قائمة الموقع

بمهارات النساء.. إنصاف قاسم تطعم الناس مونة أولادها

2023-07-25T10:43:00+03:00
انصاف قاسم تعد المونة البيتية وتعلمها للنساء ليمنحهن هذا العمل استقلالية مادية

تحضير المونة البيتية عادة متوارثة لدى القرويين اللبنانيين، ويعد تجهيزها لفصل الشتاء خصوصاً من التراث اللبناني، والأهم أنها لا تزال موضع اهتمام العديد من اللبنانيين الذين يظهرون براعة كبيرة في إنجازها، تمهيداً لتوفير منتجات ذات خصائص فريدة مختلفة جدًّا عن تلك التي تعرضها الأسواق الاستهلاكية العادية.

وفيما تتميز قرى البقاع تحديداً بالاهتمام بصنع منتجات موسم المونة بسبب بيئتها الزراعية، تولي اهتمامًا مماثلاً بتناقل أجيال أبنائها هذا الموروث الثقافي، تقول إنصاف حبيب قاسم، المنحدرة من قرية تمنين الفوقا، قضاء بعلبك.

وتضيف: "لا عمل لدي في الأصل، فأنا ربة منزل، لكنني تعلقت منذ صغري بفكرة العمل في إعداد المونة البيتية، وذلك من خلال مراقبة جدتي التي تعلمت منها الكثير، من دون أن أمارس هذه الأعمال كمهنة في مرحلة أولى".

وتتابع: "تعلمت حتى صف الشهادة المتوسطة، ثم تزوجت وانصرفت لتربية الأولاد والاعتناء بأمور البيت، وبعدها شرعت في إعداد المونة البيتية الذي اعتمدته مهنة، كنت أكتفي في البداية بإعداد الكشك والمكدوس، وأبيعهما إلى أشخاص محددين".

وتلفت إلى أن التحول حصل عندما أعجبت زبونة بالمنتجات، وطلبت تزويدها بكميات منها باعتبار أنني أعد "لقمة طيبة ومميزة، وهذا مرده بالدرجة الأولى إلى رغبتي في أن أطعم الناس كما أطعم أولادي"، لذا لا تتضمن منتجات قاسم موادَّ حافظة وألواناً، حتى أن شراب الورد الذي تحضرّه يحتوي كركديه، ما يعني أنه يخلو من الصبغة. 

وتعد السيدة الستينية العديد من الأصناف المميزة ذات طعم طيب وبنكهات عدة يرغبها الناس ويحبونها، وتقول: "كل الأصناف موجودة لدي، وأنتجها باستخدام أدوات ستانلس لا تُلحق أي أضرار بالصحة، وحصلت على شهادة صحية خاصة بمنتجاتي بعدما أسست جمعية النور للمونة البيتية".

تطوير مهارات النساء

وأسست قاسم "جمعية النور للمونة البيتية" لتشجع النساء على العمل، فغالبيتهن يعملن في المطبخ، ويجدن إعداد المونة، ويمكن أن يمنحهن هذا العمل استقلالية مادية، "وأرغب في أن تعمل النساء، وتظهر كل مهاراتهن على أرض الواقع".

وضمت الجمعية في البداية 12 عضواً أصبحوا 38 حاليًّا، مبينة أن النساء يعملن في مشاريع إنتاج المونة في سبيل كسب الرزق الضروري، وسط الأزمات الاقتصادية التي تعيشها البلاد حاليًّا.

تضيف: "عندما أسست الجمعية وجدت نساءً لا يملكن مهارات وخبرات في تنفيذ أي عمل، فقررت تدريبهن، وقلت لهن إننا سنعمل معاً ونتعاون كي تستطيع المرأة أن تؤمن لنفسها ما تحتاجه، وتخرج من السيطرة الذكورية، وتتمتع باستقلال مادي".

وفعلياً بدأ عمل الجمعية يتطور منذ عام 2013، عندما بدأت تلقي طلبات انتساب كثيرة، لم تتمكن من قبول جميعها بسبب عدم توافر المكان، "ثم قدمت بلدية المنطقة لنا مركزاً للعمل بعدما رأت الجهود التي نبذلها، لكن تجهيز المكان يحتاج إلى حوالي 40 ألف دولار".

وتخبر أن أعمال الجمعية توسعت، ما سمح بتوسيع الانتشار إلى مناطق أخرى داخل لبنان، وترافق هذا الانتشار الواسع مع تأكيد بسلسلة فحوصات أن كل منتجاتنا نظيفة، ولا تحتوي على مواد حافظة، علماً أنها صحية وتتميز بنكهاتها المتعددة، وتباع بأسعار مقبولة أرخص من المحلات التجارية، وهي بالتأكيد صناعة لبنانية مائة في المائة.

حلم إنصاف

وتبذل قاسم جهداً كبيراً لكي تعلم سيدات الجيل الجديد اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و30 المهنة، "لأنها مفيدة لحياتهن، وتسمح باستمرار حضور المنتجات في ثقافة لبنان والقرية، ونحن نعمل للحفاظ على الدورة الاقتصادية الكاملة، إذ نشتري البضائع من مزارعي القرى، ونبيعها ونستفيد منها جميعاً، وبهذه الطريقة نشجع اقتصادنا ومنتجاتنا".

وتحلم قاسم بتوسيع عمليات البيع، وعدم حصرها بالسوق المحلية، وصولاً إلى دول أوروبية وعربية، لأن السوق اللبناني ضيّق. 

ولدى قاسم بضائع مكدسة حاليًّا بسبب عدم توافر أسواق لبيعها، فيما تشكل المعارض التي تشارك بها طريقة لتعريف الناس بمنتجات الجمعية؛ بهدف تصديرها إلى الخارج.

وتلفت إلى أن أسعار المونة لديهم أرخص من السوق والمحلات الكبيرة، فبرطمان مربّى المشمش كلفته 300 ألف ليرة لبنانية (نحو 3 دولارات).

اخبار ذات صلة