عندما يحل فصل الصيف في مدينة الخليل، يبدو الريف الجميل مذهلاً مع موسم دوار الشمس، إذ تتوهج حقول النبات المزهو باللونين الأخضر والأصفر وتصبح محط اهتمام الفلاحين والمواطنين الفلسطينيين.
وتشهد حقول دورا في الجنوب الغربي من الخليل، نشاطًا ملحوظًا في زراعة دوار الشمس حيث يعمل الفلاحون بجد لزراعة البذور ورعاية النباتات، ويعكفون على تجهيز التربة وري المحاصيل وإزالة الأعشاب الضارة، وذلك بهدف ضمان نمو قوي وصحي للنبات.
ويقول المزارع عاطف فخارنة، إن نبات دوار الشمس يتميز بسهولة زراعته، إذ يتم وضع البذور في الأرض وسقيتها بشكل منتظم وفيما بعد ينمو النبات ويتكون رأس الزهرة الشهير الذي يحمل البذور وحبوب اللقاح.
ويوضح لـ"فلسطين" أن موسم زراعة دوار الشمس يبدأ منذ منتصف شهر مارس وحتى منتصف شهر إبريل، حيث يبدأ ساقه بالنمو إلى أن يصل لمتر أو متر ونصف المتر، بعدها ينتقل النمو للقرص فيصل إلى حجم عشرة سنتيمترات، وعملية جنيه تكون في شهر يوليو.
ويضيف فخارنة أن موسم دوار الشمس يجتذب الزوار من مختلف المناطق، ليستمتعوا بجمال المناظر الطبيعية الخلابة ويشتروا بذور ومنتجات دوار الشمس المشتقة، والتقاط الصور وخلق ذكريات لا تُنسى.
ويلفت إلى أن موسم دوار الشمس لا يشكل مصدرا رئيسا للدخل للمزارعين بسبب استيراد البذور من الخارج، "لكننا نتمسك في زراعته اعتبارًا أن هذه الزهور الشمسية جزءٌ لا يتجزأ من التراث الزراعي والثقافي للمدينة".
بذور مغذية
وعن استخدامات بذور دوار الشمس، يشرح بالقول، إن بذور دوار الشمس تستخدم في إنتاج زيت الشمس الصحي والمغذي، إضافة إلى استخدامها في صناعة المواد الغذائية والحلويات، وحتى في تجهيز الأعلاف الحيوانية.
كما تدخل البذور في إنتاج المكسرات وتحتوي على قيمة غذائية عالية وبروتينات وألياف غذائية، كما أنها مورد رخيص ويسهل الحصول عليه، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للمصنعين والمعالجين في صناعة المكسرات.
ويتابع أن دوار الشمس يشكل مصدرًا مهمًا للطيور والحشرات التي تتغذى عليه، إضافة أن جذوره القوية تساعده على تحمل ظروف النمو القاسية والتغيرات المناخية المتعددة، ما يجعلها نبتة قوية ومثابرة في البقاء والانتشار في العديد من المناطق.
وتعد مدينة الخليل من أشهر المدن الفلسطينية التي عُرفت بزراعة دوار الشمس بسبب تضاريسها الجبلية وتربتها الخصبة وما تتميّز به من التوازن المناسب بين التربة والرطوبة والحرارة، ما يوفر بيئة مثالية لزراعته.
وتعود جذور زراعة هذا النبات إلى منطقة أمريكا الشمالية، وتحديدًا المناطق التي تمتد من أمريكا الشمالية الغربية وحتى الجنوبية الشرقية، في حين انتقلت زراعته إلى فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي، بفضل الطلب المتزايد على زيت الشمس الذي يستخرج من بذوره.
تراثٌ زراعي
ويقول المهندس مصطفى الطردة، إن نبات دوار الشمس يزرع في الأراضي البعلية الحقلية، وتبلغ المساحة الزراعية التي يحتلها من بلدة دورا ما لا يقل عن خمس دونمات في حين تزرع آلاف الدونمات الأخرى باللوزيات والزيتون والمزروعات البعلية.
ويضيف أنه من المهم اختيار التربة الملائمة وتوفير التصريف الجيد والعناصر الغذائية الأساسية في التربة، مشيرًا إلى أن نبات دوار الشمس يحتاج إلى أشعة شمس كافية وحرارة معتدلة للنمو وتكوين البذور.
وعن أبرز الصعوبات في زراعة دوار الشمس يبين الطردة أن هذا النبات لا يمثل مصدر رزقٍ للمزارعين، بسبب كميات البذور التي تستورد من الخارج بما في ذلك مشتقاته وعدم توافر مصانع لاستخلاص وإنتاج الزيوت منه، فكثير من المزارعين يزرعونه نوعًا من التراث الزراعي فقط، ويفضل استغلال أرضه في زراعة نباتات أكثر ربحًا وإنتاجًا من دوار الشمس.