يلتقي الأمناء العامون في القاهرة بناء على دعوة من رئيس السلطة محمود عباس، التي أعلنها قبل ثلاثة أسابيع، لمواجهة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وفي أعقاب اجتياح مخيم جنين، بتاريخ 3/7/2023، وعملية بأس جنين التي أطلقتها المقاومة.
اللقاء في القاهرة يهدف لطرح إستراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال، وخاصة الحكومة المتطرفة الإسرائيلية، التي تهدد بإعادة اجتياح مخيم جنين، وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، من خلال تكليف وزير المالية المتطرف سموتريتش بالتنفيذ المباشر لتوسعة الاستيطان وبناء آلاف الوحدات السكنية، وعلى الرغم من أن القرار شكلي، باعتبار أن الحكومة تفعل أكثر من ذلك، لكنه يرسخ سيطرة الجماعات المتطرفة الاستيطانية على الضفة الغربية، التي يستبيحها جيش الاحتلال والمستوطنون كاملة.
استجابة الفصائل للقاء القاهرة، ودعوة عباس، تنطلقان من ضرورة نجاح اللقاء، لبناء الإستراتيجية الوطنية لمواجهة حكومة المستوطنين، لكن حتى الآن لم تدل المقدمات على إمكانية الوصول إلى نتائج إيجابية، وتعيدنا للمربع الأول، بحيث تطرح رئاسة السلطة القضايا الخلافية المرتبطة بالوضع الداخلي الفلسطيني، وتغيير جدول الأعمال، من مناقشة كيفية مواجهة حكومة المستوطنين، إلى تشكيل حكومة تعترف بالشرعية الدولية، وهي الذريعة التي تسببت في فشل كل الحوارات الفلسطينية الداخلية، وترفضها غالبية الفصائل الفلسطينية، وخاصة من هي خارج منظمة التحرير، وفي مقدمتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
اقرأ أيضًا: اليمين الإسرائيلي يستعرض خياراته الفلسطينية المتعثرة
اقرأ أيضًا: من جديد.. غالانت في عين العاصفة الإسرائيلية
يضاف لذلك مواصلة السلطة حملات الملاحقة والاعتقالات ضد المقاومين الفلسطينيين، التي كان آخرها اعتقال قادة وعناصر من كتيبة جبع، وكذلك اعتقال قيادات وعناصر من سرايا القدس، وسبق ذلك حملة اعتقالات وملاحقة متواصلة ضد قيادات وعناصر من حركة حماس، وكان أبرزها اعتقال الشيخ مصطفى أبو عرة، وهو من الشخصيات الوطنية، ومن أبرز الشخصيات القيادية في حركة حماس، المعروف بمواقفه الوحدوية.
هذه الحملات يتضح منها أن قيادة حركة فتح تريد إفشال لقاء القاهرة، وتفريغه من مضمونه، ما دفع بحركة الجهاد الإسلامي وفصائل أخرى إلى مقاطعة لقاء القاهرة، وعدم الاستجابة لدعوة عباس، ما يفرغ لقاء القاهرة من مضمونه، ليبدو أن السلطة قد تراجعت عن الدعوة، ولمنع الحرج عن إلغائها وعدم توقع الاستجابة لها، وخاصة من حركة حماس، ذهبت نحو إفشال اللقاءات، واتضح ذلك من لقاء أنقرة الذي جمع عباس وهنية في ضيافة أردوغان.
لقاء القاهرة فقد أهميته بما تقوم به السلطة من إجراءات في الضفة الغربية، وتغيير جدول أعمال لقاء القاهرة، ووضع عقبات عبر اشتراطات جديدة وضعت في لقاء أنقرة، وهذا يعني أن السلطة وقيادة فتح ما زالت متمسكة بخيار التسوية مع الاحتلال، ولا ترغب بوضع إستراتيجية فلسطينية تنطلق من مواقف وطنية لمواجهة حكومة الاحتلال، وتعيد ما جربته سابقًا، بالتعويل على تغيير داخل الكيان، ووجود حكومة تتعاطى مع السلطة ومشروعها السياسي، وبيع الأوهام مجددًا.