فلسطين أون لاين

في 15 أغسطس الجاري

بمشاركة 1100 حافظ وحافظة.. غزة على موعد مع "صفوة الحفاظ 2"

...
غزة على موعد مع "صفوة الحفاظ 2"
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

اعتلى الطفل سفيان بلال المصري المنصة محدثاً الجمهور عن حلمه بأنْ يكون أحد الساردين للقرآن في مشروع "صفوة الحفاظ 2"، إذ ستشهد غزة في 15 أغسطس الجاري حدثًا قرآنيًّا مماثلًا للذي عاشه القطاع الصيف الماضي.

وعلى مدار 12 شهرًا، اجتهد المصري في مراجعة وتثبيت القرآن بعد أنْ رأى المشهد المهيب في النسخة الأولى من المشروع آملًا أن يكون واحدًا منهم.

سفيان (11 عامًا) اعتاد والده حمله للمساجد منذ صغره وقبل أنْ يتعلم الكلام حتى أصبح القرآن مألوفًا لسمعه، مستقرًا في قلبه، ليتم حفظه في الثامنة من عمره، ويؤم المصلين في العديد من الصلوات بصوته العذب المتقن لقراءة القرآن.

ومذ رأى المصري المشهد الجميل للحفاظ في مشروع "صفوة الحفاظ 1" وهم يتلون القرآن على جلسة واحدة، عقد العزم على أن يكون منهم في هذا العام، واصلًا الليل بالنهار في تثبيت حفظه للقرآن الكريم، حتى اجتاز الاختبارات الأولية المؤهلة للاشتراك في المشروع.

ويبين رئيس مجلس إدارة مشروع "صفوة الحفاظ" والمدير العام لدار القرآن الكريم والسنة د. بلال عماد أن 15 أغسطس سيكون يومًا قرآنيًّا عالميًّا وتاريخيًّا لغزة وللأمة الإسلامية بأسرها حيث سيسمع 1100 حافظ من أصل 3200 حافظ تقدموا للمشروع القرآن كاملًا على جلسة واحدة من بعد صلاة الفجر وحتى مغيب الشمس ليسردوا القرآن مرة واحدة.

وقال: "نشهد تنافسًا وتسابقًا من كثير من أبناء أمتنا يبحثون عن طريقة للمشاركة في هذا المشروع، وهو أكبر مشروع يقبل عليه المتبرعون في الداخل والخارج، الكل يحاول المساهمة ولو بالقليل من المال، والكثيرون في الخارج يريدون استنساخ التجربة".

صورة مشرقة

ويرى عماد في الإقبال على المشروع انعكاسًا للصورة القرآنية المشرقة التي تتم في كل ناحية ومكان في قطاع غزة، حيث يبذل المحفظون جهدًا كبيرًا في تحفيظ القرآن ونشره.

ويضيف: "الهدف من المشروع هو إظهار وجه غزة القرآني المشرق والجهود القرآنية الكبيرة المبذولة فيها لمزاحمة التفاهات المنتشرة في عصرنا وإزاحتها. نريد أن نؤثر في غير الحافظين لكتاب الله لحثهم على حفظه، حين يرون الرجل العجوز والطفل الصغير والأم الحامل والمرضع وربة المنزل والكفيف والصيدلي والمهندس وغيرهم من فئات المجتمع وهم يسردون القرآن".

ويلفت عماد إلى أن النجاح الذي حققته النسخة الأولى من المشروع دفع الكثيرين للإقبال على حفظ القرآن أملًا بأن تُتاح لهم المشاركة في المشروع مستقبلًا، "فثقافة حفظ القرآن بعد صفوة الحفاظ ليس كما قبلها، حيث تتوحد جهود العاملين في هذا المجال من أجل هذا المشروع".

وتابع: "نريد من المشروع زيادة عدد المثبتين لحفظ القرآن عن ظهر قلب، فنسبتهم قليلة بالنسبة لعدد الحافظين الهائلة"، مبينًا أن المشروع يُدار بالتعاون بين وزارة الأوقاف ودار القرآن الكريم والسنة ودار الكتاب والسنة وجمعية الصحابة وجمعية الشابات المسلمات.

لجان التقييم

ورجح عماد أن تعقد النسخة الثانية من مشروع الصفوة في مسجد الإمام الشافعي في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة؛ لمساحته الكبيرة، منبهًا إلى أن هناك لجانًا عدة تعمل في المشروع منها اللجان الفنية التي تدقق وتتابع الشروط والمعايير للحفظ المتقن بعيدًا عن الكم.

أما لجان الجودة والاختبارات فهي صمام الأمان للمشروع وتعمل على اختبار الحفظة لقبول مشاركتهم أو استثنائهم، إلى جانب اللجان الإعلامية ولجان العلاقات العامة الذين يبذلون الجهد والوقت لإنجاح المشروع".

وأفاد عماد بأن الكثير من علماء الأمة في الخارج يساندون المشروع في نسخته الثانية ويكثفون النشر حول هذه التجربة القرآنية الفريدة، "وإعلاءً لقيمة الحافظ للقرآن سيقيم القائمون على المشروع حفلًا كبيرًا لتكريم حفاظ الصفوة في الحادي والثلاثين من أغسطس وتقديم جوائز لهم منها خمسون رحلة عمرة".

وأوضح بأن المشروع في نسختيه الأولى والثانية مخصص لأهل قطاع غزة، لكن النية معقودة لدى القائمين عليه لنقله للخارج من خلال حفاظ غزة ميدانيًّا وإلكترونيًّا في الدول الإسلامية المختلفة.

من الصحوة إلى الصفوة

بدوره، بين وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية د. عبد الهادي الأغا أن أعظم مشروع يمكن أن ينشغل به الإنسان هو القرآن، معتبرًا أن مشروع "صفوة الحفاظ" يعكس نموذجًا راقيًا للتعاون والتكامل بين المؤسسات المهتمة بالقرآن في قطاع غزة.

وعدّ المشروع انتقالًا من الصحوة إلى الصفوة، فالصحوة شملت توجه الكثيرين في قطاع غزة نحو حفظ القرآن الكريم كاملًا ثم اتجاه عدد منهم للمراجعة والتثبيت لحفظهم وصولًا إلى مقام الصفوة، مبينًا أن الوزارة تساند كل المؤسسات العاملة في مجال القرآن لإنجاح هذا المشروع الكبير.

وقال: "يتم قبول المشاركين في مشروع الصفوة وفق معايير موحدة بين كل المؤسسات القرآنية، وهو تهيئة لحفاظ غزة للحصول على مراكز متقدمة في كل المسابقات العالمية في مجال القرآن".

ورأى أن المشروع يمثل تحصينًا للأسرة الفلسطينية في ظل تعرضها لكل عوامل الإغراء والإفساد المنتشرة في العالم أجمع، "فمن يصل للصفوة يترك وراءه كل الترهات التي يلهث وراءها الناس في الفضاءات الإلكترونية ليكرس وقته لحفظ القرآن وتدارسه".

ومضى بالقول: "ففي الزمن الذي يُعلى فيه شأن نماذج لا تليق لا بأمتنا ولا بشعبنا بشهرة فرضها واقع الكتروني ينبغي أن يتقدم أهل القرآن ليكونوا منارات تعالت على كل المعيقات لتتعلم القرآن".

وزاد قائلًا: "المشروع نقل الاهتمام بالقرآن من دائرة الملتزمين دينيًّا لدائرة كل المسلمين الموحدين، فالقرآن ليس حكرًا على الدعاة ولا أصحاب التخصصات الشرعية فهو دستور كل مسلم".