فلسطين أون لاين

بالصور "صديقي الحيوان".. تجربة فريدة تشبع فضول الأطفال العلمي

...
"صديقي الحيوان".. تجربة فريدة تشبع فضول الأطفال العلمي
غزة/ مريم الشوبكي:

مجرد أن دخل المدرب رشيد عنبر القاعة حتى تهافت الأطفال عليه، كلٌّ يريد الإمساك بحرباء ذات لون أخضر فاتح، ووضعها في باطن كف يده، وفي الأخرى ثعبان صغير بني اللون أخذه الأطفال وتناوبوا على لفه حول معاصمهم، وهم في قمة السعادة.

تمكن عنبر (38 عامًا) الذي يقدم دورة تدريبية لتحنيط الحيوانات للأطفال لأول مرة في قطاع غزة، من تشجيع الأطفال على مشاركته تحنيط قنفذ بعد أن علمهم أساسيات التحنيط، وأنواعه، وأهميته، وكسر حاجز الخوف لديهم اتجاه الحيوانات، والطيور.

وتستهدف الدورة التدريبية التي تقام في مركز القطان الثقافي شرق مدينة غزة، وتستمر شهرًا بواقع 12 لقاءً، 17 طفلًا تتراوح أعمارهم ما بين 12-15 عامًا.

صديقي الحيوان (5).JPG
 

وبدا الطفل زين العمر القدرة متحمسًا أثناء شرح المدرب أنواع عملية التحنيط، معربًا عن حبه التعامل مع الحيوانات، والطيور باختلاف أنواعها.

كسر حاجز الخوف

ويقول القدرة (12 عامًا) لـ"فلسطين": "عندي فضول لأعرف عن الأفاعي ولمسها والتعرف على هيكلها الداخلي، ولأني كنت أخاف منها شاركتُ في الدورة".

ويتابع: "تعلمت عملية التحنيط التي يحتاج إلى دقة في التعامل مع المواد، وأتمنى تطبيقها مستقبلًا، فأحب تحنيط البومة والاحتفاظ بها، فريشها يجذبني كثيرًا".

صديقي الحيوان (1).JPG
 

ويشرح القدرة عملية تحنيط شارك فيها لقنفذ كان قد نفق حديثًا، حيث تم نفخ الحيوان بالهواء لسلخ الجلد الخارجي عن الهيكل الداخلي، وبعد تفريغه غُسل بماء جاري ورش ببودرة البوركس، ثم تم تثبيت أسياخ سهلة الطي تصل اليد اليمنى بالقدم اليمنى، واليسرى كذلك.

ويقول: "قمنا بحشو الهيكل بالقطن ليأخذ شكلًا حقيقيًّا للقنفذ، وأعدنا تخييط الجلد بخيط طبي ثم حقنا القدمين بمادة الفورمالين، وتركناه في الشمس ليجف، وبعد ذلك ركّبنا له لسانًا وعينين".

أما مرام المجدلاوي فأصرت على المشاركة في دورة تحنيط الحيوانات، رغم معارضة والديها، رغبة منها بكسر حاجز الخوف من الحيوانات.

تقول المجدلاوي لـ"فلسطين": "حينما أخبرت والدي برغبتي في حضور الدورة، تعجبا وطلبا مني الالتحاق بدورة أستفيد منها كالبرمجة، ولكني أخبرتهم أن تلك الدورات يمكنني الالتحاق بها في أي وقت، أما دورة التحنيط فلن تعوض فيما بعد".

وتضيف: "أضافت لي الدورة الكثير من المعلومات التي يجهلها الكثيرون كمعرفة الحيوانات السامة، والعدوانية من شكل رأسها وفكها، واستطعت كسر حاجز الخوف وأمسكت بأفعى لأول مرة بحياتي".

مبادرة تعليمية

وبالعودة لمدرب الدورة عنبر، فهو يهوى تربية الحيوانات والطيور منذ سن مبكرة، وصاحب مبادرة "صديقي الحيوان" المستمرة منذ ست سنوات، ويستهدف بها رياض الأطفال والمدارس والمؤسسات التعليمية والمخيمات الصيفية.

ويوضح أنه تعلم بجهد ذاتي قبل أربع سنوات تحنيط الحيوانات والطيور من خلال قراءة الكتب، وفيديوهات عبر الإنترنت، من أجل تحنيط نمس مصري كان قد شارف على الموت في بيته، اضطر إلى تحنيطه لأنه لا يمتلك المال لشراء آخر.

ويبين عنبر لـ"فلسطين" أنه لأول مرة ينفذ دورة تحنيط خاصة بالأطفال باعتبارهم أكثر الفئات فضولًا، ومن أجل كسر حاجز الخوف بينهم وبين الحيوانات.

صديقي الحيوان (4).JPG
 

ويقول: "أريد أن أكون من أوائل من يؤسسون لعملية تحنيط الحيوانات والطيور في فلسطين، وأرفض الاحتفاظ بأسرار هذه العملية لنفسي وأرغب بنقل تجربتي للأطفال فهم يمتلكون مواهب كبيرة من الممكن تبنيها، كما يمكنهم الاستفادة من هذه التجربة كمادة تدريبية في المواد العلمية المدرسية كالعلوم والأحياء".

ويضيف أنه يريد للأطفال من خلال الدورة تعلم ثقافة الرفق بالحيوان واحترامها وعدم أذيتها باعتبارها كائنات خلقت من أجل إحداث توازن بيئي.

ويحتفظ عنبر بالعديد من الحيوانات التي حنطها بنفسه، من بينها: قرد النسناس، والورى الصخري، وأنواع من القطط، وثعلب، وبومة، وصقر.

ويؤكد أن الحيوان أو الطير يمكن الاحتفاظ به لـ100 عام، ما دام بقي بعيدًا عن التطفل البشري، ووضع في صناديق زجاجية، لأنه عند لمسه باليد يمكن أن تنتقل إليها أنواع بكتيريا وتتلفه.

ويدعو عنبر الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية باحتضان مبادرته، واستثمار خبرته في عملية تحنيط الحيوانات وتمويلها لكي تستمر وتتوسع بين طلبة المدارس.