الأمني مع الاحتلال.
ويضيف أن هناك محاولات أخرى لضرب منابع المقاومة التي تمد مخيم جنين بالمقاتلين والسلاح، عبر اعتقالات سياسية تنفذها أجهزة أمن السلطة ضد عناصر مؤثرة من المقاومين.
ويتوقع شرقاوي تشديد الحصار على البلدات والقرى المحيطة بمخيم جنين في الأيام القادمة من جيش الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، بهدف التضييق على المخيم والمقاومين والسكان.
كان مخيم جنين قد شهد اعتداءً من جيش الاحتلال الإسرائيلي في 3 يوليو الماضي، استمر لمدة يومين، أسفر عن استشهاد 12 مواطنًا وإصابة العشرات، وتدمير للبنية التحتية في المخيم. وفي العدوان، نجحت المقاومة في مواجهة جيش الاحتلال عبر استخدام العبوات الناسفة، ما أدى إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين.